المجلة الطبية

الفئة المنسية في اليمن

-

الفئة المنسية في اليمن

الطبية – تقرير: محمد العزيزي|

البصير عمر محمد العديني، يعاني منذ طفولته فقدان البصر، لكنه يواجه الحياة بما يمتلك من قوة وإرادة منحه إياها الخالق عز وجل، لم يستسلم للإعاقة البصرية رغم حفظه للقرآن الكريم إلا إنه يعمل لمواجهة معيشته وتحقيق مستقبله التعليمي.

الكفيف، أو كما يسمونه البصير، عمر العديني -37 عاما- متزوج وله ثلاثة أطفال أكبرهم آمنة 13 سنة، مسجل لدى جمعية المكفوفين ضمن عشرات الآلاف من المكفوفين الموزعين في عدة جمعيات على مستوى الجمهورية، لكن هذه الجمعيات أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع فليس لها دعم حكومي، والمنظمات الدولية والمحلية شبه غائبة، كما يقول المسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن الإمكانات شحيحة وصندوق رعاية المعاقين يتحمل مسؤولية هذه الشريحة بما يمتلكه وبقدر المستطاع.

“البصير” عمر العديني يحكي تفاصيل حياته اليومية قائلاً: بالنسبة لي فأنا أعول أسرتي من خلال مساعدة الناس لقراءتي للقرآن الكريم سواء في الشارع أو في المسجد أو في العزاء.

قد يهمك .. أطباء يحذرون من تنظيف الأذان بالعيدان القطنية

ويتحدث أمين الشجاع -من قطاع المنظمات بوزارة الشؤون الاجتماعية- عن وضع مزر جدا لفئات المكفوفين في ظل الحرب المستمرة منذ سبع سنوات في اليمن حيث حرمت هذه الحرب اليمنيين والمكفوفين على وجه الخصوص مما كان تحصل عليه الجمعية ومنتسبيها من مساعدات ودعم مالي من الحكومة وكذا الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال  وبالتالي حرمان المكفوفين لأبسط الحقوق والخدمات لمواجهة ظروف المعيشة اليومية ومتطلبات الحياة.

ويؤكد الشجاع أن عدد المكفوفين -وبحسب الأرقام الرسمية في اليمن قبل ثلاثة سنوات من الآن-  كان قد تجاوز نصف مليون  كفيف ومعاق بصريا موزعين على مستوى الجمهورية، أما اليوم قد يصل العدد إلى مليون شخص على الأقل .. يوافقه الرأي جمال مهيوب – مسؤول العلاقات والإعلام بجمعية المكفوفين- حيث يقول أن العدد الرسمي وفق إحصائية غير دقيقة أيضا يزيد عن ثمانمائة ألف كفيف، ولكن الرقم أكبر من ذلك حيث تشير بعض تقارير المنظمات الإنسانية أن العدد يصل إلى أكثر من نصف مليون إنسان كفيف في اليمن يحتاجون إلى خدمات كثيرة أهمها وأبرزها التعليم والصحة والرعاية والمعيشة والإعانة والوظيفة.

ويؤكد مسؤول العلاقات والإعلام بجمعية المكفوفين؛ أن المكفوفين الذين ترعاهم الجمعيات الخاصة بالمكفوفين كثيرون، ولا يستطيعون تعليم منتسبيها لأنهم يحتاجون إلى تعليم خاص وكتب وآلات خاصة، وهي باهظة الثمن لا تستطيع الجمعيات توفيرها لكل هذه الأعداد، فما بالك الأعداد الأخرى التي في الأرياف ولم تستطع القدوم إلى المدينة أو أقرب جمعية فيها مدرسة تعليمية.

معاناة مضاعفة

لم تذهب الكفيفة أسرار هزاع  بعيدا عما ذكره أسلافها الذين التقيناهم، حيث تقول: “المعاناة كبيرة على الشعب اليمني في ظل هذه الظروف والحرب والحرمان، فكيف سيكون الحال على فئات المكفوفين”، وتقول أسرار: “الشعب اليمني حنون وعاطفي، ولكن ما ينفع هذا العطف والإنسانية لكفيف يبحث عن تعليم وصحة ومعيشة”.

المهندسة فاطمة سعد، من الجمعية اليمنية للمكفوفين ترى هي الأخرى أن غياب رعاية الدولة لهذه الفئة المستضعفة الكفيفة أمر مؤسف، لأنها بحاجة إلى الرعاية الكاملة نتيجة أنهم لا يستطيعون مواجهة ظروف الحياة والمعيشة كبقية الناس الذين لا يعانون من إعاقات.

وتصف فاطمة سعد هذا الغياب الحكومي بالكارثة في مثل هذه الظروف، والأدهى من ذلك أن المنظمات تريد تقديم  مساعدات الفتات بشروط وتعليمات وابتزاز للجمعيات، وهذا ما زاد من مضاعفة هذه المعاناة.

إقرأ أيضاً.. دراسة حديثة:  79 % من وفيات الحصبة في اليمن دون سن 5 سنوات

أرقام غير دقيقة

بسبب تضارب الأعداد والإحصائيات الرسمية غير الدقيقة حول نسبة المكفوفين باليمن، يؤكد مدير الإعلام والعلاقات في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين حسن عردوم؛ أنه يوجد 500 معلم للغة برايل في اليمن، في المراكز والجمعيات العامة وخاصة مراكز التعليم الخاصة بالمكفوفين، وأن نسبة المكفوفين يصل عددهم إلى 20% من إجمالي عدد المعاقين باليمن البالغ نحو 4 ملايين معاق وفق آخر إحصائية أجريت قبل أكثر من أربع سنوات تقريبا.

أي أن عدد المكفوفين وفقا لتلك النسبة 20% وعدد المعاقين يصل نحو 800.000  كفيف باليمن، ووفقا لدراسات بحثية نفذتها منظمة الصحة العالمية  كشفت عن أن عدد المعاقين بصريا في العالم مائة وثمانين مليون شخص منهم 40 – 45 مليون شخص كفيف كان بالإمكان – بمشيئة الله – منع أو علاج 80٪ من هذه الحالات وبالتالي الحد من هذا الرقم الفلكي.

وهنا يؤكد جمال مهيوب – مسؤول العلاقات بالجمعية اليمنية لرعاية وتأهيل المكفوفين- أن عدد المكفوفين في اليمن وفق إحصائيات تقديرية يقتربون من مليون كفيف يمني، لم تقدم لهم المساعدات اللازمة حتى لا ينزلقون إلى فئة فاقدي البصر والإصابة بالعمى والعتمة.

و بحسب جمال مهيوب، فإن اليمن يفتقر هو الآخر لإحصائية دقيقة لمعرفة عدد المصابين بالعمى أو المكفوفين، لكنه يستدرك قائلا : بحسب الإحصائية  الأخيرة، وهي غير أكيدة،  عن المكفوفين أن عددهم وصل خلال عام 2014م إلى 75.000 كفيف ومعاق بصريا في الجمهورية اليمنية مقارنة بالعام 2005م حيث بلغوا 60.000 كفيف أي بزيادة 25% خلال تسعة أعوام من ( 2005 – 2014م) وأن المكفوفين يشكلوا 15% من نسبة سكان الجمهورية اليمنية بحسب الإحصائية الأخيرة التي نفذت في عام 2014م و هي غير دقيقة والتي تمتلكها الجمعية وهي في كل الأحوال غير دقيقة.

يضيف جمال مهيوب -مسؤول العلاقات بالجمعية- أن النساء الكفيفات لهن نصيب من تلك الأرقام بأكثر من 51% عن الذكور، وتحدث جمال مهيوب بحرقة وألم أن هذه الفئة غائبة من اهتمام المنظمات الدولية أو المحلية، كونها فئة ضعيفة وأن كل اعتماد المكفوفين على الجهات الرسمية فقط.

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

Exit mobile version