لقاح كورونا.. هوية جديدة تشترطها السعودية على مغتربي اليمن
mohammed alghobasi
-
المغتربون.. بين إشتراطات السعودية وتجاهل صنعاء وإهمال عدن
على منفذ الوديعة.. شهادة التطعيم جواز العبور
المجلة الطبية_ وائل محمد|
تفاجأ الثلاثيني عبدالكريم صالح من عدم سماح سلطات منفذ الوديعة له بالعودة إلى السعودية في أواخر مايو الماضي عبر منفذ الوديعة إلا بعد أن يتلقى جرعتي التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد على الأراضي اليمنية، وفقاً للاشتراطات التي أعلنتها وزارة الصحة السعودية منتصف مايو دون سابق إنذار.
أكثر من 997 كم, هي المسافة التي قطعها صالح مع ثلاثة أصدقاء آخرين (جميعهم مغتربين) من إحدى أرياف محافظة حجة الشمالية ـ مروراً بصنعاء ومارب ـ حتى منفذ الوديعة للعودة إلى أعمالهم في السعودية بعد أن أوشكت إجازاتهم على الانتهاء.
اشتراط السلطات الصحية السعودية ضرورة حصول اليمنيين الراغبين دخول أراضيها ـ سواء المغتربين أو الزائرين ـ على شهادة تطعيم ضد فيروس كورونا, جعلت آلاف المسافرين ما بين عالقين في المنافذ أو على قائمة الانتظار لأكثر من ستة أسابيع من أجل الحصول على جرعة اللقاح الثانية, في حال تمكنهم من الحصول على الجرعة الأولى, بحسب عبدالله عبد المجيد (32 عاما) رفيق صالح.
تلك الاشتراطات أجبرت السلطات الصحية في عدن, على تغيير استراتيجيتها في توزيع اللقاح واعتماد كمية منه للمسافرين نحو السعودية, بعد أن كانت حددت أولويات التطعيم لـ “العاملين في القطاع الصحي, وكبار السن ممن تجاوزوا 60 عاماً, والمتعايشين مع الأمراض المزمنة” حسب نشرات المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي بعدن.
أضطر صالح ورفاقه (عبدالله, وكمال, ومحمد), وخمسون مسافراً آخرون كانوا على متن الحافلة ذاتها, للتنقل بين مستشفى كرى، وفندق عرش بلقيس في مفرق حريب بمحافظة مارب، والمستشفى السعودي في منفذ الوديعة، في سبيل الحصول على الجرعة الأولى من لقاح “أسترازينيكا” دون جدوى، بعد أن نفذت الكمية المتوفرة في تلك المراكز التلقيح التي حددتها وزارة الصحة بعدن للمسافرين عبر منفذ الوديعة, إضافة إلى ثلاث فرق في مستشفى سيئون العام شمالي محافظة حضرموت.
لم يكن أمام الرفاق الأربعة بالإضافة إلى عشرات المسافرين بعد فشل مساعيهم في الحصول على اللقاح على مدى يومين، سوى الاستمرار في السير نحو 432 كم شرقا قاصدين مستشفى سيئون العام, ليتمكنوا بعد يوم من الانتظار هناك من الحصول على الجرعة الأولى للتطعيم ضد كورونا, ومن ثم العودة إلى ديارهم.
لا يختلف الحال مع العشريني فارس علي, الذي تنازعه الخوف من انتهاء أجازته في اليمن واشتراطات العودة إلى وظيفته في السعودية بحصوله على اللقاح، لذا غادر صنعاء باتجاه منطقة المخا ،368 كم جنوب غرب العاصمة، لتلقي اللقاح في مركز الجمعة, وهو أحد الـ 43 مركزا التي حددت للتطعيم في 17 مديرية تابعة لمحافظة تعز الخاضعة لحكومة عدن, وفقا لبيانات صادرة عن وزارة الصحة.
تمكن علي من أخذ الجرعة الأولى بعد أربعة أيام من السفر والانتظار , يقول -لـ المجلة الطبية- “أصبحنا نعيش ونشعر بالاغتراب في وطننا, أكثر من أي بلد آخر نهاجر إليه”.
المرور بمناطق ساخنة
ويصف رحلة الأربعة الأيام وهو يبحث عن لقاح بـ ” البحث عن الحياة في رحم الموت”. ويتابع” لقد تنقلت من محافظة إلى أخرى ومررت بمناطق مصنفة أرض معركة وعبرت حواجز أمنية تكون أمامها مهدد بالاعتقال والسجن بتهمة رغبتك في العيش ومغادرة وطنك للعمل والكسب لتضمن لنفسك وأهلك أبسط مقومات الحياة”.
كان بإمكان علي وصالح وجميع من على متن الحافلة والمئات من اليمنيين الراغبين في السفر الحصول على اللقاح في أماكن سكنهم سواء في العاصمة صنعاء أو في أي محافظة شمالية, في حال أن وزارة الصحة بصنعاء, طالبت بحصتها من اللقاحات من مبادرة كوفاكس في وقت مبكر.
العشرات ممن تمكنوا من الحصول على الجرعة الأولى من التلقيح, لم يحصلوا من فرق التطعيم على موعد الجرعة الثانية, وما تزال أمنياتهم بالعودة إلى أعمالهم في أرض الغربة متعلقة بسماح السلطات السعودية لهم بالدخول وتلقي الجرعة الثانية في أراضيها، وهذا ما يبدو بعيدا بالنظر إلى الإجراءات الحازمة والمشددة على حصول القادمين على الجرعتين قبل دخول أراضيها.
وبحسب الأمم المتحدة ووزارة الصحة بعدن, فقد وصلت إلى عدن في 31 مارس الماضي 360 ألف جرعة من لقاح “أسترازينيكا” ، بالإضافة إلى 13 ألف صندوق أمان ومليون و300 ألف حقنة لبدء حملة التلقيح بشكل آمن وفعّال, وهذه الدفعة الأولى هي جزء من 1.9 مليون جرعة سيتلقاها اليمن مبدئيا طوال عام 2021 عبر مبادرة كوفاكس للتوزيع العادل للقاحات.
تم توزيعها على المناطق التابعة لحكومة عدن باستثناء 10 آلاف جرعة خصصت للمحافظات الشمالية وفق طلب وزارة الصحة بصنعاء, قبل أن تتراجع في طلبها ذلك وتخفض الكمية إلى ألف جرعة, كما أوضحت منظمة الصحة العالمية في صفحتها على الفيسبوك في الـ 24 من إبريل الماضي.
ووفقا لمصادر خاصة في حكومة عدن, أن وزارة الصحة تجري تواصلات مع السلطات الصحية السعودية لإيجاد حل لليمنيين العائدين إلى السعودية ممن تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح في اليمن, أن يستكملوا الجرعة الثانية في السعودية. وفي حال تعثر الوصول إلى اتفاق بين الجانبين ستضطر وزارة الصحة بعدن إلى تخصيص جرعات إضافية من الكمية الحالية, مع العلم أنها أوشكت على النفاد, حسبما يوضح.
بينما يقترح مختصو الأوبئة, بسرعة طلب الدفعة الثانية من الكمية المخصصة لليمن لعام 2021م وإدراج المسافرين ضمن الفئات ذات الأولوية في التلقيح.