تطوير علاج مناعي آمن للسرطان
الطبية – تقرير|
لا يزال السرطان يحصد حياة الملايين سنويًّا، وقد بلغت أعداد الوفيات الناتجة عن الإصابة به في عام 2020 وحده قرابة 10 ملايين حالة حول العالم، ولهذا يكثف العلماء جهودهم من أجل الوصول إلى المزيد من الاستراتيجيات العلاجية التي تُسهم في الحد من الإصابة بالسرطان، وكذلك البحث عن طرق وتقنيات علاجية جديدة.
ووفقاً لمجلة “للعلم“ العلمية، يعتبر العلاج المناعي للسرطان إحدى التقنيات العلاجية الواعدة التي أحرزت تقدمًا كبيرًا في الأعوام الأخيرة، وتجذب الآن العديد من المعامل البحثية، يعمل جهاز المناعة على حمايتنا من الأجسام الغريبة ومحاربة الالتهابات والأمراض المختلفة، واكتشاف الخلايا غير الطبيعية وتدميرها.
قد يهمك .. جراح القلب وصندوق الرمان
وذكرت المجلة في تقرير حديث لها، إن العلاج المناعي يساعد جهاز المناعة على العمل بشكل أفضل ضد السرطان، أحد أنواع العلاج المناعي للسرطان هو “العلاج بالسيتوكينات“، ويعمل على تنشيط استجابة الخلايا المناعية داخل الأورام، ولكن عادةً ما تكون هناك آثار جانبية غير مرغوب فيها، مثل السمية الشديدة.
وأشار التقرير إلى قيام باحثين بتطوير شكل معدل من السيتوكينات التي تجعل هذا النوع من العلاجات أكثر أمانًا، وذلك من خلال تصميم أحد أنواع السيتوكينات (IL-12) لاستهداف الأورام، نشر الباحثون نتائج دراستهم، التي عملوا عليها منذ قرابة ست سنوات، في دورية ساينس إيمونولوجي، في خطوة من شأنها أن تمكِّننا من إضافة أداة قوية إلى مجموعة أسلحتنا المضادة للمرض، كما قد تساعد التقنية ذاتها في جعل علاجات أخرى أكثر أمانًا.
ونقل التقرير عن الباحث في مركز ساوث ويسترن الطبي بجامعة تكساس، وأحد باحثي الدراسة، بنيامين مون، قوله:“يهتم مختبرنا بتعديل جزيئات المناعة الطبيعية في الجسم كي تصبح أكثر أمانًا وفاعليةً في علاج أنواع مختلفة من السرطان، وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك في ابتكار عقاقير أولية، وهي أشكالٌ من الدواء يتم تنشيطها عند الاتصال بالخلايا السرطانية“.
ومن المعروف أن محاربة السرطان جزء من الوظيفة الطبيعية لجهاز المناعة، على سبيل المثال، الخلايا اللمفاوية المتسلِّلة إلى الورم أو TILs، والتي تُعد إحدى أدوات الجهاز المناعي، وهي أيضًا أحد أنواع خلايا الدم البيضاء التي تهاجر من الدم إلى الورم وتتجمع حوله أو بداخله حتى تتمكن من قتل الخلايا السرطانية ومنع انتشار المرض، لكن في المقابل، نجحت الخلايا السرطانية في تطوير أساليب دفاعية مكَّنتها من الهروب من الموت على يد هذا الجندي.
وهناك عدة أنواع للعلاج المناعي للسرطان، من شأنها مساعدة الجهاز المناعي في حربه ضد المرض، تتضمن هذه العلاجات استراتيجيات مختلفة، منها ما يستهدف التخلص من الأساليب الدفاعية للخلايا السرطانية، ومنها ما يستهدف تعزيز الاستجابة المناعية وتقويتها وتحديد أثرها ليقتصر على الأورام فقط.
ويشير التقرير إلى أن العلاج المناعي يمكن أن يسبب آثاراً جانبية، عندما يعمل الجهاز المناعي الذي جرى دعمه لمحاربة السرطان ضد الخلايا والأنسجة السليمة في الجسم أيضًا.
وبحسب الدراسة فإن الخلايا المناعية التي يمكنها الاستجابة والقضاء على الخلايا السرطانية هي إلى حدٍّ كبير الخلايا المناعية نفسها الموجودة في الدم، حيث تحفز العلاجات المناعية الخلايا خارج الورم بالإضافة إلى الخلايا الموجودة بداخله، يمكن أن يؤدي التحفيز المناعي غير المحدد إلى الالتهاب وموت الخلايا.
من أجل ذلك، يركز الباحثون على عدة مجالات رئيسية لتحسين العلاج المناعي، بما في ذلك كيفية تقليل الآثار الجانبية للعلاج المناعي.
وتُعَدُّ السيتوكينات بروتينات تصنعها خلايا الدم البيضاء لمساعدة الجسم على محاربة السرطان أو العدوى أو غيرها من الأمراض، وهي تؤدي دورًا مهمًّا في الاستجابة المناعية للجسم، وتعمل السيتوكينات كإشارات قوية تساعد على تنشيط جهاز المناعة، ولكن الإفراط في هذا التنشيط يسبب آثارًا جانبيةً خطيرة، تُعرف باسم عاصفة السيتوكين، ويمكن أن تكون مميتة، كما حدث مؤخرًا مع العديد من مرضى كوفيد-19.
وتمكَّن العلماء من تصنيع هذه السيتوكينات في المختبر لاستخدامها كعلاج لأمراض مختلفة من خلال مساعدة الجهاز المناعي على قتل الخلايا السرطانية أو منعها من النمو، والنوعان الرئيسيان من السيتوكينات المستخدمة في علاج السرطان هما الإنترلوكينات (ILs) والإنترفيرونات (INFs).
إقرأ أيضاً .. د. مطهر الدرويش: لا أضرار لسكري البول
وفي حديث لمجلة “للعلم“، يقول محمد أسامة العرابي، مدرس طب الأورام بجامعة عين شمس، وغير المشارك في الدراسة:“العلاج بالإنترلوكينات يُعَدُّ من أوائل الاستراتيجيات العلاجية المستخدمة في العلاج المناعي للأورام –خاصةً أورام الكُلى وبعض أنواع سرطان الجلد– منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن المشكلة التي حدت من انتشار هذا النوع كانت في فاعليته وبعض الآثار الجانبية“.
ويقول تقرير المجلة الأمريكية، إن الباحثين أرادوا جعل هذا النوع من العلاجات أكثر أمانًا، وذلك من خلال تطوير أحد أنواع الإنترلوكينات وهو IL-12، لأن IL-12 هو سيتوكين قوي بإمكانه القضاء على الأورام بشكل تام في نماذج الفئران، على الرغم من ارتباط تناول جرعته الفعالة بحدوث تأثيرات سامة، أردنا تعديل تركيب IL-12 بشكل يتيح لنا الاحتفاظ بفاعليته ضد الأورام، وفي الوقت ذاته يقلل مستوى السُّمِّيَّة الناتجة عنه.
وأطلق الباحثون على السيتوكين المطوّر الذي أنتجوه اسم pro-IL-12، وهو سيتوكين مُقنَّع بقناع يمكِّنه من التنكُّر والتسلُّل إلى الورم لتنشيط الخلايا التائية المضادة للأورام في الفئران، بمجرد دخول هذا السيتوكين إلى الورم، تتمكن إنزيمات معينة ينتجها الورم تسمى matrixmetalloproteases من إزالة قناع السيتوكين، ومن دون القناع يتمكن السيتوكين من تحفيز استجابات مناعية قوية ضد الأورام، وكذلك يعمل على إبطاء نمو الأورام المختلفة دون التسبُّب في آثار جانبية سامة.
وتجدر الإشارة إلى أنه نظرًا إلى سُمِّيَّة IL-12، لم تصرح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية باستخدامه لعلاج السرطان، ولكن الباحثين يعتقدون أن نتائج دراستهم قد تمثل خطوةً مهمةً نحو الاتجاه إلى إضافة السيتوكينات إلى مجموعة أدواتنا المضادة للسرطان.
ووفقًا لنتائج الدراسة، فقد حسّن السيتوكين المُطوّر من فاعلية العلاجات التي تستهدف الأورام في الفئران، مثل العلاج باستخدام مثبطات التيروزين كيناز (TKI) أو العلاج من خلال تعطيل نقاط التفتيش وهي علاجات مناعية واعدة لا تزال في مهدها، كما أظهر السيتوكين المطوّر آلياتٍ وفوائدَ مماثلة في الأورام التي اشتقَّها الباحثون من بشر، ثم زرعوها في الفئران، وتشير هذه النتائج إلى أن pro-IL-12 يمكن أن يكون له تأثيرٌ علاجيٌّ كبير على مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج المناعي.
الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=18890