عائلات تُلحق الأذى بأطفالها
تقرير: الطبية
يظن بعض الآباء والأمهات أن تعاملهم القاسي مع أطفالهم وتعنيفهم المستمر، يجعلهم أكثر حذقاً في مختلف أمور الحياة، وناجحين في دراساتهم، لكن نتائج تلك المعاملة تظهر بعد عدة سنوات بشكل صادم.
قالت دراسة نشرتها مؤخراً دورية شايلد أبييوز آند نيجليكت التي تتناول قضايا تتعلق بـ”إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم”، وأجراها فريق بحثي هولندي، إن “سوء معاملة الأطفال يرتبط في المستقبل بعلاقات أقل جودةً مع شركاء حياتهم”.
قد يهمك..هل تؤدي أدوية الاضطرابات النفسية إلى الإدمان؟
وقام الباحثون بتحليل بيانات 2035 شخصًا بالغًا اشتملت عليها “الدراسة الهولندية للاكتئاب والقلق”، التي بدأت عام 2008، وشارك فيها 2981 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا، يعانون الاكتئاب أو اضطراب القلق، و907 من الأشخاص معرضون لخطر الإصابة بـ”الاكتئاب أو اضطراب القلق” بسبب وجود تاريخ عائلي للإصابة بمثل هذه الاضطرابات، و373 شخصًا سليمًا يمثلون “المجموعة الضابطة”، مؤكدين أن “هذه المشكلات تنشأ في المقام الأول بسبب الاكتئاب الشديد المرتبط بصدمة الطفولة”، بحسب مجلة “للعلم”.
ونبهت الدراسة على أن” سوء معاملة الأطفال يمثل قلقًا كبيرًا للصحة العامة، ولا يتوقف مصدره عند حدود أفعال الوالدين، بل يمتد ليشمل أفعال مقدمي الرعاية أيضًا، ويؤدي إلى إلحاق الضرر بالطفل أو التهديد المحتمل له، حتى لو كان هذا الضرر غير مقصود”.
وفي الغالب يتم التمييز بين أربعة أنواع من سوء معاملة الأطفال، هي” الاعتداء الجسدي، والاعتداء الجنسي، والاعتداء النفسي أو العاطفي، والإهمال”.
300 مليون طفل يعانون نفسياً
تشير تقديرات منظمة اليونسيف، إلى أن حوالي 300 مليون من الأطفال، يمثلون نحو 75% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و4 سنوات في جميع أنحاء العالم، يعانون من الإيذاء النفسي، أو العقاب البدني داخل منازلهم من قِبل مَن يتولون رعايتهم، وأن حوالي ستة من كل عشرة أطفال تقدر أعمارهم بـ12 شهرًا في 30 دولة يعانون من التأديب العنيف، ويتعرض واحد من كل عشرة أطفال منهم تقريبًا للضرب أو اللكم في الوجه أو الرأس.
وفي الدارسة، ركز الباحثون تحليلهم على المشاركين الذين قدموا بيانات حول مدى جودة علاقاتهم الحميمة وأنماط ارتباطهم ضمن تقييم المتابعة الذي امتد لمدة 9 سنوات؛ إذ حلل الباحثون بيانات 2035 بالغًا – كانوا على علاقة حالية أو سابقة بشركاء حياة- تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا؛ بهدف التحقق من ارتباط إساءة معاملة الأطفال بالعلاقات الأسرية غير الآمنة وبنوعية العلاقات الحميمة في المستقبل، وعلاقة ذلك بالاكتئاب والقلق والإفراط في تناوُل الكحوليات.
الباحثون اعتمدوا أيضًا على العديد من الاختبارات التي تُستخدم على نطاق واسع لقياس شدة الاكتئاب، مثل “التقرير الذاتي لأعراض الاكتئاب”)، و”اختبار تحديد اضطرابات تعاطي الكحول”، و”مقياس بيك للاكتئاب”، الذي يتكون من 21 سؤالًا متنوعًا ما بين الأعراض والمواقف اليومية الشائعة التي يمكن أن تحدث بين الأشخاص المصابين بالاكتئاب، مثل الحالة المزاجية، والعزلة الاجتماعية، واضطراب النوم، وغيرها من المواقف.
وضمت عينة البحث، التي حلل الباحثون بياناتها، 1348 من الإناث بنسبة بلغت 66.2٪، في حين بلغت نسبة الذكور 33.8٪، وبلغت نسبة الأشخاص الذين ارتبطوا بعلاقات حميمة 87.9%، تنوعوا ما بين (68%) مرتبطين بعلاقة مع شركاء حاليين، و(16.1%) انفصلوا عن شركاء حياتهم، و(3.5%) توفي شركاء حياتهم، ووفق الدراسة، فقد أبلغ 78% من المشاركين عن تعرُّضهم لتاريخ من الاكتئاب أو القلق.
إقرأ أيضاً..أطفال اليمن.. حياة وأحلام تحطمت قبل الأوان
وفيما يتعلق بالمعاناة من الإساءة والإهمال، أوضحت تحليلات البيانات أن 33.1٪ من المشاركين عانوا من الإهمال العاطفي مرةً واحدةً على الأقل، و20.0٪ تعرضوا للإيذاء النفسي مرةً واحدةً على الأقل، و4.3٪ تعرضوا للإيذاء الجسدي مرةً واحدةً على الأقل، و4.7٪ تعرضوا للاعتداء الجنسي مرةً واحدةً على الأقل، بينما تعرض الباقون لأكثر من شكل من صور الإساءات.