المجلة الطبية

زمن الجائِحات الماحِقات..!

-
عبدالله الصعفاني

زمن الجائِحات الماحِقات..!

أُصِبتُ فجأة بأعراض مرَضية إستهلكتُ معها المخزون الاستراتيجي من المناديل الورقية..وتطوَّر الأمر إلى شيء من حُمَّى وبعض من صقيق.
ولأن كورونا يتسيَّد المشهد الإعلامي التقليدي والسوشيال ميديا التي تَحوَّلَت الى عنابر لأخبار مصابين، وسرادق عزاء؛ كان عليَّ وفقا لأول ناصح أن أفترض (أنه هو) وتفاعلت مع الذي قال لي: احتمال يكون (هاضاك) خذ حذرك.
ومن جيز الناس وللمرة الأولى كتبت في صفحتي عبارة بسيطة قلت فيها:
قد تكون نزلة برد ثقيلة وقد..!)
وتجاهل الأصدقاء كل الكلام ومسكوا الحرفين(وقد..)
وهات يا دُعاء ونصائح على الخاص، منطلقين إما من تعامل حاذق مع تجربة شخصية مرَّوا بها، أو أعشاب من بلدان تُعبَد فيها الأبقار و تُركَب الأفيال..
ودائما.. بارك الله فيها مشاعر صادقة تفرض عليك رَفع كوفية التقدير و(قُبْع الاحترام).

قد يهمك..“كورونا” يجبر العالم على إرساء نظام صحي جديد

وبعد الحمدلله أن الأمر لم يكن سوى خلطة حميدة من فيروس وبكتيريا تغلبت عليها المناعة بدعم لوجستي من بعض الفيتامينات والمعادن إلا أن في الحكاية فرصة لأن أقول للعزيز وائل شرحة قائد كتيبة هذه المجلة المتخصصة بالطب وسنينه وهو يقول اكتب عنه فقلت له..
حاضر ..سأكتب عنه..؟

لم تكن الإصابة كورونية..
ومع ذلك..نحن بحاجة لأن نقول لبعضنا.. المرض الذي بدأ عابرا للحارات غادر الصين وصار عابرا للقارات.. ونحن بصراحة ما نزال نحتقره أو نتجاهله.. إمَّا مغامرة أو عجز، أو مكابرة جاهلة..
ولأسباب تتصل بإعاقاتنا الصحية والغذائية والمعيشية وحتى النفسية.. نحن في صدارة من يجب أن يأخذون حذرهم من بينات جائحة لا ترحم.. وحتى لو لم تكن بذلك الحجم من التهديد كما يوحي لنا أطباء مع الأسف رغم أنهم فقدوا زملاء لهم واعلاميون ومتحدثون من منابر، والجميع معنيون بالتوجيه والتثقيف لكن القليلين منهم يقولون لنا ولو من باب التذكير : احنا مش ناقصين بلاوي ولا أزمات..
فالظروف العامة والخاصة تفرض على كل رأس أن يتجنب الفأس.. لنتجنب عادتنا البائسة مع الإحساس الواهم بأن أجسادنا ضد الخدش مع أن الأمر يتصل بمعطيات الغذاء والدواء والحالة النفسية والتلوث البيئي والإمكانات.. فضلا عن جهلنا اللافت بأهمية احترازات صارت سلوكا اعتياديا عند الآخرين..!

إقرأ أيضاً..الصحة العالمية: بطء وتيرة التطعيم ضد كورونا في اليمن تعود لسببين

ما نزال نتصافح ونتعانق بلا حاجة رغم أن المثل اليمني يؤكد على أن كثرة السلام تقلل المعرفة.. ونسخر ممن يرتدي كمامة في زحام سوق أو قاعة مناسبات بصورة فجة أحيانا..
وما تزال عملتنا ممزقة،متسخة في طراوة تكفي لأن تكون حواضن لتجمعات فيروسية وبكتيرية متوحشة.. وفوق هذا نهمل في الكثير من صور النظافة، وبيننا من يتركون أصابعهم تعبث بعيون وأنوف وأفواه حتى في اللحظة التي يكون فيها طبيب متخصص قد بح صوته وهو يحذر وينصح من شاشة لا تنصح إلا من يسمع.

أنا وأنت وهو وهي وهم..
شوية احتراز ووعي بارك الله في الجميع.. ليس هربا من كورونا فحسب وإنما وقاية من حواضن تهيئ لأمراض أخرى سببها عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.. ثم قولوا لي بالله عليكم.. كيف ننكر أو نقلل من خطر جائحة ضربت العالم بإمكاناته الهائلة..؟وكيف للواحد منا وهو يرى الناس يتساقطون والمقابر في حالة استقبال غير طبيعي لضحايا مرض محدد وجزء من ضحاياه أولاد وبنات في عمر الفتوة والقوة ثم يتصور كل منا أنه غير مستهدف وأن الفيروس يبحث عن آخرين..؟

أي منطق وأي وعي يتقبل غريب التصورات..؟
والكارثة أن يشترك في مزاد العبط هذا متعلِّمون يزيدون قناعتك بأن مشاكلنا العميقة والسطحية ليست بسبب عدم قدرة شريحة واسعة من السكان على فك الخط، وليست مشكلة فقر في المعلومات وإنما هي مشكلة في ممارسة المسؤولية، وعجز في تحويل التعليم والشهادة إلى وعي بتفاصيل كثيرة أدناها الاعتراف بكل مشكلة.. ثم مواجهتها بالتحذير والتوعية الدائمة بأهمية الاحتراز ، والنظافة الشخصية.. خاصة في زمن الجائحات الماحقات.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

*

Exit mobile version