كيف تحول القات من ظاهرة اجتماعية إلى مدمر لصحة اليمنيين؟
الطبية – تقرير خاص|
يواصل القات تدميره لصحة اليمنيين وأراضيهم الزراعية واستنزاف أموالهم، وقد تحول منذ أربعينيات القرن الماضي، إلى مشكلة وذلك بعد انتقاله من كونه ظاهرة اجتماعية مناسبتيه، إلى واقع عطل حياة اليمنيين ومواردهم.
والقات نبات يتم مضغه من قبل مستهلكيه للحصول على تأثير منشط، ويزرع في اليمن ومعظم بلدان شرق أفريقيا، ويشكل تهديدا لصحة الأفراد الجسدية والعقلية، كما ينعكس سلبا على المجتمع نتيجة الآثار الاقتصادية الناجمة عنه مثل تراجع الإنتاجية.
تقول منظمة الصحة العالمية، إن مضغ القات يعود إلى آلاف السنين في منطقة القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية، حيث تزرع شجرة القات على نطاق واسع وتعرف بأسماء مختلفة.
والاسم العلمي لنبتة القات هو (Cathaedulis)، ويحتوي على العديد من أشباه القلويات (alkaloids)، وجليكوسيدات (glycosides) والعفص (tannins) ومواد أخرى.
قد يهمك .. تطوير علاج مناعي آمن للسرطان
وعلى الرغم من كل الأضرار التي يسببها القات والجهود المبذولة للحد من ظاهرة تعاطيه، إلا أن المتعاطين يومياً في ازدياد وبكميات كبيرة جداً ومن كل المستويات والطبقات الاجتماعية والفئات العمرية والجنسية.
وتشير بعض التقديرات أن 90 بالمئة من الرجال في اليمن يتعاطون القات يومياً طيلة لساعات طويلة، وقد تناهز نسبة الإناث اللائي يتعاطينه 50 بالمئة أو أكثر من ذلك.
كما تشير نتائج إحدى الدراسات التي أُجريت لصالح البنك الدولي في العام 2019 إلى أنّ 73 بالمئة من النساء في اليمن يمضغن أوراق القات بشكل متكرّر نسبياً.
ووفقاً لبعض الدراسات، يتعاطى 15-20 بالمئة من الأطفال دون سن 12 عاماً يتعاطون القات بشكل يومي أيضاً، وبحسب تقارير رسمية ينفق اليمنيين على الأقل حوالي 50 بالمئة من دخل اُسرهم على تعاطي القات.
كما كانت إحدى الدراسات التي أجريت لصالح البنك الدولي قد أشارت إلى أن 73% من النساء في اليمن يمضغن أوراق القات بشكل متكرر، كما يتعاطاه 15% إلى 20% من الأطفال دون سن 12 عاما بشكل يومي.
واستهلاك القات يأتي على حساب دخل الأسرة المتواضع، بالإضافة لاحتلاله لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، واستهلاكه لكميات كبيرة من المياه الجوفية خاصة في المناطق الجافة ومن بينها العاصمة صنعاء.
ويتسبب مضغ القات في إصابة ما نسبته 29% من أمراض الأورام من بينها ثلث الاصابات بأورام الجهاز الهضمي في اليمن، بحسب وزارة الصحة.
في سياق متصل، أكد استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد، الدكتور محمد سالم نعمان، للمجلة الطبية، أن هناك مرض يصيب الكبد لا يوجد سوى في اليمن، مشيراً إلى أنه يصيب الجيل الصغير بشكل أساسي وهو مرض القات.
وأوضح بأن “مرض القات” يشكل 90% من أمراض الكبد لدى اليمنيين، مشيراً وأشار إلى أن هناك ثلاثة أمراض منتشرة في اليمن هي “البلهارسيا وفيروسات الكبد ومرض القات”، ومشدداً على أن أمراض الكبد في اليمن مرتبطة بشل أساسي بالقات والسموم ثم البلهارسيا والفيروسات الكبدية.
ووصف استشاري أمراض وزراعة الكلى، الدكتور نجيب أبو أصبع، القات بـ“المصيبة التي حلت على الشعب اليمني“ من حيث تأثيرها على الصحة وضياع الوقت والعلاقة مع الأسرة.
وقال في حديث سابق للطبية، بأن الجلوس لفترات طويلة في تخزين القات يسبب احتقان كبير في البروستات والمثانة مما يؤدي إلى التهابات متكررة وتقطع في البول.
إقرأ أيضاً .. جراح القلب وصندوق الرمان
كما يتسبب القات بمشكلات صحية كثيرة للنساء خاصة الحوامل أبرزها فقر الدم وضعف الجنين، وفقاً لأخصائية النساء والولادة الدكتورة بشرى وليد يفوز، مبينة بأن إدمان القات يساهم في انخفاض قدرتهن على الإخصاب نتيجة ضعف فرصة تحقيق عملية تلقيح البويضات، ويؤثر على نمو وتكامل ونضج الجنين، مما يؤدي إلى خطر موته أو إلى ولادته بوزن منخفض أو مصاب بتشوهات خلقية.
وفي دراسة حديثة، أكدت الباحثة منى الكبزري أن ” القات السبب الرئيس في إصابة 40–50% من اليمنيين بالعجز الجنسي”.
وذكرت الباحثة الكبزري –في دراستها التي نالت عليها درجة الماجستير من قسم البيولوجيا بكلية العلوم في جامعة صنعاء مطلع العام 2019- إن “التأثير السلبي للقات على القدرات الجنسية والخصوبة لدى الرجال بسبب مضغ القات المرشوش بالمبيدات الحشرية مرتفع جداً ومدمّر، ويُعتقد أنه السبب الرئيس في إصابة نحو 40 إلى 50% من اليمنيين بالعجز الجنسي”.
وأشارت إلى أن “القات يتسبب في إصابة نحو 24 ألف يمني سنوياً بمرض السرطان، وأن أغلب ماضغي القات المرشوش بالمبيدات الكيمائية يصابون بالعجز الجنسي الكامل مؤقتاً لمدة نحو 24 ساعة، ولا يستطيعون ممارسة العلاقة الجنسية خلالها”.
وكانت الكبزري قد عنونت رسالتها بـ” تأُثير القات على عدد وشكل وحركة الحيوانات المنوية بين ماضغي القات اليمنيين”.
وأظهرت نتائج الدراسة البحثية أن”86% من المشمولين بالدراسة من الماضغين للقات الملوث بالكيماويات يفقدون الخصوبة، حيث أثبتت الدراسة أن 57% منهم وجدت الحيوانات المنوية لديهم عديمة الحركة و13% منهم ضعيفة الحركة وغير تقدمية (اهتزازية) و16% منهم حركة تقدمية بطيئة، وكلها غير قادرة على الوصول إلى البويضة الأنثوية واختراقها لإكمال عملية التخصيب”.
وأرجعت الدراسة أسباب التأثير السلبي على الخصوبة والنشاط الجنسي لدى الرجال إلى مكونات أوراق القات الممضوغة بالإضافة للكيماويات والمبيدات الحشرية السامة التي تضاف إليها.
الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=18894