د. أشواق القاضي
التسمم الغذائي بعد رمضان.. الأسباب وطرق العلاج
تختلف طقوس الاحتفالات لهذا اليوم المبارك باختلاف الثقافات والشعوب، إلا أنها تتفق في شيء واحد؛ ألا وهو وفرة وتنوع الطعام, ففي غمرة الاحتفالات تنشغل ربات البيوت بتحضير الولائم والعزائم ويتفنن في إعداد أطباق مختلفة من الوجبات والحلويات الخاصة لمثل هذه المناسبة, فبينما ينشغل الأقرباء والأصحاب بقصص تسامرهم، وينشغل الأطفال بالمرح واللعب؛ يتناسى الجميع خطرا متخفيا يهددهم في غفلة منهم- ألا وهو التعرض للتسممات الغذائية نتيجة الطعام الفاسد أو غير المطبوخ بشكل جيد, أو الناتج عن التخزين السيئ للطعام وقد ينتج أيضا من التغيير المفاجئ في نوعية الطعام وتوقيت إعداده وأكله، وهذا قد يؤذي الجسم إذا تم بشكل عشوائي دون تخطيط وترتيب واهتمام صحي ورعاية.
وهنا يجب التنويه إلى أن الرجوع للعادات الغذائية في الوجبات لابد وأن يتم تدريجيا حتى يعتاد الجسم على التغيير وتقريب مواعيد الوجبات إلى المواعيد المعتادة خلال السنة؛ مما يعزز من تقليل فرص الإصابة بالإسهالات والتسممات الغذائية.
إن التسمم الغذائي مشكلة هامة تعاني منها معظم المجتمعات – النامية والمتطورة – والتي تكلف الكثير من المنظور الصحي والاقتصادي, حيث تشير دراسات طبية إحصائية سابقة إلى أن هناك نسبة لا يستهان بها ممن يسعفون للمستشفيات أثناء فترات الأعياد بسبب مشكلات هضمية يعزا معظمها للتسممات الغذائية بشكل خاص.
مسببات المرض التي تنقل العدوى عن طريق الطعام
إن أسباب تلوث الطعام وانتقال خطر التلوث إلى الناس هي مجموعة من الجراثيم ( البكتيريا ) والفيروسات وأحيانا الطفيليات، وأهمها طبيا:
-
السالمونيلا Salmonella التي تسبب مرض التيفوئيد.
-
الوشيقة Clostridium التي تسبب التسمم المنباري .
-
الأميبيا Amebiasis
-
الجارديا Gardiasis
-
كامبيلوبكتر Campylobacter
-
الأي كولاي E-coli
-
الشيقيلا Shigella
-
Listeria ليستسريا
-
نوروفيروس Norovirus
أعراض ومضاعفات التسمم الغذائي
تظهر معظم أعراض التسممات الغذائية في عرضين أساسيين وهما القيء والإسهال، وتختلف شدتهما بحسب درجة التسمم , وعادة ما يتوقفان خلال 3 أيام , لكن يمكن أن تنتج عنهما عواقب صحية وخيمة إذا طالا أكثر من ذلك ورافقهما الجفاف الشديد وارتفاع درجة الحرارة , أو ظهور دم في الإسهال أو القيء في معظم الحالات والذي يؤثر سلبيا على وظائف الكلى وقد يدخل المريض في حالة تدهور لوظائف الكلى, إذا لم يعالج ليتطور ويصبح فشلا كلويا حادا, وغالبا ما تترافق الأعراض مع آلام البطن وإحساس بالصداع .
قد يهمك..أخصائية تقدم نصائح هامة بشأن كعك العيد
ويرجع السبب الرئيس لتدهور وظائف الكلى في حالات الإصابة بجرثومة الأي كولاي – إلى أن الأمعاء المصابة تفرز مواد سامة تخرب الكريات الدموية الحمراء في الدم, مما يدعو لإصابة الكليتين بمرض خطير يدعى متلازمة التحلل اليوريمي Hemolytic uremic syndrome , الأمر الذي يحصل خاصة في الأطفال وتسببه سلالات خاصة من جرثومة E-coli .
وهناك مضاعفات مختلفة تسببها الإسهالات الحادة نذكر منها :
-
التهاب المفاصل المزمن الذي تسببه خاصة الجرثومتين Shigella and salmonella
-
التهاب السحايا meningitis الذي تسببه خاصة جرثومة الليستيرياListeria , والذي قد يؤدي في الأطفال الرضع إلى التأخر الذهني أو الشلل أو فقدان البصر أو السمع وقد تحصل أخيرا الوفاة نتيجة إحدى هذه العواقب المرضية؛
-
المسن والطفل والحامل والمصاب بضعف المناعة, هم الأكثر عرضة لعواقب التسمم الغذائي الوخيم.
أكثر الأطعمة المسببة للتسممات الغذائية:
-
المنتجات الحيوانية النيئة أو غير المطبوخة بشكل جيد.
-
اللحوم والدواجن والبيض والحليب غير المبستر.
-
المحار النيئ والمأكولات البحرية النيئة.
-
ألفواكه والخضار الملوث وغير المغسولة جيدا.
-
الحليب الخام ومنتجاته من أجبان طرية مثل جبنه الفيتا والزبادي.
-
الحلويات المصنعة من الألبان كالكاسترد والتشيزكيك (كيك الجبن).
-
الأرز المطبوخ والمكرونة.
-
بعض أنواع السلطات كسلطة الفواكه الجاهزة.
-
الأطعمة الجاهزة للأكل مثل الساندويتشات والبيتزا والمعجنات.
كيف تعالج التسمم الغذائي ؟
يكون معالجة التسمم الغذائي في معظم الحالات بالإسعاف الفوري للمريض إذا لم تستجب حاله وتهدأ خلال ثلاث أيام وتم تجربة المعالجة المنزلية وفشلت, وتتكون الرعاية المنزلية لمرضى الإسهالات الحادة الناتجة عن التسممات الغذائية كالتالي:
أعط معدتك بعض الراحة وتجنب الأكل لفترة, ثم حاول أن تتناول تدريجيا أطعمة سهلة وخفيفة على المعدة وسهلة الهضم مثل اللبن الرائب, و الموز والبطاطا المسلوقة والأرز.
حافظ على توازن الالكتروليتات كالصوديوم والبوتاسيوم عن طريق شرب الكثير من السوائل غير المخرشة للمعدة مثل مغلي البابونج والنعناع ويمكن إعطاء الشوربات ومرق اللحوم الساخن, لمحاربة الجفاف الحاد الناتج عن الإسهالات و القيء.
تجنب القهوة ومركبات الكافيين وتحاشى الأطعمة الغنية بالدهون والمشروبات الغازية والأطعمة الحارة و الألبان.
الزم الراحة قدر المستطاع
أما إذا بقي الإسهال والقيء لفترة مطولة, وبدأ أن المصاب لا يستطيع الحفاظ على السوائل التي يشربها, وظهرت علامات الجفاف ( العطش الشديد وقلة أو انقطاع البول وجفاف الفم والجلد والضعف العام والدوار ), وارتفعت درجة حرارة الجسم بشدة , أو كان الإسهال أو القيء مصحوبا بدم , فلا بد من إدخال المريض للمستشفى لمعالجة تعويض السوائل والشوارد عبر الزرق الوريدي وإعطاء العقاقير اللازمة كالمضادات الحيوية ومضادات الطفيليات مثل الجارديا والأميبيا وهناك تسممات لا يوجد لها دواء مثل التسممات الفيروسية والتي تأخذ فترتها وتنتهي ..تحتاج فقط علاج للأعراض المصاحبة لها .
إقرأ أيضاً..نصائح لتجنب التسمم الغذائي وآلام المعدة في العيد
نصائح للوقاية من التسمم الغذائي بعد رمضان وفي فترة عيد الفطر :
-
غسل اليدين جيدا قبل تناول الطعام.
-
عدم إبقاء الطعام خارج البراد فترة مطولة..أما الدرجة الحرارية المسموح بها لحفظ الطعام في البراد فهي 4.4 درجة مئوية, و الأفضل تبريد الطعام المطبوخ بعد ساعتين من القيام بطهيه, والاحتفاظ بالأطعمة الساخنة مغطاة في عدد من الأواني الصغيرة, حيث وان تعدد استخدام أساليب التغطية تختلف فهناك أغطية بلاستيكية وأغطية ورق القصدير والتي تمنع من انتشار البكتيريا في الطعام المتواجد داخل البراد .. إذن لأساليب التخزين والحفظ الجيد دور هام في منع انتشار البكتيريا وتعفن الطعام مما يسهم في تقليل فرص حدوث التسممات الغذائية .
-
التقليل من تناول الأطعمة الجاهزة.
-
طهي الطعام بشكل جيد .
-
فصل الطعام المطبوخ عن الطعام النيئ.
-
التأكد من نظافة الأماكن التي تقدم الأطعمة الجاهزة .
-
تفعيل دور الرقابة و التقييم و دورها في ضبط أماكن طهي و تقديم الطعام.
متى يجب غسل اليدين ؟ وما هي الطريقة المثلى لغسل اليدين؟
تعيش الجراثيم في أماكن تحضير الطعام والمطابخ والأماكن المحيطة بنا.. وخلال أدائنا لمهام حياتنا تلامس أيدينا أسطح وأجسام مختلفة والتي بدورها من الممكن أن تحمل الجراثيم من المحيط وتبقى هناك , وعند تحضير الطعام قد تنتقل هذه البكتيريا وتستقر فيه.. لذلك لتجنب العدوى قبل وأثناء وبعد تحضير الطعام، يجب غسل الأسطح التي تلامسها وغسل اليدين جيدا بالماء و الصابون . وقم بغسل اليدين جيدا خصوصا في الحالات الآتية:
-
بعد لمس الأطعمة النيئة .
-
بعد الذهاب للمرحاض.
-
بعد تنظيف الأنف و الغطاس.
-
بعد لمس الحيوانات .
و بحسب مركز مكافحة الأمراض والوقاية منهاCDC , يعد غسل اليدين من أفضل ووسائل الحماية والوقاية من الإصابة بالإمراض.. ولذلك يجب أن تقوم بفرك وغسل اليدين جيدا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن ثلاثين ثانية.
تمنياتي لكم بعيد فطر سعيد ووقاكم الله وذويكم الأمراض المعدية والتسممات الغذائية .. ولا بد في نهاية حديثنا أن نشدد على أهمية العناية بالنظافة وطريقة الطهي والحفظ والتخزين للأطعمة، كي ننعم بالصحة ونجنّب أنفسنا عواقب التسممات الوخيمة.
-
ممارس أول في طب القلب
-
أخصائية باطنية عامة