ثمّة مخاوف شديدة من أن يتحول العيد من مناسبة سعيدة إلى مرتع خصب لانتشار فيروس كورونا بموجته الجديدة التي تجتاح اليمن منذ منتصف فبراير الماضي في ظل عدم التزام الأهالي بالإجراءات الوقائية ضد الفيروس، وإصرارهم على ممارسة الحياة بشكل طبيعي.
ويرجّح خبراء صحة أن يكون فيروس كورونا قد وجد بيئة مثالية للانتشار بين اليمنيين خلال شهر رمضان بسبب الازدحام الشديد الذي شهدته الأسواق والمساجد في وقت كان يجب أن يلتزم الناس بنصائح التباعد، خاصة بعد ارتفاع عدد ضحاياه بشكل كبير خلال شهري مارس وأبريل الماضيين ومطلع مايو الجاري.
ورغم ذلك واصل أغلب اليمنيين إهمالهم للإجراءات الاحترازية التي نصحت بها السلطات الصحية والمختصين ومنظمة الصحة العالمية.
وتشكّل السلوكيات الخاطئة وتجاهل الإجراءات الاحترازية أحد أهم أسباب زيادة حالات الإصابة بالفيروس، ومن بينها الزيارات العيدية والتجمعات الاحتفالية، بحسب المنظمات الصحية الدولية.
ويشدد خبراء الصحة على ضرورة الحذر من إتاحة الفرصة لانتشار الجائحة التي أصبحت أكثر شراسة في موجتها الثانية، من خلال الالتزام بالتعليمات الاحترازية الوقائية، المتمثلة بعدم المصافحة، والتباعد الجسدي وعدم التجمع في المقايل العيدية، سواء كانت بين الأهل أو الأصدقاء والجيران.
وينصح الخبراء، بالاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت في متناول الجميع في تبادل التهاني العيدية بين الأهل والأقارب والأصحاب، للحد من انتشار الفيروس، ومنعه من إسقاط المزيد من الضحايا جراء الإصابة بالعدوى غالباً، بسبب إهمال الإجراءات الاحترازية.
وبحسب الخبراء، بالإمكان تحجيم انتشار فيروس كورونا، ومنعه من تنغيص فرحة اليمنيين بالعيد، عبر الالتزام المسؤول بالتوجيهات والتعليمات الوقائية وهي بسيطة ومن شأنها الحفاظ على صحة الأسر.
وكان اختصاصيون يمنيون في علم الأحياء الدقيقة والمناعة السريرية، توقعوا مواعيد انتشار فيروس كورونا في اليمن وتراجعه.
قال الدكتور غلام ضبعان -على صفحته في الفيس بوك- إن” فيروس كورونا ينتشر هذه الأيام مجدداً في اليمن بشكل أفقي حر، وبسرعة قصوى ولا يوقفه شيء”.
وأكد ضبعان -الحاصل على دكتوراه في علم الأحياء الدقيقة والمناعة السريرية من كندا- إن “كورونا سيضرب بقوة خلال الشهرين القادمين قبل أن ينحدر معدل انتشاره إلى أدنى الدرجات “.
وحذّر ضبعان من التهاون بالموجة الثانية من جائحة كورونا، مشددا على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية الوقائية لمواجهة انتشار الوباء.
وحتى مطلع مارس الماضي، كان اليمن واحداً من أقل البلدان تأثراً بالجائحة، من حيث عدد الحالات المسجلة إذ تراجعت وتيرة تفشي الفيروس لأشهر طويلة، وجاءت الموجة الجديدة بشكل مباغت لتشكل عبئاً كبيراً على القطاع الصحي المدمر بسبب الحرب، والذي يعاني من خروج % 50 عن الجاهزية بحسب بيانات سابقة لوزارة الصحة بصنعاء.
وتكتسب الموجة الجديدة من جائحة كورونا خطورة متزايدة، بالنظر إلى وتيرة التفشي المتزايدة، بالإضافة إلى حالة من الانعدام شبه الكلي، لأي احترازات من قبل الأهالي، على نحو يصل أحياناً حد السخرية من التحذيرات، خلافاً لما كان عليه الأمر قبل عام، في حين وصلت التحذيرات وإجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي ذروتها، في كثير من بلدان العالم.
مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور أحمد المنظري شدد على عدم السماح لأحد بأن ينشر فيروس كورونا المستجد أو أن يُصاب بالعدوى من الآخرين دون أن يدري من خلال التهاون بالإجراءات الاحترازية خلال عيد الفطر المبارك .
وقال في بيان صدر مساء أمس وحصلت المجلة الطبية على نسخة منه: ينبغي ألا نتهاون في المواظبة على الممارسات التي تحمينا وتحمي غيرنا من كوفيد-19. مؤكدا بأنه “خلال أسابيع قليلة، سيبلغ عدد المصابين بكوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط منذ بداية الجائحة 10 ملايين مصاب، وهو عدد مُروِّع. ويرجع المنظري ذلك إلى سبب واحد فقط، وهو “أننا لا نفعل كل ما في وسعنا لاحتواء الفيروس ومكافحته”.
وافاد بأن الكثير من الناس يتساهلون ولا يلتزمون بالتدابير اللازمة لمساعدة مقدمي الخدمة وجهود المنظمة في إنقاذ الأرواح، ويتيح ذلك فرصًا لزيادة انتشار الفيروس.
وناشد الأهالي بالعمل من أجل أن تكون الفترة المقبلة فترة فرحً وبهجة، لا فترة حداد على فقدان أحباء أو أصدقاء. ودعا الى أن نغتنم فرصًا مثل عيد الفطر لنشر الحب والامتنان والأمل وأداء صلاة عيد الفطر منفردين أو مع الأسرة في المنزل، مستندا الى إعلان الأزهر ودار الإفتاء العام الماضي.
وأكد المنظري أهمية الحرص على ألا يتعرض أحد للإصابة أو الوفاة في عيد الفطر بسبب تهاونه أو تهاون الآخرين. مضيفا “نستطيع أن نلتزم بالتباعد البدني، ولكن نحافظ على تواصلنا الاجتماعي من خلال تجنب التهنئة بالملامسة البدنية، وتجنب إقامة الولائم وغيرها من اللقاءات الاجتماعية الحاشدة”.
ويعتبر المنظري هذه التصرفات البسيطة لضبط النفس سهلة التنفيذ، ويمكن أن تكون لها آثار كبيرة على احتواء انتشار كوفيد-19 في الإقليم، وعلى خدمة الصالح العام.