المجلة الطبية

نوافذ البرد ومفاتيح العلل

-
د. عبد الحميد الصهيبي

نوافذ البرد ومفاتيح العلل

 

بلا استئذان حل البرد ضيفا ثقيلا يعجز الكثير عن تلبية متطلباته والتكيف مع وجوده.. وعبر النوافذ باختلاف احجامها ومواقعها أطل بلفحاته التي تؤكد الأمثال انها مفاتيح للعلل.

وإن اختلف البعض مع هذا المثل وهم يجدون في البرد فرصة للتخلص من بعض مشاكل الأجواء
الحارة.. فضلا عن الاعتقاد بأنه أنسب لمواجهة والتخلص من بعض الحشرات وخصوصا الذباب والبراغيث وغيرها. إلا ان العلم الى حد كبير يصطف مع مدلول المثال فالبرد مفتاح العلل.

فهو- أي البرد – من أهم العوامل التي تثير وتعزز حدوث مشاكل صحية وتزيد من معدلات حدوثها.

وليست وحدها الأمراض المعدية وانتشار الإصابة بالإنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي والأنف والأذن والحنجرة.. والتهاب اللوزتين بصورة متكررة وآلام العظام والمفاصل وحدها التي تزداد أرقام الإصابات بها وبالذات في أوساط الأطفال.. وتتعدد أشكال الشكوى التي تنجم عنها.. بل إن هناك امراضا اخرى ولعل من أهمها على سبيل المثال للحصر الذبحة الصدرية وهو ما يستدعي أخذ الاحتياطات اللازمة لكل ما سبق الإشارة اليه.

إقرأ أيضاً..نصائح لمواجهة نزلات البرد بدون أدوية

نؤكد على ذلك في ظل ظروف مختلفة وفيها الكثير من التعقيدات نجمت عن ظهور جائحة كورونا وارتباط معدل حدوثها بمشاكل الجهاز التنفسي.. ويلعب العطاس والسعال دورا رئيسيا في انتقال الإصابة من شخص لآخر من خلال الرذاذ.. فضلا على ذلك فإن التمييز بين أعراض الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والتي نعتاد حدوثها ونتعامل معها في مواسم البرد في الأعوام السابقة قد يكون أحد أهم التحديات للكوادر الصحية. وقد نتوقع مزيدا من التردد على المرافق الصحية من قبل المواطنين خوفا لعدم استجابة بعض الحالات لالتهابات الانفلونزا الموسمية لأساليب المعالجة المعتادة وهو ما ينبغي الإشارة اليه والدعوة الى أن تكون لدينا كل الاستعدادات اللازمة لذلك.

ولا شك أن تأثيرات الإصابة بفيروس كورونا وما تنجم عنها من زيادة معدل حدوث التجلط في الدم والذي تسبب في حدوث عدد من الوفيات بسبب الذبحة الصدرية.. يعد عاملا مهما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار حيث أن حدوث الذبحات الصحية يرتبط كذلك بالتعرض للبرد وقد لا يكون ناجما عن كورونا.

وجدير بالذكر العودة للتأكيد على اهمية العامل النفسي والفهم الكافي لاستغلال الممكن في مواجهة الامراض باختلاف مسبباتها.. فالتباعد، واستخدام أدوات الحماية الشخصية، وتغطية الفم والأنف عند العطاس والسعال.. واجتناب الأماكن المزدحمة وتزويد الجسم بالفيتامينات الضرورية كفيتامين سي والإكثار من السوائل الدافئة.. وهو ما يمكننا اعتباره الاستعداد اللازم بعيدا عن التكاسل والإهمال.

قد يهمك..“فيروس البرد” يحدث ثورة في علاج سرطان المثانة

كل ذلك وغيره مهم، خصوصا مع عودة الطلاب الى المدارس بعد طول انقطاع، وعلى الجميع التعاون والعمل من أجل مساعدة المؤسسات التعليمية والصحية في إدارة الوضع خلال موسم الشتاء بصورة ملائمة تحمل الصحة والمعافاة لأبناء المجتمع جميعا وفي مقدمتهم بلا شك أجيال المستقبل.. طلاب العلم.

وللجميع خالص الأمنيات بدوام التوفيق.

وقفة ختام:

خلال الفترة ٢٠الى ٢٤ اكتوبر ٢٠٢٠م شاركنا في متابعة الجلسات العلمية لكثير من الخبراء العالميين في صحة الرئة.. في إطار فعاليات المؤتمر العالمي لصحة الرئة عبر الانترنت حاولنا الحصول على كل ما هو جديد في هذا المجال.. وفي أهم المبادرات الابتكارية في مواجهة والتصدي لأمراض الرئة وفي مقدمتها السل.. وكان من اللافت وجود قناعات حقيقية حول أهمية أن يشهد العالم خطوات أكثر جرأة في مجال معالجة السل.. والسعي الحثيث لإيجاد حلول أفضل والعمل على إحداث نقلة نوعية ينجم عنها تغيير في فترة المعالجة.. والتخفيف من أعباء الاستمرار تحت البرنامج العلاجي لمدة ستة اشهر وأكثر.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

كثير من المعارف والمعلومات تحصلنا عليها ليؤكد الإنسان أن فيروس كورونا لن يكون سببا لتوقف مسارات الابتكار والتعلم الصحي والمجتمعي.. بل إنه ربما فتح الباب للتفكير في حلول بديلة تدعمها تقنيات التواصل والاتصال عبر العالم الافتراضي ليكون وسيلة للمعرفة والعلم والبناء.. لا أن تكون مجرد حالة إدمان للتواصل غير المفيد بل وما يحمل الكثير من مخاطر الهدم والتدمير.

Exit mobile version