المجلة الطبية

السل المقاوم للأدوية المتعدّدة

-
د. عبدالعزيز الاغبري

يحتل السل -في الوقت الراهن- المرتبة الثانية ضمن أهمّ العوامل التي تسهم في وفاة البالغين جرّاء الأمراض المعدية.. حيث يودي بحياة 1.7 مليون نسمة كل عام في جميع أنحاء العالم.

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية أنّ ثلث سكان العالم مصاب بـ “المتفطرة السليّة”.. وقد تمكّن المشروع المشترك بين منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة من العثور على حالات من السل المقاوم للأدوية المتعدّدة (معدل انتشار يتجاوز 4% بين حالات السل الجديدة) في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وآسيا.. وبالنظر إلى الاتجاه المتزايد نحو العولمة والهجرة الدولية والسياحة.. فإنّ جميع البلدان باتت معرّضة لمخاطر ظهور فاشيات من السل المقاوم للأدوية المتعددة فيها.

قد يهمك..مرض الفقراء ينتشر في هذه المناطق اليمنية!

يمثّل السل المقاوم للأدوية المتعدّدة شكلاً معيّناً من أشكال السل المقاوم للأدوية.. ويحدث هذا النوع من السل عندما تصبح العصيّات المسبّبة للمرض قادرة على مقاومة الإيزونيازيد والريفامبيسين على الأقل، وهما أكثر الأدوية نجاعة ضد السل.

تظهر مقاومة المرض للأدوية جرّاء استعمال المضادات الحيوية بشكل غير مناسب لدى توفير المعالجة الكيميائية للمصابين بحالات السل الحسّاس للأدوية.

ويأتي هذا الاستخدام غير المناسب نتيجة عدد من الإجراءات.. بما في ذلك إعطاء مقرّرات علاجية غير ملائمة من قبل العاملين الصحيين وعدم ضمان إكمال المرضى مقرّراتهم بشكل تام.

وتظهر مقاومة المرض للأدوية، أساساً، في المناطق التي تقلّ فيها برامج مكافحة السل.

إن معالجة السل المقاوم لأدوية متعددة – في بعض البلدان – تزداد صعوبة.. فخيارات المعالجة محدودة وباهظة الثمن، والأدوية الموصى بها ليست متوفرة دائماً، والمرضى يعانون من آثار ضارة عديدة جراء الأدوية.

بل إنه في بعض الحالات قد يظهر سل أشدّ مقاومة للأدوية، وهو شكل من أشكال السل المقاوم لأدوية متعددة.. ولا يستجيب إلا لعدد أقل من الأدوية المتوفرة، وقد أُبلغ عنه في 105 بلدان حول العالم.

تقدر منظمة الصحة العالمية نسبة انتشار السل المقاوم للأدوية في اليمن بـ 2.3٪ بين مرضى السل الذين لم يتلقوا أي أدوية و18٪ بين مرضى السل الذين سبق علاجهم.. ويقدر العبء لعام 2017 بـ 180 حالة سل مقاوم للأدوية المتعددة من حالات السل المبلغ عنها و360 حالة من إجمالي سكان اليمن.

إقرأ أيضاً..متلازمة داون.. وصمة مجتمعية تلاحق أولادنا

بدأ برنامج السل في اليمن معالجة السل المقاوم للأدوية في ديسمبر 2013 في أربعة مراكز رئيسية وهي.. صنعاء، تعز، عدن والحديدة باستخدام أدوية مضادة للسل الخط الثاني وبلغ اجمالي الحالات المسجلة حتى نهاية 2020 حوالي 298 حالة.

حقق البرنامج الوطني لمكافحة السل تقدمًا كبيرًا في تطوير القدرات لإدارة مرضى السل المقاوم للأدوية بإدخال تقنيات حديثة لاكتشاف الحالات مثل الجين اكسبرت والتي ساعدت في سرعة اكتشاف الحالات.. وهذه الأجهزة متواجدة في مراكز المعالجة وبعض المحافظات كـ (إب ، ذمار، المكلا).. ووضع نظاما علاجيا عالي الجودة باستخدام أدوية الخط الثاني الحديثة والتي تحتوي على البيداكوليين والديلامينيد وفق إرشادات وتوصيات منظمة الصحة العالمية .

تقدر الفترة الزمنية لمعالجة السل المقاوم للأدوية بفترة زمنية ما بين 20 – 24 شهرا.. يتم خلالها مراقبة المعالجة واتخاذ الإجراءات المناسبة عند ظهور أعراض جانبية ضارة من أدوية الخط الثاني وعمل الفحوصات الشهرية المناسبة.. كما يتم تقييم الحالات بنجاح تحول فحص البصاق والمزارع من الحالة الإيجابية الى السلبية.

حقق البرانامج في اليمن معدل نجاح معالجة مابين 69% الى 85% خلال الفترة 2013-2018.

وتتمثل أهم الصعوبات التي يواجهها البرنامج في إيجاد الموارد لتمويل شراء الأدوية للخط الثاني.. وشراء أجهزة تشخيصية لاكتشاف السل المقاوم للأدوية ذات تقنية حديثة وسريعة تعتمد على الفحص الجزيئي.. والتوسع في المحافظات لإيجاد وحدات صحية مدربة جديدة تقوم بمعالجة مرضى السل المقاوم للأدوية.

* اخصائي أمراض صدرية
منسق السل المقاوم للأدوية في البرنامج الوطني لمكافحة السل

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

5 أطعمة تقوي الدماغ لدى الأطفال الرضع

Exit mobile version