المجلة الطبية

الأسبرين والكتابة

-
وائل شرحة

تتلاشى وتغفو بعد لحظات من وضعها في كوب الماء، لتشربها قبل أن تغفو وكلك آمال بأن تقوم بوظيفتها تجاه تخفيف ألمك.. أتحدث عن العلاجات الفوارة.. وهي لا تختلف كثيراً عن مشاريع الصحة. مع فارق أن الأخيرة تختفي ولا تتلاشى، تحيا بصوت الإعلام وتطفو على أبواب المسؤولية قبل أن تعالج وجعاً كان مهجورا ونائما. والنوم رغبة لا يدرك ثمنها إلا من لحق بحياته السهر الممزوج بالأنين.

 أوجاع مختلفة كمّاً وكيفاً نخرتها السنوات، وأنكأتها الحرب فينا كأشخاص، وفي الحكومة كسلطة ومؤسسات. أوجاع لا تكفي مياه البحر إن تحولت لحبر لصياغتها وشرحها.. أدرك البعض فيها قيمته الذاتية، وعملت مؤسسات خاصة على النهوض من بين الركام وهذا ليس في بلدنا.

 مؤسسات الدولة استخدمت ما يحدث كذريعة وشماعة لتبرر مراحل وموجات فشل عديدة على الواقع.. واكتفت برفع كأس النجاح والنصر على واجهات وسائل الإعلام، كقائد بيزنطي عاد من المعركة هاربا دون رجاله وبلا سيف ودرع.

قد يهمك..تقارير أممية تتحدث عن قفزة كبيرة في مجال تنظيم تكنولوجيا الحمض النووي

كل ما تبقى له حصانه الذي لحق به في منتصف طريق الهروب من صليل سيوف أعدائه، ليحشد مواطني قلعته.. ويخبرهم أنه انتصر ورجاله في السماء يحتفلون ويطلبون أهلهم مشاركتهم رفع الكؤوس ودفع الضرائب لتحقيق نصر آخر..!!

أوجاعنا الشخصية نعرف كيف نداويها بأنفسنا، كفراق حبيب أو رحيل قريب أو كخسران صديق.. ونزلة البرد يتكفل بها زوم الوالدة وزنجبيل الزوجة، لكن هناك ما ليس بمقدورنا أن نتجاوزه إلى بر الأمان. لأننا لا نملك السلطة إليه. وليس بحوزتنا مداد التوجيه والأمر، الذي تتجمع حوله مؤسسات عديدة ومختلفة ويساندها المجتمع لتحقيقه.

يعاني البلد من انهزامات كبيرة وصغيرة، ومترابطة مع بعضها، والسطور هنا تشير إلى الأمن الدوائي.. عنوان تصدرته وسائل الإعلام في صنعاء على مدى ثلاث سنوات ماضية، وكانت المجلة الطبية أحد متبنيه.. ناقشت، طرحت، شجعت، حاول هيئة تحريرها أن يكونوا جزءاً من تحقيق حلم كاد أن يكون حقيقة، ووجع كان منسياً أيقظته الحرب، وبحثت هيئة الأدوية والاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية عن بلسم لمداواته وصنع إكسيره.

كنا حاضرين في المؤتمرات الكبيرة والاجتماعات المغلقة والمفتوحة، ناقشنا الخطط وأعلنا الاستراتيجية الوطنية للصناعة الدوائية اليمنية كخطوة أولى وأخيرة لتحقيق الأمن الدوائي.. وأعقبتها قوانين لم تفعّل حتى الآن، وتوجيهات مبعثرة بين الصحة والمالية والجمارك والضرائب والاستثمار وعربية الشاي المركونة في جولة ما تزال أمانة العاصمة تنتظر موافقة إقرار مستخلصها الكافي لبناء مركز صحي.

إقرأ أيضاً..آلية سعرية جديدة للأدوية في صنعاء وهذا موعد إعلانها

 شيء من ذلك الذي كان كبيراً رحل عن المشهد، غاب واختفى، أجهض جنينه وغُيّب نجمه لم يعد ظاهراً بعد أن كان قد بزغ وتلألأ.

“كل شيء يحدث بسبب ولسبب” لا أجد هذه العبارة منطقية عندما يتعلق الأمر بتوجهات سلطة، دولة، رئيس.

مشاريع الدولة لا شيء يعيقها إلا القائمون على تحقيقها، ومن الفشل أن تتوقف بسبب استقالة أو تغيير مسؤول وكأنه كان خالقا وإلهاً لها.. !!

من المعيب أن نواعد رعايانا ونمنحهم الأمل ومن ثم نستدير بأيديه لبتره وقطع دابره..!!

ولكننا للعلم نتذكر جيداً وندون كل حديث لكل مسؤول، ونوثقه للأجيال..

لن أستحضر دور الصناعة الوطنية الدوائية هنا، لأننا تحدثنا عن أنها حسبكم وقت الوباء والأمراض.

 أشرنا في تقارير صحفية سابقة كيف أنتجت شفاكو في وقت قياسي أدوية فيروس h1n1 ومنحت الصحة كمية بكرم لا يوصف، في وقت كان الفيروس يفتك في المجتمع مع غياب أدويته، ووثقنا كيف أنتجت سبأ فارما دواء كورونا الخاص بالأطفال في بدء الجائحة وكانت الشركة العربية الثانية في ذلك، ولفتنا إلى دراسات أثبتت تفوق أصناف مضاد حيوي لفارما كير عن أصناف مصرية..

بعض شركات تصنيع الأدوية الوطنية لديها رؤية عميقة لتحقيق الأمن الدوائي، لديهم خطط تعجز المؤسسات الرسمية عن إعدادها وتنفيذها، لكن ما جدواها، وقد طرحت ونوقشت واعتمدت وتحولت إلى أدراج وسلات المهملات؟!

ربما من المغفور له والمعفي عنه إن لزم الأمر أن نهمل بعضاً من الأشياء، لكن الدواء والدواء اليمني تحديداً ليس واحداً منها.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

ليس من الجيد، ولم يكن يوماً من المسؤولية، أن يذهب، ما يرتبط بحياة وصحة المرأة، الطفل، الكهل، الشاب، المجتمع بأكمله والحياة برمتها، أدراج الرياح.. ومن العيب أن تغدو المشاريع مجرد فوارة..!!

ولن يكون منطقيا وأنا أتابع وأرصد وأكتب عن هذه الأمور ألا أتناول “الأسبرين” يمني الصنع أقراصاً بلع ومضغ و75 و81 ..و…. انتهينا بالشفاء.

Exit mobile version