أطفال اليمن بين خطرين.. سوء التغذية وجهل بطرق الوقاية منه
المجلة الطبية_ نجود العامري|
توفيت الطفلة فاطمة الأسعدي، ذات العامين، في محافظة إب التي تبعد 193كم عن العاصمة صنعاء نتيجة لإصابتها بسوء تغذية حاد وخيم، بعد يوم على إسعافها إلى المركز الصحي في مديرية فرع العدين.
تقول والدة فاطمة لـ المجلة الطبية أن طفلتها كانت تتناول الطعام بشكل طبيعي، وهذا ما تسبب في عدم نقلها إلى المركز الصحي في الوقت المناسب.
وتضيف بحزن “لقد تفاجأنا بنتائج التشخيص الطبي عندما بينت إصابتها بسوء تغذية حاد” نتيجة اعتمادها على نوع واحد من الغذاء.. أدى إلى تدهور المناعة وفقر دم حاد لتفقد الحياة في اليوم التالي من وصولها المركز الصحي.
وفي هذا السياق تؤكد زهرة علي، مساعدة طبيب، في المركز أن الطفلة فاطمة وصلت إليهم في وضع سيئ للغاية نتيجة إصابتها بسوء تغذية وخيم.
وتعرف منظمة الصحة العالمية سوء التغذية الوخيم بأنه ” هزال أو تقزّم جسم الطفل حيث يكون (أقلّ من -3 درجات معيارية للطول مقابل السن)”
وقالت زهرة علي لـ المجلة الطبية “قدم المركز الرعاية الممكنة للطفلة لكن الحالة كانت متأخرة ولم ينفعها العلاج”.
إقرأ أيضاً..دراسة تكشف عن سبب خطير لإصابة الأطفال بالربو
ارتفعت حالات سوء التغذية الحاد والوخيم في اليمن بين الأطفال تحت سن الخامسة إلى أعلى مستوياتها هذا العام.. بسبب تردي الوضع الاقتصادي والصراع الذي انعكس على المستوى المعيشي للمواطنين.
ارتفاع المصابين وضعف الإمكانيات
أكدت الدكتورة أروى سعيد – طب عام- أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية ممن يستقبلهم المركز الذي تعمل به في منطقة الخميس إحدى ضواحي مدينة إب زادت بشكل كبير، لكنها لا تمتلك احصائية دقيقة.
وترجع الدكتورة أروى السبب إلى عدم قدرة الأهالي على توفير الغذاء الكافي والمناسب لأطفالهم بسبب ” استمرار التدهور الاقتصادي الذي خلفه الصراع الدائر منذ 6 سنوات” تقريبا.
وبحسب حديثها لـ المجلة الطبية يتعامل المركز مع الحالات المصابة بسوء التغذية وفقاً للإمكانيات المتاحة المقدمة من الدولة وبعض المنظمات المحلية والدولية.. مستدركة “ما يتم تقديمه لا يكفي لعلاج جميع الحالات، خاصة تلك التي تعاني من سوء التغذية الحاد”.
وأضافت الدكتورة أروى “المركز يستقبل أيضا حلات سوء التغذية عند النساء خاصة الحوامل منهن وحديثات الولادة والمرضعات”.. ويعود سبب الإصابة إلى عدم توفر الغذاء المناسب لهن أثناء فترة الحمل”.
وفي هذا السياق أكدت منظمات أممية تعمل في اليمن ارتفاع عدد المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم بين الأطفال دون سن الخامسة.. ووصفته بأنه “ارتفاع كبير جدا.. إلى أعلى مستويات يتم تسجيلها في أجزاء من اليمن” مع تسجيل أكثر من نصف مليون حالة في المحافظات الجنوبية”.
قد يهمك..الدكتورة الهبوب: عدم تحصين الأطفال يعرضهم لأمراض خطيرة
أسباب الإصابة وطرق الوقاية
كانت الطفلة وعد حسين الخولاني -3أعوام- أكثر حظا من فاطمة عندما وصلت إلى مستشفى إب في الوقت المناسب.. ليتم انقاذ حياتها رغم أن التشخيص يؤكد إصابتها بسوء التغذية الحاد، وهذا ما فاجأ والدتها.
تقول والدة وعد لـ المجلة الطبية ” كنا نجهل ضرورة التنوع الغذائي للأطفال لذا فقد تفاجأنا عندما أخبرنا الطبيب بأن الطفلة تعاني من سوء التغذية”.. ويجب أن تحصل على غذاء متنوع مثل البيض والحليب والخضروات والفواكه.
وتضيف “الوجبات الغذائية التي تعتمد عليها الأسرة تتكون من نوع واحد وبشكل متكرر”.
أخصائي التغذية الدكتور ضياء الدميني طالب الأهالي بضرورة التنوع في الطعام للأطفال من المواد الغذائية المتاحة.. خاصة في الأرياف مثل الحبوب بأنواعها والبيض والخضروات.
وأكد أن هناك أسبابا عديدة تؤدي إلى الإصابة بسوء التغذية منها حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي تؤدي إلى عدم قدرة الجسم على امتصاص الغذاء، بالإضافة إلى تقليص عدد الوجبات وعدم التنوع في الأطعمة.
وأوضح لـ المجلة الطبية أن الإصابة بسوء التغذية قد تؤدي إلى ضعف في المناعة ومرض التقزم والعصبية الزائدة.. ونقص الوزن ومشاكل صحية اخرى “وفي الحالات المتقدمة قد تؤدي إلى الوفاة”.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
وشدد الأخصائي الدميني على ضرورة نقل الحالات المتقدمة بسوء التغذية إلى المستشفى للعلاج “تحت إشراف الطبيب”.. مبينا بأن بعض الحالات المتقدمة تستدعي نقل الغذاء الى معدة المريض عن طريق انبوب مخصص أو عن طريق حُقن وريدية.
أما في الحالات المتوسطة فيتم العلاج عن طريق التغذية الطبيعية باتباع نظام غذائي متوازن، ويفضل أن يكون تحت إشراف الطبيب، حد قوله.
وينصح الدكتور الدميني الأهالي بتجنب الإصابة بسوء التغذية عن طريق التنويع في الطعام والحرص على تناول الخضروات والفواكه بشكل مستمر بالإضافة إلى المكملات الغذائية.
الأمم المتحدة تحذر
بينما حذرت المنظمات في بيان مشترك صدر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي وشركائهم، من أن ما لا يقل عن 98,000 طفل دون الخامسة معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم في حال لم يتلقوا العلاج بصورة عاجلة، فإن ما لا يقل عن ربع مليون امرأة حامل أو مرضع بحاجة للحصول على علاج لسوء التغذية في اليمن.
ورغم ذلك يحمل البيان الذي صدر مؤخرا تحذيرا لخبراء في الأمم المتحدة من أن العدد الفعلي للحالات يفوق ذلك على الأرجح، بسبب تفاقم العوامل المسببة لسوء التغذية في اليمن في العام 2020.
