غياب التوعية يضاعف معاناة المتعايشين مع السكر في اليمن
المجلة الطبية_ أحمد جمعان|
بترت القدم اليمنى للخمسيني سعيد مبارك عامر من أبناء جزيرة سقطرى جنوب اليمن نتيجة لمضاعفات قدم السكري إثر تعرضها لجرح بمسمار بعد ثمان سنوات من التعايش مع المرض.
اكتشف عامر الذي كان يعمل في مجال التعليم إصابته بالسكر في العام 2005 لتبدأ مرحلة التعايش معه معتمدا على الأدوية التي أوصى بها الطبيب.. غير أن الأمر لم يستمر كما خطط له بعد أن أصيب قدمه بجرح في العام 2013م.
يقول عامر لـ المجلة الطبية “بعد يومين من تعرضي للجرح شعرت بحمى شديدة وتورم في القدم وخروج دم متخثر من الجرح وتم إسعافي إلى المستشفى”.
قدم الأطباء في الجزيرة الإسعافات الأولية وإزالة جزء من طبقة الجلد المحيط بالجرح بغرض
تنظيفه.. لكن الجرح توسع مما أدى إلى تفاقم الحالة ما اضطره للسفر إلى مدينة المكلا شرق اليمن.
أجرى عامر عددا من الفحوصات في مدينة المكلا وبعدها نصحه الأطباء بالسفر إلى العاصمة صنعاء، حيث قرر الأطباء بتر اصبعين من القدم.. لم يمر وقت طويل حتى تعرضت حياته الصحية لانتكاسة أخرى ليقرر الأطباء هذه المرة بتر القدم من المرفق.
يعاني عامر أيضا من مشاكل في القلب والأعصاب بعد أن نجى من جلطة دماغية خفيفة، حد قوله، لكنه ما يزال يشتكي من.. “عدم توفر المواد الغذائية الخاصة بمرضى السكر” لذا ينصح المصابين بالابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على السكريات والنشويات.
إقرأ أيضاً..معاناة أطفال السكري في اليمن تبدأ قبل اكتشاف الإصابة
إلى جانب عامر يعاني مئات المتعايشين مع السكري في اليمن من مضاعفات عديدة بسبب غياب الوعي الصحي وتأخرهم في طلب استشارة الطبيب المتخصص.
انعدام الأدوية خطر يهدد المتعايشين
أكد نائب مدير مكتب الصحة والسكان للخدمات الطبية والعلاجية بمحافظة سقطرى – الدكتور عصام صالح ثاني.. أن الجزيرة تعاني من نقص اختصاصيي الغدد الصماء، لذا يواجه المتعايشين مع السكر مشكلة في عملية ضبط العلاج المناسب، بالإضافة إلى ضعف التوعية حول السكر والتعامل معه. ولفت إلى أن أغلب المتعايشين مع المرض لا يلتزمون بالخطة الغذائية نظرا للوضع الاقتصادي المتردي ما يتسبب لهم بمضاعفات السكر.
وبحسب -الدكتور ثاني- توقف إمداد مكتب الصحة بالأدوية الخاصة بالسكري التي كانوا يحصلون عليها من المنظمات وتمنح للمتعايشين مجانا منذ بداية جائحة كورونا المستجد كوفيد-19.
وخلال هذه الفترة بعث مكتب الصحة عددا من الرسائل إلى وزارة الصحة في عدن والمنظمات ذات العلاقة يوضح لهم الوضع المؤلم ويطالبهم بتوفير الأدوية ولم يتم الاستجابة حتى الآن، وهذا ما يمثل تهديدا كبيرا على صحة المتعايشين مع السكر، خاصة في ظل عجز المكتب عن توفيرها بسبب أسعارها المرتفعة، حد قوله.
ولا يتجاوز عدد المتعايشين مع السكري من سكان الجزيرة المسجلين في مكتب الصحة الـ 100 حالة، منهم 20 يعتمدون على الحقن الأنسولين.
أوضح -الدكتور ثاني- لـ المجلة الطبية أن هناك أعدادا أخرى تم تسجيلها في مستشفى الجزيرة ولم تستكمل إجراءات منحها بطائق من المكتب بانتظار استيفاء الوثائق الرسمية.
وأفاد بأن عدد المتعايشين مع السكر يرتفع باستمرار، متوقعا وجود حالات كثيرة أخرى لم يتم الوصول إليها.. لذا فإن “مكتب الصحة بحاجة لمسح ميداني شامل لمعرفة العدد الحقيقي”.
ويبلغ عدد سكان الجزيرة 45 ألف مواطن وفق آخر عملية تعداد عام 2004 غير أن بعض الجهات الحكومية تتوقع أن عدد سكانها اليوم يتراوح بين 80 إلى 100 ألف مواطن.
غياب التوعية
تستقبل المستشفيات الحكومية في صنعاء بشكل يومي عددا من الحالات المصابة بمضاعفات السكر مثل الإصابة بمشاكل في القلب.. وضيق الأوعية الدموية وهذا قد يؤدي إلى ذبحة صدرية، بالإضافة إصابة الأعصاب الطرفية في اليد والقدم.. وفي حالة إهمال علاج الحالة، يمكن أن يفقد المريض الإحساس بالأطراف المصابة.
قد يهمك..مكمل غذائي هام يحد من نزلات البرد والإسهال والسكري
كما أن هناك مضاعفات أخرى ليست أقل خطورة مثل تلف الكلى واعتلال شبكية العين والإصابة بالقدم السكري.. وضعف حاسة السمع وبعض الأمراض الجلدية.
ومعظم هذه المضاعفات كان يمكن تجاوزها في حال أدرك المتعايشون ما يجب عليهم القيام به.. سواء بالنسبة لنوع ونسبة الغذاء أو الدواء.
ونتيجة لضعف الإمكانيات التي هي انعكاسا للصراع الدائر باليمن من خمس سنوات.. غابت حملات التوعية والتثقيف حول السكري ومضاعفاته التي كانت تنفذ سابقا.
اكتشاف الإصابة بالصدفة
شعرت الأربعينية منتهى غالب -التي تعيش في محافظة ذمار جنوبي العاصمة صنعاء- باهتزاز أسنانها فجأة.. مما اضطرها لاستشارة طبيبة الأسنان التي طلبت منها إجراء فحص تراكمي للسكر.
بالصدفة اكتشفت -غالب- إصابتها، فشكلت صدمة كبيرة بالنسبة لها، حسب قولها لـ المجلة الطبية “التزمت بالأدوية والخطة الغذائية التي أوصاني بها الطبيب حتى أمارس حياتي بشكل طبيعي”.
مر عام على اكتشافها للإصابة ومن حينها تمارس رياضة المشي في الصباح لمسافة قد تصل إلى ثلاثة كيلومتر.. بصحبة إحدى جاراتها المتعايشة أيضا مع السكر، حسب قولها.
وفي هذا السياق يقول الأخصائي في مرض السكر الدكتور جميل الجندبي.. أن هناك مؤشرات صحية تكشف عن إصابة الفرد بمرض السكري منها العطش الشديد طوال اليوم والشعور بالجوع.. حتى بعد تناول الأكل، بالإضافة إلى نقص الوزن والشعور بالتعب بدون بذل أي مجهود.. و”زغللة” في العيون والتبول باستمرار على فترات قصيرة.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
ونصح الدكتور الجندبي – في تصريح لـ المجلة الطبية – الأهالي عند الشعور بأي من الأعراض بضرورة إجراء الفحوصات اللازمة.. كما نبه المتعايشين مع السكر إلى أهمية إجراء الفحص الدوري (فحص السكري التراكمي كل 3 شهور).. لمعرفة مستوى السكر في الدم ومن ثم الالتزام بالأدوية التي أوصى بها الطبيب المشرف على الحالة.
كما طالب المتعايشين أيضا بالالتزام بالنظام الغذائي إذ “لا يوجد نظام غذائي موحد لجميع المتعايشين فكل حالها لها ظروفها الخاصة.. ” بالإضافة إلى ضرورة القلاع عن التدخين وممارسة رياضة مرتبطة بنشاط بدني يتناسب مع صحة وعمر المتعايش.
أنواع مرض السكر
تعرف منظمة الصحة العالمية داء السكر بأنه مرض مزمن يصيب الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم.. ويعد سببا رئيسا من أسباب الإصابة بالعمى وبالفشل الكلوي وبالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلية.
وتصنف المنظمة مرض السكر إلى نوعين “السكري من النمط1 والسكري من النمط2” موضحة في تقرير على موقعها الرسمي الإلكتروني.. بأن مرض السكر من النمط 1 “يتسم بنقص إنتاج الأنسولين، ويقتضي تعاطي الأنسولين يومياً. ولا يُعرف سبب الإصابة، ولا يمكن الوقاية منه باستخدام المعارف الحالية”.
وبينما يحدث النمط 2 بسبب عدم فعالية استخدام الجسم للأنسولين، وهذا يحدث غالبا، نتيجة للزيادة المفرطة في الوزن والخمول البدني، يمثل المتعايشون مع هذا النوع من السكر معظم الحالات المسجّلة حول العالم.
اخترنا لكم:
100 غرام من اليقطين تجعل مناعتك كالحديد
تعرف على 9 مشروبات اعتبرها العلماء “إكسيراً للحياة”
معنفات يمنيات يبحثن عن الخلاص
“المحاربات الورديــــات “يكسرن حاجز الصمت
أطفال اليمن بين خطرين.. سوء التغذية وجهل بطرق الوقاية منه
5 أطعمة صحية تسيطر على الجوع
المصدر : https://alttebiah.net/?p=13020