كادت الطفلة سماح علي، ذات العام والنصف، أن تفقد حياتها بعد أن عانت من أعراض الحمى لأربعة أيام متتالية.. نقلت على إثرها الى قسم الإسعاف والطوارئ في مستشفى الملك الأهلي شمال العاصمة صنعاء.
تقول والدة الطفلة “اعتقدت أن سماح تعاني من حمى بسيطة سرعان ما تزول أعراضها” لكن الطفلة أصبحت تتنفس بصعوبة وملامح وجهها شاحبة.. فوضعها الأطباء على جهاز التنفس الاصطناعي ومغذيات في وريدها لإنقاذ حياتها، “لو تأخرنا على علاجها لكانت سماح في عداد الموتى” حسب قول أهلها.
تعرضت سماح لفيروس أصابها بنزلة برد والتهاب اللوزتين ولم تحصل على العناية المطلوبة ما أدى إلى إصابتها بالتهاب في حلقها.. وصعوبة في البلع أثر على قدرتها على الأكل والرضاعة بالإضافة إلى بداية انسداد في مجرى التنفس.
وبحسب حديث والدتها لـ المجلة الطبية ” بدأت باستعادة عافيتها تدريجيا مع الاستمرار في استخدام الأدوية والمواد الغذائية التي أوصى بها الطبيب مثل اليانسون مع العسل والسوائل الدافئة.
أكد أخصائي الباطنية – الدكتور عبدالكريم القدسي – أن هناك أمراضا ارتبطت بفصل الشتاء بسبب طقسه البارد وأصبحت معروفة.. سواءً كانت لأسباب فيروسية أو بكتيرية، وأشهرها الأنفلونزا الموسمية والتهابات الجيوب الأنفية والأذن الوسطى والتهابات اللوزتين وكذلك النزلات المعوية بسبب البرد أو الفيروسات.
ولفت الدكتور القدسي في تصريح لـ المجلة الطبية إلى أن كورونا المستجد كوفيد-19 قد أضيف الى قائمة الأمراض الفيروسية.. كونه يصيب الجهاز التنفسي أساسا وينتشر أيام البرد بشكل مضاعف.
الحرص على صحة كبار السن
جرب السبعيني عبدالله قايد عدداً من الأدوية التي كان يشتريها من الصيدليات بدون وصفة طبية، وبعد أسبوع من ظهور أعراض “نزلة البرد”.. وتفاقم وضعه الصحي اضطر ابنه لنقله إلى مستشفى المؤيد في مديرية بني الحارث بالعاصمة صنعاء.
أخبرنا الأطباء بأن والدي كان يعاني من نزلة برد عادية لكن الإهمال كاد أن يتسبب له بمشكلة صحية نظرا لتقدمه في السن، حسب قول ابنه خالد.
وصف الأطباء للمواطن قايد مغذيات وفيتامينات وأدوية خاصة لتقوية المناعة، مع الاستمرار بشرب السوائل.. وتناول الفواكه والخضروات وتجنب التعرض للهواء البارد، خاصة في الليل والصباح الباكر.
فيما تمكنت الطفلة سماح والطاعن بالسن قايد من العلاج في مستشفيات صنعاء.. يتعالج أغلب سكان القرى من أمراض البرد بالطرق التقليدية تناول المشروبات الدافئة المصنعة منزليا. ووضع الكمادات الدافئة لتخفيض درجات حرارة الجسم.
يقول زيد محمد “53 عاما” بأن غالبية سكان قريته التي تقع في ريف محافظة إب جنوب العاصمة صنعاء يعانون من أعراض مرض نزلة البرد كالحمى وآلام الحلق والرشح والسعال منذ أيام، مضيفا “هناك عائلات كاملة تعاني من هذه الأمراض التي منعتهم من التوجه للعمل في مزارعهم تاركين ابقارهم وأغنامهم حبيسة في زرائبها دون أعلاف “.
المفارقة، أن الأهالي خاصة في الأرياف، يعتقدون بأن المرض الذي يصيب عددا كبيراً من الناس لا يمثل خطر على حياتهم ويطلقون عليه في بعض المناطق “مرض مسيّر” أي مرض عابر، حد تعبير زيد.
الأطفال الأكثر عرضة لأمراض البرد
أفاد الدكتور القدسي بأن معظم الأطفال يصابون في بداية موسم البرد، “بل إن الكثير من الأطفال حالياً مصابون”.. ولذلك يتوجب على الأهالي زيارة الطبيب عندما يصبح التحكم بدرجة حرارة الطفل صعبا، “عندما تكون حمى مرتفعة ولا تستجيب لخافضات الحرارة”.
ونصح القدسي بضرورة تجنب التعرض لموجات البرد والرياح الباردة بشكل مباشر، وحماية الأطفال من البرد بالملابس الشتوية المناسبة.. وعدم اصطحابهم أثناء الخروج في المساء أو الصباح الباكر، مشددا على أهمية تقوية مناعة الأطفال من خلال الحرص على الرضاعة الطبيعية، بالإضافة إلى تناول العصائر الطازجة والفواكه. والإكثار من تناول المشروبات الدافئة وعدم التواجد في الأماكن المكتظة حتى لا تتسهل طرق انتقال العدوى.
ارتفاع نسبة الإصابة بداية الشتاء
أكدت نائب رئيس قسم الباطنية في المستشفى الجمهوري في العاصمة صنعاء – الدكتورة منى اسكندر – ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض البرد هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة مؤكدة أن فئة الأطفال هي الأكثر إصابة بالإضافة إلى كبار السن لضعف مناعتهم، مشيرة إلى عدم توفر إحصائيات دقيقة.
وقالت الدكتورة منى اسكندر في حديثها للمجلة الطبية: “لا يوجد بروتوكول علاجي محدد وخاص بأمراض البرد.. لكن في المجمل نتبع كأطباء بروتوكولا يشمل التخفيض من حدة اعراض المرض ومضاعفاته”.
وأوصت الأهالي بالانتظام في شرب كميات وافرة من السوائل وتناول البصل والثوم والليمون لتقوية المناعة.. وتجنب تناول المنبهات والمشروبات الغازية، وأخذ قسطاً من الراحة، وكذلك استخدام البخاخات وقطرة الأنف المحتوية على محلول ملحي للتخلص من انسداد الأنف.