د. أيمن مذكور
يهتم علم الوبائيات بتحديد ودراسة طرق انتقال كل مرض من الامراض الوبائية بين الناس وطرق الوقاية والسيطرة على الوباء حسب عوامل كثيرة ومن أشهر الطرق المعروفة لانتقال العدوى بالأمراض المعدية ما يلي:
1- العدوى عبر السبيل الهضمي وتشمل انتقال العدوى عبر الطعام أو المياه الملوثة ومن أشهر الامراض التي تنتقل بهذه الطريقة فيروس الكبد A وعصيات الكوليرا.
2- انتقال العدوى عبر الجهاز التنفسي، وتشمل العدوى عبر الرذاذ أثناء السعال أو العطس أو الاتصال المباشر بالمصافحة وتعتبر فيروسات الأنفلونزا الموسمية والديفتيريا وكورونا (كوفيد-19) من أشهر الأوبئة التي تنتقل عبر السبيل التنفسي.
3- العدوى عبر سوائل الجسم كالدم واللعاب أو حليب الأم وتعتبر فيروسات التهاب الكبدB وC والإيدز من أهم الفيروسات التي تنتقل بهذه الطرق.
قد يهمك..السل المقاوم للأدوية المتعدّدة
وفي هذا المقال سوف نركز على وباء كوفيد-19 الذي ينتقل بين الناس عبر السبيل التنفسي وما زال ينتشر في جميع دول العالم دون استثناء حاصداً المزيد من البشر كل يوم وبالتالي فإن أي دولة لم تسجل وتعلن عن أي حالات مؤكدة فإن ذلك يرجع لسببين لا ثالث لهما وهما:
– السبب الأول: من خلال انتهاج السلطات الصحية لاستراتيجية عدم اجراء الفحص المخبري للمرضى المشتبه إصابتهم بكورونا نتيجة عدم توفر الأجهزة أو محاليل الفحص وبالتالي لن تظهر أي حالات مؤكدة وهذا يعكس ضعف أو فشل النظام الصحي بشكل عام وخاصة نظام الترصد الوبائي، وهنا سيواصل الوباء الانتشار بين السكان بصورة صامتة مما يؤدي لزيادة عدد الإصابات والوفيات نتيجة خضوع السكان لاستراتيجية مناعة القطيع معتقدين بصورة مضللة أن بلدهم خال من الوباء، وهذا الوضع يلاحظ في معظم الدول الفقيرة لعدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة لتوفير الأجهزة والمحاليل وتدريب الكادر.
– السبب الثاني: من خلال انتهاج السلطات الصحية استراتيجية إجراء الفحوصات المخبرية للمرضى المشتبه بإصابتهم واكتشاف الحالات المؤكدة مخبرياً لكن السلطات الصحية لا تقوم بالإعلان عن عدد المصابين أو عدد الوفيات لأسباب سياسية أو اقتصادية.
ربما تعتقد السلطات الصحية من وجهة نظرها بأن ذلك له مردود أفضل من إعلان أعداد الحالات والوفيات، ونلاحظ مثل هذه الاستراتيجية في بعض البلدان النامية أو المتطورة، وهنا يجب أن نشير إلى أن الأبحاث العلمية تؤكد أن اتباع هذه الاستراتيجية يعتبر خطأ فادحا لأنه سيوحي للمواطنين بمعلومات خادعة ويعتقدون خلو منطقتهم من الوباء، وسيؤدي لزيادة انتشار الوباء بصورة متسارعة نتيجة عدم جدية واهتمام المواطن باتباع طرق الوقاية من العدوى والالتزام بتطبيق أساليب التباعد الاجتماعي، بالإضافة للتأخر في الذهاب للمرافق الصحية وعدم استخدام العلاج في الوقت المناسب مما قد يؤدي إلى ارتفاع حالات العدوى والمضاعفات والوفيات بصورة كبيرة.
لذلك فإن جميع المراجع الطبية وعلماء الوبائيات يوصون بضرورة قيام السلطات الصحية باتباع استراتيجية الشفافية في التعامل مع الأوبئة بشكل عام، بغض النظر عن أي ظروف أخرى كالوضع الاقتصادي أو السياسي، حيث ينصح العلماء وخبراء منظمة الصحة العالمية السلطات الصحية في الدول الفقيرة خاصة بالتركيز على نشر التوعية والتثقيف الصحي باستمرار وفرض إجراءات الوقاية كاستخدام الكمامات والالتزام بتطبيق أساليب التباعد الاجتماعي لأنها غير مكلفة مقارنة بالتكاليف العالية المطلوبة لإنشاء وتجهيز مراكز العزل والفحص والمعالجة وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بفيروس كورونا لكل المرضى.
إقرأ أيضاً..القلق.. عدو صحتنا الخطير!
وبالنسبة لوضعنا في اليمن فقد أكدت السلطات الصحية عدة مرات في كل من صنعاء وعدن بوجود حالات مصابين بفيروس كورونا في بلادنا، رغم عدم إعلانها للأرقام الصحيحة، لكن حتى لو لم تعلن السلطات الصحية ذلك رسمياً فإن وباء كورونا ينتشر دون ضجيج إعلامي في كل المحافظات.
ولعل البعض يشعر بذلك من خلال ظهور أعراض كورونا هذه الأيام على غالبية الناس كالحمى والصداع وألم المفاصل وفقدان الشم والطعم وفي مختلف المحافظات والمديريات بالإضافة للزيادة المفاجئة لمنشورات التعازي والوفيات التي نقرأها على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة مع دخول شهر مارس 2021م.