المجلة الطبية

ذوو الإعاقة.. في كل الميادين نستطيع

-

دمـــج المعـــاقين في المجتمع.. الطريق لحياة اجتماعية سليمة

المجلة الطبية_ نسيم محمد الرضا|

“أمتلك الشغف والقدرة على العمل لساعات طويلة”، هكذا أجابت العشرينية انتصار الحريشي على سؤال وجهه لها مدير لجنة التوظيف.. حول ما إذا كان بإمكانها الوقوف لفترات طويلة في المختبر.

هذه الإجابة “الصادقة” مكنت -الحريشي- من الحصول على وظيفة جديدة في مختبر إدارة الوقاية الإشعاعية الخاص باللجنة الوطنية للطاقة الذرية.

أصيبت الحريشي بحمى شوكية بعد ولادتها بتسعة أشهر سببت لها إعاقة في الحركة.. لكنها تمكنت من الوقوف والمشي بصعوبة في الثامنة من العمر بعد أن خضعت لعدة عمليات جراحية.

رفضها لنظرة المجتمع لذوي الاعاقة التي توحي بـ”الشفقة” وشغفها بالحياة والاندماج في المجتمع جاءت بها من بيئة قريتها الصغيرة في مديرية الحيمة بمحافظة صنعاء إلى أمانة العاصمة لإكمال دراستها.

 بهمة ومثابرة مستمرة، حصلت على المرتبة الأولى في قسم الكيمياء بكلية العلوم، جامعة صنعاء بمعدل90%.. وهي النسبة الأعلى في الكلية منذ خمسة أعوام، وتسعى لاستكمال الماجستير والدكتوراه لتحقق حلمها وتصبح عالمة في الكيمياء النووية.

قد يهمك..نتائج أولية حول الفيروسات التي انتشرت في سقطرى وخلفت ضحايا.. “صور”

تقول الحريشي لـ المجلة الطبية إنها تفضل الاعتماد على نفسها في إنجاز عملها، لذا كانت تعتذر عن قبول مبادرات زميلاتها في الجامعة لمساعدتها على شراء الإفطار أو صعود سلم الكلية وهذا ما جعلهن يعاملنها فيما بعد كواحدة منهن دون أي تمييز.

انتصار الحريشي

حصاد العزيمة والاندماج

حصلت الحريشي- على جائزة أفضل لاعبة ومصوبة في بطولة كرة السلة للمعاقين حركيا (شباب وسيدات).. التي اختتمت منتصف الشهر الجاري بعد أن حصدت(138نقطة) وهو رقم لم يحقق من قبل في البطولة، كما تمكنت من تحقيق المركز الثالث في بطولة الشطرنج.

اندماجها في المجتمع جعلها تتغلب على الإعاقة وتحقق نجاحات متتالية على المستوى العلمي والرياضي. حتى باتت تمنح دروسا في التحدي لغيرها من “المعاقين” والأصحاء معا.

 ويعرف أخصائيون اجتماعيون دمج الأشخاص من ذوي الإعاقة بالمجتمع بأنه أسلوب اجتماعي وأخلاقي يحقق المساواة والعدل لهذه الشريحة مع الأفراد العاديين في المجتمع.. والحد من العزل والتمييز وخلق بيئة مناسبة لتقبُّلهم اجتماعيا.. والقضاء على النظرة السلبية من خلال إتاحة الفرصة وتهيئة كافة المتطلبات والاحتياجات لإنجاح عملية دمجهم في المجتمع.

الحريشي واحدة من ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف مواطن من ذوي الاعاقة في اليمن، بحسب نائب المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين عثمان الصلوي.. يحتاجون للمساعدة من أجل دمجهم بالمجتمع عبر المؤسسات التعليمية والوظيفة العامة ومساندتهم في إنشاء مشاريعهم الخاصة.

الدمج يعزز الشعور بالثقة

يوضح خبير التدريب مستشار نظام إدارة الحالة الوطنية جمال الرجوي أن دمج هذه الشريحة بالمجتمع يجب أن يشمل جميع المجالات.. كالدمج التربوي والأكاديمي والاجتماعي والدمج المكاني.. مشيرا إلى أن الدمج يسهل لذوي الاعاقة فرص تعلم المهارات والتفاعل مع أنشطة المجتمع فالإعاقة ليست مبررا للعزل.

وأكد في حديثه لـ المجلة الطبية أن تفاعل المجتمع مع ذوي الإعاقة والترحيب بهم وتقبلهم يعطيهم شعورا بالثقة وبقيمة حياتهم وتقبل الإعاقة وإدراك إمكانياتهم وتعزيز شعور الانتماء للمجتمع وتعلم مواجهة الصعوبات واكتساب المهارات والحصول على فرص تعليمية مما يساعد على نمو اجتماعي أكثر ملاءمة للجميع.

إقرأ أيضاً.. أخصائي يمني يحذر من تناول “الشبس”

وأفاد الرجوي بأن وسائط الدمج تختلف بحسب نوعية الإعاقة.. معتبراً أن الدمج يبدأ منذ الطفولة حيث يعتمد على توفير البرامج التربوية المناسبة لهم من دعم صفي وتهيئة الإدارة المدرسية لتقبل ذوي الاعاقة وتفهم احتياجاتهم التربوية والأكاديمية والانفعالية.

وشدد على أهمية دور أهالي الأشخاص من ذوي الاعاقة في عمليات الدمج والمساندة “تكافل الجهود يعمل على تحسين وتطوير المهارات الحياتية لذوي الاعاقة”.

.

حسن عردوم _ مدير العلاقات والإعلام بصندوق رعاية وتأهيل المعاقين

دور صندوق رعاية وتأهيل المعاقين

دمج ذوي الاعاقة في المجتمع واحدة من مهام صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الذي تأسس عام 2002، وفي هذا السياق.. أفاد مدير العلاقات والإعلام بصندوق رعاية وتأهيل المعاقين حسن عردوم أن الصندوق يعمل على دمج ذوي الإعاقة.. من خلال الحاقهم بالمدارس والجامعات وتقديم مبالغ مالية منتظمة “يقدم للطلاب في المدرسة 50 ألف، ويقدم 200 ألف للطالب الجامعي كبدل مواصلات”.

وبحسب عردوم يحرص الصندوق على تأهيل ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المدارس ابتداء من الصف الخامس “والكفيفات من الصف التاسع”.. ويعمل على إيجاد قنوات تواصل مستمرة مع الإدارات المدرسية لمتابعة تطور النمو المعرفي والعقلي لذوي الاعاقة.. بهدف الدمج والمنافسة مع الطلاب السليمين وتجاوز العوائق كنقل الفصول من الأدوار المرتفعة إلى الدور الأرضي والاستعانة بوسائل تعليمية مساعدة بحسب نوعية الإعاقة.

ومن ثم يعمل الصندوق على مساعدة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع من خلال خلق فرص عمل لتحقيق “التمكين الاقتصادي لهم”.. وذلك حتى يتمكنوا من إدارة شؤونهم الحياتية بأنفسهم كغيرهم من أفراد المجتمع.

وأوضح أن الصندوق أصبح يستقبل يومياً من 20 إلى 30 طلب مساعدة لحالات جديدة، وبينما تضاعف عدد الحالات في السنوات الاخيرة بسبب الحرب.. تقلصت عدد الجمعيات والمراكز التي تحصل من الصندوق على النفقات التشغيلية من 135 قبل عام 2015 إلى ما يقارب 60 جمعية ومركزا خاصا بتأهيل ورعاية الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المحافظات.. وذلك بسبب توقف العمل في الكثيرمن المنشآت الحيوية التي تعتبر مصدراً ايرادياً للصندوق، حد قوله.

 ويرى أن أهم الصعوبات التي تواجه دمج الاشخاص من ذوي الاعاقة تتلخص في ضعف وقصور الوعي المجتمعي.. ما يستوجب القيام بحملات توعية كبيرة حول كيفية التعامل مع هذه الفئة بما يكفل دمجها بالمجتمع بشكل واسع وسليم.

في كل الميادين نستطيع

طالب مدير الإعلام بجمعية رعاية وتأهيل المعاقين حركياً مجيب قحطان المجتمع بالتعامل بإيجابية مع الأشخاص من ذوي الإعاقة.. موضحا أن دمج المعاقين حركياً في المجتمع أحد أهداف الجمعية.

ويعتقد قحطان بأن التوعية المجتمعية والإعلامية تلعب دورا هاما في التعريف بالإعاقة وأسبابها ومن ثم في التعامل مع أصحاب الإعاقة بالشكل المطلوب.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

صورة تعبيرية

وقال لـ المجلة الطبية ” هناك “معاق” وهناك “مجتمع مُــعيق” يجب أن يتعرف على احتياجات هذه الفئة والتعامل معها بمسؤولية.. من خلال توفير بيئة مساعدة في المدارس والمراكز والمؤسسات والمرافق المختلفة، بحيث تراعي خصوصية ذوي الاعاقة.. وتوفير ممرات مناسبة لهم، واستخدام التقنيات والاستراتيجيات الخاصة بالدمج التي تراعي الفروق الفردية”.

وبحسب قحطان تعمل الجمعية على تأهيل المعاق وتدريبه بهدف دمجه بالمجتمع والحاقة بالمدارس والجامعات وسوق العمل، ويتم التأهيل والتدريب بحسب نوع الإعاقة سواءً الحركية والبصرية والسمعية، أو اضطرابات النطق والكلام والاضطرابات السلوكية والانفعالية والتوحد والإعاقات المزدوجة.

أختصر التحدي وتجاوز الصعوبات والنجاح في الشعار الوطني لليوم العالمي لذوي الاعاقة “في كل الميادين نستطيع”.

اخترنا لك:

Exit mobile version