المجلة الطبية

كورونا يضاعف متاعب الأطفال المصابين بالسرطان في اليمن “تقرير خاص”

-

كورونا يضاعف متاعب الأطفال المصابين بالسرطان في اليمن

المجلة الطبية_ محمد غبسي|

نقلت السلطات في صنعاء مركز علاج لوكيميا الأطفال من مستشفى الكويت وسط العاصمة إلى مستشفى السبعين، بعد أن خصصت الأول لاستقبال المصابين والمشتبه إصابتهم بكورونا أثناء الموجة الأولى في شهر مارس/ آذار العام الماضي، ما اضطر الأربعيني طه حميد لتوفير تكاليف إضافية لاستمرار علاج طفله خليل،13عاما، المصاب باللوكيميا والذي يجب ان يزور المركز مرتين في الأسبوع لتلقي العلاج.

يقول حميد الذي فقد راتبه مطلع 2017 كباقي موظفي الدولة “إن نقل مركز اللوكيميا الذي كان على مقربة من منزلي إلى مستشفى السبعين ضاعف الأعباء المالية وتسبب ببعض الإجهاد للطفل”.

ويضيف -في حديثه لـ المجلة الطبية- ” لقد اضطررت إلى دفع ما يقارب 12 ألف ريال (20 دولارا أمريكيا) لسيارة الأجرة في الاسبوع” وهذا أمر مكلِّف بالنسبة لأسرة يصارع أحد أفرادها مرضا خطيرا ولا تمتلك دخلا ثابتا.

الإجراءات التي فرضتها الجائحة والوضع الاقتصادي المتردي للمواطن اليمني دفع بعض الاطباء في مركز علاج لوكيميا الأطفال بعد نقله إلى مستشفى السبعين للقيام بتحضير جرع الكيماوي ليحصل عليها الأطفال في منازلهم، حد قول طه.

 

صورة ارشيفية نقلاً عن “العربي الجديد”

ووفقاً لـ مستشفى “سانت جود لأبحاث الأطفال” الأمريكي فمن المهم لأفراد العائلة ومقدمي الرعاية التعامل مع العلاج الكيميائي الذي يمكن استخدامه في المنزل كالأقراص بحذر واتخاذ خطوات لتقليل التعرض له، إذ يجب أن تتجنب النساء الحوامل أو من يقمن بالرضاعة الطبيعية أي تعامل مع هذه الأدوية، كما يجب التعامل مع جميع أدوية العلاج الكيميائي الموجودة بالمنزل كخطر محتمل.

وحدد المستشفى خطوات بسيطة من شأنها حماية المرضى وأفراد العائلة ومقدمي الرعاية من الضرر لخصها بـ ” الاحتفاظ بكل أدوية العلاج الكيميائي بعيدًا عن متناول الأطفال والحيوانات الأليفة، وضرورة غسل اليدين قبل التعامل مع العلاج الكيميائي وبعده، واستخدام الدواء على سطح نظيف، والاحتفاظ بالدواء بعيدًا عن الطعام والأغراض المنزلية الأخرى، وصب الأقراص في كوب صغير بدلاً من اليدين قبل إعطائها للمريض، وارتداء أجهزة الوقاية الموصى بها (قفازات أو قناع أو نظارات).

قد يهمك..عدم توفر الدواء يقتل أطفال اليمن المصابين بالسرطان

معاناة أطفال اليمن مع السرطان التي ضاعفتها انعكاسات الحرب تفاقمت أكثر بفعل انتشار الجائحة وما فرضته من إجراءات على مراكز ومنشآت تقديم الخدمات الطبية في عموم المحافظات.

يسافر الطفل علي ضيف الله -11 عاما- مرتين في الشهر من مدينة كتاب في محافظة إب وسط اليمن إلى العاصمة صنعاء لإكمال العلاج الكيمائي، ويضطر للبقاء فيها أحيانا لأسبوع.

يقول والده -في حديث للمجلة الطبية- “إجراءات الوقاية من فيروس كورونا صعّبت مهمتي -الصعبة أصلاً-، حيث نتفاجئ أحيانا بعدم وجود الكادر الصحي المختص بجرعات الكيمائي، فنضطر للبقاء عدة أيام في صنعاء وهذا يترتب عليه أعباء مالية إضافية”.

 وألمح ضيف الله إلى مخاوف باتت تسيطر عليه حول إمكانية إصابة نجله بفيروس كورونا بسبب تردده على المستشفيات والمراكز الصحية التي يعتقد بأنها قد تكون أحد الأماكن الخطرة.

ارتفعت حالات الإصابة بمرض سرطان الدم في أوساط الأطفال خلال العام الماضي بشكل كبير، فبينما سجلت العاصمة صنعاء 400 حالة جديدة، منهم 300 طفل حالتهم الصحية تستدعي السفر الى الخارج للعلاج بصورة عاجلة، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة العامة في 4 فبراير/شباط 2021، لكنهم لم يستطيعوا السفر نظرا لإغلاق مطار صنعاء.

اما بالنسبة لبقية المحافظات فقد بلغ عدد الإصابات ما يقارب ألف حالة، حسب ما أكدته وزارة الصحة.

ومما فاقم سوء الوضع الصحي للمصابين بسرطان (اللوكيميا) عدم توفر الأدوية، فالمركز الوحيد لعلاج الاطفال غير قادر على توفير الأدوية بشكل كافٍ، ما يضطر الأهالي للبحث عن الأدوية في السوق “لكن الأسعار في الصيدليات التجارية ومخازن الأدوية مرتفعة جدا وفوق طاقة المواطن”.

 مدير مركز اللوكيميا في مستشفى الكويت بصنعاء الدكتور- عبدالرحمن الهادي- بدوره ناشد من أسماهم “الجهات المعنية ” (المتمثلة بوزارة الصحة والمنظمات العالمية) بسرعة إنقاذ الأطفال من الموت المحقق وذلك من خلال توفير الأدوية والمحاليل الطبية والدوائية اللازمة.

إقرأ أيضاً.. عدم التطعيم يخنق أطفال اليمن بالدفتيريا

 وبحسب بيانات وزارة الصحة في صنعاء يعتبر مركز اللوكيميا في مستشفى الكويت الجامعي في العاصمة صنعاء المركز المتخصص الوحيد في الجمهورية اليمنية ويقدم خدماته لـ 300 حالة من الأطفال المصابين بسرطان الدم، إضافة إلى 25 حالة سريرية و200 حالة عيادة خارجية.

مستشفى الكويت الجامعي_ صنعاء

وفي هذا السياق أكدت أخصائية لوكيميا الأطفال -الدكتورة نسيم العبسي- أن سرطان الدم الأكثر انتشاراً بين الأطفال في اليمن، وبالتالي فإنهم الفئة الأكثر معاناة خلال انتشار الفيروس.

وأضافت العبسي – التي تعمل في مستشفى الكويت- “اضطررنا لنقل وحدة اللوكيميا إلى مستشفى السبعين لأن مستشفى الكويت تحوّل إلى مركز لعلاج مصابي كورونا، والنقل أثر سلبا على أطفال اللوكيميا كون المكان غير مألوف لديهم، كما أجبرنا على تحضير جرع الكيمائي لبعض المرضى ليأخذوها في منازلهم”.

لم تنحصر الأضرار في هذه الجزئية فقط، فهناك أضرار غير مباشرة، لقد تم تقليص عدد الكادر الصحي تجنبا للإصابة وشمل ذلك العاملين مع أطفال اللوكيميا، كما تم تقليص عدد حالات اللوكيميا التي تستقبلها الوحدة يوميا مقارنة بالفترة السابقة وذلك تجنبا لإصابتهم بالعدوى، بالرغم من أن التقارير العالمية كانت تشير إلى أن الاطفال الأصحاء أقل عرضة للإصابة بـ كورونا.

الدكتورة العبسي أكدت أيضا -في حديثها لـ المجلة الطبية- أن أدوية السرطان وخاصة سرطان الدم تقتل الخلايا السليمة والخلايا الخبيثة وخاصة مصنع إنتاج الدم وهو نخاع العظم، ما يؤدي إلى فقدان المناعة بشكل كبير مما يجعل الأطفال المصابين باللوكيميا عرضة للالتهابات والعدوى وعلى رأسها فيروس كورونا.

أعباء جديدة

عدم توفر الكثير من الأدوية وتأخر وصول الممكن منها في الوقت المحدد من الأعباء التي أضافها كورونا على مرضى اللوكيميا، وذلك بسبب إغلاق منافذ الاستيراد ومنها مطار صنعاء، وكان لهذه التطورات تأثير سلبي مباشر على أطفال اللوكيميا ما دفع المركز لتأجيل بعض المواعيد الخاصة بالجرع الكيمائية، حد قول العبسي.

وأفادت بأن الطاقم الطبي في مركز اللوكيميا يحرص على شرح طرق السلامة والوقاية للمرضى وأسرهم، وكيف يمكن لهم التعامل في ظل التباعد الاجتماعي والالتزام بالاجراءات الوقائية باعتبارهم أكثرعرضة للإصابة بكورونا من غيرهم.

شعار سرطان الأطفال

التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات وغسل اليدين هي أهم النصائح التي تقدمها الدكتورة العبسي لمرضى اللوكيميا، مؤكدة أن نسبة المصابين بكورونا بين أطفال اللوكيميا بسيطة جدا وذلك يعود لكون الأطفال بشكل عام أقل عرضة للإصابة.

 

الأدوية الممكنة

الى ذلك، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه يمكن علاج نسبة تزيد على 80% من الأطفال المصابين بالسرطان في معظم الحالات بالأدوية البديلة “جنيسة” غير مكلفة ومُدرجة في قائمة الأدوية الأساسية الصادرة عن المنظمة.

وأضافت -في تعليقها خلال اليوم الدولي لسرطان الأطفال الذي يصادف 14 فبراير من كل عام- بأن الأطفال الذين يستكملون العلاج بحاجة إلى رعاية مستمرة لرصد حالتهم من أجل التأكد من عدم إصابتهم بالسرطان مُجدّداً وتدبير أية حالات تسمّم يُحتمل أن تنجم عن العلاج تدبيراً علاجياً.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

Exit mobile version