خاص _ المجلة الطبية|
حذر استشاري الأمراض النفسية، الدكتور قاسم المقطري، من بعض السلوكيات المجتمعية التي قال إنها تساهم في إصابة البعض بالأمراض النفسية.
وقال أن ” نحو 30% من المرضى الذين يزورون العيادات الخارجية للعلاج من الأمراض الصدرية أو لأي سبب آخر طبي باطني أو غيره يتضح بعد الفحص أن السبب الرئيسي مرض نفسي”. معتبرا ذلك، سبب انتقال المريض من عيادة إلى أخرى، بالإضافة إلى تناول أدوية كثيرة تخص أمراض أخرى غير التي يعاني منها الشخص نفسه، مما يجعل المريض يتقمّص شخصية مرض باطني.
وأفاد استشاري الأمراض النفسية “هناك مرض نفسي مثير للجدل يسمى الجسدنة، وأطلقت عليه هذه التسمية لأن أعراضه تكون باطنية ولكن مع التحري يتضح أنها لا تنطبق على أي مرض باطني”.
وأوضح أن “بعض المرضى قد يعيشون متوهمين من أنهم مصابون بمرض خطير، رغم أن نتائج الفحوصات تؤكد خلوهم من أي مرض خطير، ومن هنا جاء مصطلح جديد” Illnes Anxity Disorder ، قلق الإصابة بمرض عضوي” .
وبحسب الدكتور المقطري، تعتبر “الولعة” بمختلف أشكالها سواء المخدرات، أو “القات”، أو التدخين و”الشمة”، من أبرز معيقات علاج المريض النفسي، فمثلاً المريض بالفصام العقلي لا يستطيع التوقف عن الإدمان على شيء قد يكون ضارا، ويصبح إدمانه مفرطا.
وقال إن “القات”، الذي هو من المواد المخدرة التي تسمى الامفيتامينات، يلعب دوراً رئيسياً عند البعض في استمرار المرض النفسي وعودته.
وتابع ” فمثلا تحت الضغوط والتجارب الأسرية يجبر المريض على ترك “القات” لعدة أشهر وتتحسن حالته، وبعد ذلك يعود لتعاطي “القات”, وخلال يوم أو يومين من السهر مع تعاطي “القات” تسوء حالته من جديد، وتعود إلى ما كانت عليه بل أحيانا أشد”.
ويشدد الدكتور المقطري على “ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين إرادة مريض وآخر”، مضيفاً “فبعض الحالات يكفي أن يتوقف المريض عن “القات” والتدخين حتى يتحسن بدون علاجات والبعض يحتاج علاجا ولكن بجرعات قليلة”.
وتطرق المقطري إلى موضوع مهم ما يزال يسيطر على نفسيات الكثيرين من الناس، ويؤثر سلباً على صحتهم، كموضوع السحر والشعوذة.
ومضى قائلاً “بالرغم من أننا نعيش في القرن الـ21، إلا أننا ما زلنا للأسف نرى الكثير من الخرافات وخاصة في الجوانب النفسية مثل العين والسحر والمس، وغيرها”.
وبينما حذر من التعامل مع المشعوذين، شدد الدكتور المقطري على ضرورة عرض المرضى على الأخصائيين النفسيين بأسرع وقت، لكي يحصلوا على الاستشارة الطبية الدقيقة والعلاج المناسب في وقت مبكر حتى لا يهدروا وقتهم ومالهم في التنقل بين المشعوذين والمعالجين الشعبيين”.
كما حذر من ترك المريض بدون علاج “فكلما طالت فترة المرض بدون الحصول على الرعاية الطبية المناسبة، يصبح بحاجة إلى فترة طويلة في العلاج حتى يحصل على الشفاء، لأنه قد يستمر سنوات، بينما لو أنه حصل على الرعاية الطبية مبكراً فربما لن تستمر فترة العلاج أسابيع أو بضعة أشهر.
ويعتمد علاج المرض النفسي (العقلي وإدمان المخدرات والاضطرابات السلوكية) على شقين، أحدهما سلوكي والثاني دوائي، يتم العلاج السلوكي بعقد جلسات لتبديد الفكر السلبي لدى المريض بأفكار أكثر ايجابية، يقول الدكتور المقطري، ويضيف:
“والإنسان المتعافي أو الذي عنده تاريخ مرضي فصام أو ثنائي القطب، نقصد به اكتئاب ونقاهة ثم هوس، مثل هؤلاء نشدد عليهم ضرورة اتباع التعليمات والالتزام بخطة العلاج حتى لا يتعرضوا لانتكاسة، ليكون المريض على معرفة بأن حالته تتدهور.
وقال إن على الأسرة أن تستوعب المريض، وأن تتعامل مع حالته وفقاً لتوجيهات الطبيب النفسي، مشيراً إلى أن بعض المرضى يتوهمون بأن أحد أفراد الأسرة قد يسعى لقتله أو لوضع السم له في الطعام، وقد يصل الأمر ببعض المرضى إلى الاعتداء على بعض أفراد أسرته كالزوجة مثلا متوهما أنها تخونه”.
وأضاف” بيد أن أخطر هذه الأمراض هو هوس العفة والشرف الذي قد يؤدي إلى جريمة القتل بدم بارد عندما يتحول سلوك الزوجة إلى مصدر هوس لدى زوجها ويشكك بكل تصرفاتها ويربطها بـالخيانة، وهنا يجب التعامل مع المريض بحكمة وألا تأتي ردة الفعل عنيفة، ويتوجب عليهم استشارة الطبيب الذي سيقدم لهم نصائح وفق مستوى الحالة المرضية”.
وانتقد المقطري، سلوكيات يقوم بها الأهل وتسهم في تدهور الحالة الصحية للمريض، خاصة إذا كان يعاني من الفصام العقلي والذهان الوجداني، مبيناً أنه وبمجرد محاولة الأهل إقناع المريض بأن ما يعتقده ليست سوى شكوك وأوهام غير صحيحة وأنها ناتجة عن إصابته بمرض نفسي، فإنهم بذلك ساهموا في تفاقم حالته.
وتابع” لذا يتوجب عليهم في حال كان الشخص يعاني من أوهام ولا يصدق من حوله؛ عرضه على الطبيب بدلاً من محاولة إقناعه, فالأوهام والشكوك بالنسبة للمريض هي اعتقادات غير قابلة للتشكيك، ولن تزول إلا بالعلاج، وبالعلاج وحده ستتحسن حالته ، وبعد تحسنها بنسبة كبيرة يمكن البدء بتقبل محاولات الإقناع”.
لافتاً إلى أن العلاج بجرعات كبيرة مع الاستمرار في تعاطي القات قد يتسبب في زيادة الوزن وظهور مرض السكري أو عدم القدرة على التحكم في علاجه، فضلاً عن ظهور مضاعفات أخرى كالضعف الجنسي.
وينصح الدكتور المقطري، عندما يبدأ المريض بالتحسن يقوم الطبيب بتقليل العلاج بشكل تدريجي حتى يشفى تماماً، وفي حال ساءت حالته مجددا سيقرر الطبيب علاجه وفق الجدول السابق وفق حالته.
يعاد نشر هذه المادة عن منصة (عوافي) في إطار حملة “تحدث.. ليست كل الجروح ظاهرة” التي أطلقتها المجلة الطبية للتوعية بأهمية الصحة النفسية. والحملة بدعم من شركة “سبأ فارما للصناعات الدوائية”.
المصدر : https://alttebiah.net/?p=17322