من أجل صناعة قرار علاجي رشيد وناجع لابد من إتباع معيارية تعزز من الممارسات الجيدة في مهنة الصيدلة ، وكما هو متعارف عليه عالمياً أن المهن الصحية تتآزر من أجل التوصل لمخرجات علاجية مفيدة للمريض نجد أن الصيادلة هم حجر الزاوية في هذا المجال ،فالطبيب المحترف يضع جُلَّ همِّه في التشخيص التفريقي للوصول لتشخيص صحيح ومن ثم يصف الأدوية لمريضه بالاسم العلمي لا التجاري ( كما هو حاصل اليوم ،ويعد من تضارب المصالح وخوارم نزاهة الطبيب ) ،بعدها يأتي دور الصيدلاني المتمكن من أسس الاقتصاد الدوائي والمتشرب لمبدأ محورية المريض التي تقتضي مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمريض ومشاركته في تحالف علاجي يكون هو طرفا هاما فيه .
هُنا يتوجَّبُ على الصيدلاني التأكد من أن الدواء الموصوف يحقق الاشتراطات السريرية اللازمة لمشكلة المريض الصحية وهل يُناسب عُمْرَ وجنس المريض ،وما هي الإجراءات التي تمت في الدراسات السريرية المثبّتة ويقارنها مع حالة المريض ويتخذ النتائج الواردة في الدراسات السريرية كمؤشر أداء مبدئي للدواء ، ويتوجب بعد ذالك تواصل الصيدلاني مع المريض لعرض جوانب متعلقة بالدواء وأثره على نوعية الحياة وتفضيلات المريض من جرع وأشكال دوائية وغيره ، يقوم الصيدلاني بالبحث عن الدواء الأرخص والذي يعطي نفس النتائج من بين الأدوية المسجلة في البلد ولابد أن يكون على دراية بالمنتجات البديلة والجنيسة ( لنفس المادة الفعالة ). التي تعطي نفس النتيجة وبسعر اقل ولابد من توافر دراسات معينة لاتخاذ القرار مثل التكافؤ الحيوي بأنواعه ودراسات التماثل البيولوجي للأصناف ذات التقانة الحيوية أو البيولوجية ،ودراسات تقييم المنافع في مقابل المخاطر خصوصا لمرضى السرطان وموانع الحمل وغيره وإذا رأى الصيدلاني ان تفضيلات المريض تتعارض مع الأعراض الجانبية للدواء ،فيقوم بالبحث عن دواء آخر لنفس المرض بشرط أن يكون ( cost -effective) ، ومن ثم يتواصل مع الطبيب المعالج بهذا الشأن مع بيان الأسباب وتوافر البراهين السريرية والاقتصادية .
البعض قد يرى سفسطائية في هذا النظام لكن ،بالنظر للمخرجات العلاجية المطلوبة والموفورات الاقتصادية التي يجنيها البلد وتساعد على توزيع وتخصيص الموارد بشكل أفضل نجده فاعلا وأداة تنمية صحية ناجعة .
نلخص المبدأ بالتالي :
1-لابد من وجود معيار للتحليل الاقتصادي في اختيار الدواء كإثبات وبرهان لإدارة الموارد
2-لابد من وجود دراسات سريرية تعزز اتخاذ القرار كبرهان سريري
3-لابد من مراعاة الجوانب الإنسانية وأثر العلاج على نوعية حياة المريض الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية واحترام تفضيلاته تحقيقا لمبدأ محورية المريض ( patient centric principle) ، والذي يعتبر أحدث سلوك في الممارسات الصحية .
وأخيرا نُذكِّر بالمقولة التي تؤكد على أن أي دواء فعّال قد لا يكون مبرر فاعليته مقابل قيمته ،ولكن حين يكون الدواء اقتصاديا ولديه دراسات ففاعليته مبررة مقابل قيمته أي أنه (cost – Effective ) .