د. ص / محمد النزيلي
المضادات الحيوية.. المفهوم الشعبي والممارسة
حبة مضاد حيوي – مضاد أبو 500 – مضاد أبو 100
هكذا يرى العامة المضادات الحيوية وهكذا يتم طلبها في الغالب، المفهوم الشعبي قاصر.. وكذلك كثير من الممارسين الأطباء يغريه كتابة المضادات الحيوية فهي وسيلة علاجية فاعلة وسلاح فتاك بالجراثيم.
في البداية المضادات الحيوية مركبات علاجية كيميائية وبعضها يستخلص من النباتات وبعض الفطريات ومن ثم يتم تخليقها معمليا.. هذه الأدوية في الغالب تقتل الجراثيم من بكتيريا أو فطريات ولا تقتل الخلية الحية للإنسان.
المضادات الحيوية انقذت وما زالت تنقذ الملايين من البشر ولكن للذكاء البيولوجي للبكتيريا يتم تكوين مقاومة بكتيرية لمفعول هذه الأدوية.. وعندها يقف المضاد الحيوي عاجزا عن أداء مهمته ضد الجراثيم المرضية وهذا يشكل هاجس عالمي يحظى باهتمام مؤسسات خدمات الرعاية الصحية والوزارات والمنظمات.. خصوصا اذا علمنا ان الشركات المبتكرة في الغالب توجه جهودها البحثية نحو ابتكار عقاقير وأدوية لأمراض ذات كلفة علاجية عالية.. تدر عليها أرباح تعوضها عن خسائر البحث والتطوير وشبه عازفة عن إنتاج وابتكار مضادات وأجيال جديدة.. تواكب التسارع المخيف في مقاومة المضادات الحيوية.. وهذا التوجه أضحى ملاحظ في غالبية المؤسسات البحثية نتيجة صافي القيمة الحالية الضئيل للمضادات المبتكرة مقارنة بتكاليف انتاجها من خلال البحث والتطوير.
إقرأ أيضاً..تحذير من خطورة المضادات الحيوية على الأطفال
رافق هذا الأمر بعض الممارسات الخاطئة من قبل مقدمي الرعاية الصحية الذين يغريهم مفعول المضادات لتحقيق انجاز سريع مع المريض المصاب.. العشوائية وضعف رشد استخدام هذه المنتجات ضاعف من احتماليات المقاومة لهذه الادوية.. وهذا ما دفع كثير من الدول والجمعيات الطبية التخصصية لعمل ادلة لترشيد ووصف المضادات الحيوية.
ولابد من التنويه إلى أن كل مضاد له استخدام مختلف عن الاخر حسب نوع الصبغة ايجابي وسلبي وهنالك مضادات واسعة الطيف.. ويحكم فعالية المضاد نوعية البكتيريا وحساسيتها ومكان تواجدها و توافر المضاد الملائم لذلك النسيج و مدى امتصاصه وطريقة عملة فالبعض يقتل البكتيريا.. والبعض يمنع تكاثرها ولكل مضاد تركيز ادنى لفعاليته تختلف من مركب لآخر وجرعات مختلفة وتراكيز مختلفة تعتمد على نوع المضاد ونوع الجرثومة وخصائصه الحركية في جسم الانسان وعمر و وزن المريض أو طولة ومساحة الجسد للمريض احيانا و اعادة افرازه في أماكن معينة أو من خلال غدد معينة وشدة ارتباطه بأنواع معينة من الأنسجة.
قد يهمك..تحذير هام من استعمال المضادات الحيوية بشكل غير سليم
وكل هذا يقودنا إلى أن المضادات أدوية مختلفة ومتباينة يحكم وصفها عوامل كثيرة متعلقة بالجرثومة أو المريض أو خصائص المضاد ذاته.. وهذا مؤشر هام على الاعلام الصحي التوعية به ولا يجوز وصف وصرف المضادات إلا عبر وصفة رسمية من مختص.. وفق بروتكولات معدة مسبقا من وزارة الصحة أو الجمعيات الطبية المختصة.
ولشحة المضادات وتسارع المقاومة نجد أن المضادات اسلحة بيولوجية للأمن الصحي فعلى الدولة والهيئات الدوائية الوطنية تسجيل اكبر كم من المضادات وحجز عدد معين واخضاع وصفة للرقابة الصحية تفاديا لاكتساب الجراثيم مناعة ضدة وعمل اليات ضامنة لذلك.
ومن الجدير ذكره أن هناك عوامل تقلل من مقاومة المضادات هي تقليل الوصف والصرف العشوائي وتبني برنامج يدير بروتكولات صرف المضادات وعمل احتياطي تحت الرقابة وعدم استعمال المضادات بشكل متكرر أو لفترات طويلة كما ان على الاطباء التركيز على الجرعة الملائمة لكل مريض ومتى بالضبط يتم اخذ الجرعة التالية خوفا من تعرض البكتيريا لجرعات تحت علاجية بالإمكان ان تسهل تكون المقاومة، ونضمن توافر الجرعات العلاجية الكافية لكل مريض.
وعلى هيئات الدواء اعادة تقييم وتسجيل المضادات الحيوية دوريا كل خمس سنوات كحد اقصى.. للتمكن من تنفيذ الاستراتيجيات الفعالة في هذا الامر. ويفضل انتقاء المضاد الملائم لكل نوع بالاستعانة بالمزارع المخبرية لاختيار المضاد الاكثر حساسية لكل نوع من الجراثيم.. وكما نعلم هناك بكتيريا وفطريات نافعة للجسم والاستخدام الطويل للمضادات قد تقتل البكتيريا أو الفطريات النافعة المستوطنة جسم الانسان مما يسبب اختلالات عضوية ينتج عنة الاسهال أو ظهور اصابات انتهازية من جراثيم مرضية جراء اختلال التوازن الطبيعي للجراثيم في الجلد أو المهبل أو القناة الهضمية.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
توعية المريض مهمة وكذلك بناء الأدلة العلاجية للممارسين مهمة وتتظافر جهود السلطة الصحية وهيئات الدواء في الرقابة الصارمة.. وحجر مجموعة من المضادات كوسيلة للأمن الصحي حال تطور أي نوع من انواع المقاومة لدى بعض المضادات.
وصرف أي مضاد بالحبة أو بشكل عشوائي يعرض المجتمع بأسرة لخطر وتهديد المقاومة للمضادات الحيوية.. فلابد من تواجد برنامج وطني ذو استراتيجية واضحة في ادارة استخدام وصرف المضادات الحيوية والتوعية بمخاطر المقاومة للمضادات الحيوية.
* مدرس الاقتصاد الدوائي / رئيس مجلس إدارة نقابة ملاك صيدليات المجتمع – اليمن
Source : https://alttebiah.net/?p=12687