المجلة الطبية

من كتابة الشعر إلى تطبيب الجراح.. قصة أديب يمني

-

شاعر يتحول إلى طبيب في مدينة يريم

المجلة الطبية_ محمد غبسي|

عرض 17 نسخة من ديوانه الشعري” شذى الورطة” للبيع في الـ 3 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018م للبيع.. بعد أن حدد مسبقا ثمنها بنحو سبعة عشر ألف ريال يمني، كي يتمكن من مساعدة إحدى زميلاته التي تعاني والدتها من مرض مزمن.

لكن صوت الإنسانية دائما يلقى مجيبا وصدى له، إذ أعلن الشاعر والأديب بشير المصقري، 42 عام، الذي يسكن في مدينة يريم جنوبي العاصمة صنعاء.. بعد ثلاثة أيام بيع نسختين بمبلغ 80 ألف ريال، قدمها كمساعدة علاجية لوالدة زميلته التي لم يذكر اسمها.

المصقري عارضا أحد كتبه الشعرية للبيع

استثمر الشاعر المصقري نشاطه وحضوره في وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لإيصال صرخات من نزل بهم ألم المرض والجوع إلى شريحة كبيرة من أبناء اليمن في الداخل والخارج. ليخلق شبكة داعمة ومساعدة لعدد من المتعايشين مع الأمراض المزمنة وغيرها.

مساعدات علاجية دائمة

في التاسع والعشرين من نوفمبر 2020 حصل المصقري على خمسة كراسي خاصة بالمعاقين قدمها فاعل خير لم يذكر اسمه.. كان قد تأجل وصولها عدة مرات لأسباب لها علاقة بالظروف التي أوجدتها الحرب في اليمن، وقد سارع بإيصالها إلى مستحقيها.

إقرأ أيضاً..تحذير هام للجميع من خطر في مراكز الرعاية الصحية!

وثقت “المجلة الطبية” جزءا من فترة نشاط المصقري في الأعمال التطوعية الإنسانية التي بدأها في 2018.. إذ استطاع أن يوفر حتى ديسمبر 2020 مساعدات علاجية لأكثر من 300 حالة جميعهم يعاني من أمراض مزمنة مثل.. السكر، الضغط، الكبد، القلب، والصرع، فقر الدم والربو، والعديد ممن يحتاجون لجرع الكيماوي من مرضى السرطان. إضافة إلى توفير الأدوية للكثير من المرضى ممن يحتاجون العلاج لمرة واحدة أو مرتين.

من منشورات المصقري التي يكرسها لمساعدة المرضى

يفضل المصقري خلق تواصل مباشر بين الحالات المستفيدة وفاعلي الخير وأصبحت معظم العمليات تسير تلقائياً بين الطرفين.. غير أنه يتابع المرضى للتأكد من استمرار وصول تلك المساعدات المالية الخاصة بالعلاج.. مشيرا إلى أن هناك مساعدات نقدية منتظمة تصل لأكثر من ثلاثين حالة مرضية لشراء الأدوية، يقدمها بشكل شهري عدد من فاعلي الخير بينهم تجار ومغتربون.

ويضيف: “هناك حالات لا تتلقى حوالات مالية بل تحصل على العلاج من صيدليات معينة بشكل دوري بعد أن نسق فاعلو الخير مع أصحابها”.

يقول المصقري إن العمل الطوعي ساعده على إعادة اكتشاف ذاته.. وأنه يوفر له سعادة واستقرارا نفسيا كبيرا كلما نحج في التخفيف من معاناة إنسان محتاج إلى مساعدة.

ساهم في إيواء النازحين

إيواء النازحين

من بين أكثر من 1200 أسرة نازحة وصلت إلى مدينة يريم، ساهم المصقري في تقديم الخدمات الإيوائية لـ 87 أسرة.. مثل توفير المساكن وقطع الأثاث، مستعينا بما يقدمه تجار ومغتربون من مساعدات.

ويؤكد المصقري بأن هناك أراضي تبرع بها فاعلو خير، وهناك أراضي من أملاك الدولة تم تخصيصها عبر المتابعة لهذه الجهات وبعض المسؤولين لإقامة مثل هذه المشاريع الإنسانية الخاصة بالنازحين.

حين يعيد الحاضر الماضي

ليست مريضة فحسب.. بل أرملة وفقيرة وتعيل أطفال ولا تمتلك مسكنا، جار عليها الزمن بعد أن توفي والدها وزوجها.

غير أن الجديد في هذه القصة يعود إلى قبل ثلاثين عاما، فهذه المرأة التي تقف على باب منزل المصقري ليست سوى تلك الطفلة الوديعة ابنة جارهم الطيب.

 يقول المصقري في حديثة لـ “المجلة الطبية”: أول ما رأتني بكت مباشرة وظلت لأكثر من دقيقتين كلما حاولتْ إيقاف دموعها زادت غزارتها.

إقرأ أيضاً..غياب التوعية يضاعف معاناة المتعايشين مع السكر في اليمن

لم يدرك هوية صاحبة الحالة إلا عندما نظر في أوراق طبية كانت تحملها خاصة بالمرض ” صعقني الاسم وكسر خاطري وقبل أن أرد عليها، قالت لي “ولذلك يا أستاذ ترددت كثيراً في اللجوء إليك”.

 لثلاثة أيام لم يستطع الخروج من حالة حزن وقلق ومزاج سيئ، لكن كان لابد من عمل شيء وهذا ما تم.. فقد نشر المصقري قصتها على صفحته في الفيس بوك وتمكن من جمع مبلغ من المال وقدمه لها للمساعدة في توفير الأدوية والغذاء وإيجار المسكن.

انقطاع وعودة

لقد أصبح المصقري مقصدا للكثير من المرضى، خاصة ممن يعانون من أمراض مزمنة، في حال توقفت المساعدات العلاجية لأي سبب.. ما يضطره للبحث عن مصدر آخر، حد قوله.

وأضاف “أصاب بالإحباط عندما يخبرني أحد المرضى بانقطاع المساعدة العلاجية” وهذا يحدث لوفاة المتعهد أو تعرضه لمشاكل مالية.. فقد يحصل على بديل مؤقت بدون مشقة كبيرة لكن توفير متعهد دائم يمثل تحديا كبيرا.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

يدعو المصقري في حديثه لـ المجلة الطبية الشباب أن “ينتهزوا أوقات فراغهم في مساعدة الآخرين.. لأن ذلك سيمكنهم من الغوص في المجتمع ومعايشة تجارب حقيقية توسع مداركهم وترفع وعيهم وتضيف إلى مخزونهم الفكري أشياء جديدة”.

اخترنا لك:

Exit mobile version