المجلة الطبية

مدير مركز علاج الأورام لـ(الطبية): نفتقر لأطباء الدعم النفسي ونحتاج استشاريين

-

ارتفعت نسبة الإصابة بمرض السرطان في اليمن خلال الـ10 السنوات الأخيرة لتصل إلى مستويات مخيفة، وفقا لإحصائيات مركز الأورام في العاصمة صنعاء.

وتعد المواد الكيماوية الدخيلة والصبغيات والمواد المضافة إلى المنتجات الصناعية من أهم الأسباب الخارجية للإصابة بالسرطان، بحسب حديث مدير عام المركز الوطني لعلاج الأورام الدكتور عبدالله ثوابة في حديثه لـ(المجلة الطبية).

وتأتي هذه الزيادة في ظل افتقار اليمن للمؤسسات الطبية المعنية بتقديم الخدمات الصحية ومواجهة ارتفاع عدد الحالات، خاصة واليمن يمتلك مركزا طبيا وحيدا وعددا قليلا من الوحدات لا يتناسب مع عدد الإصابات، وفقا للدكتور ثوابة.

كما تحتاج خطط مواجهة المرض تجهيزات وخدمات متعددة لتساعد المصابين على تجاوز الإصابة كتقديم الدعم النفسي ورفع التوعية المجتمعية بطرق وأساليب التعامل الإيجابي مع المريض، بالإضافة إلى الدراسات الجادة حول أسباب المرض ، وجوانب أخرى تطرقت إليها (المجلة الطبية) في تفاصيل هذا الحوار:

الطبية – حوار/ محمد العزيزي|

* حدثنا عن وضع مركز الأورام في الجانب الفني والتشخيصي والأجهزة التي تعمل لعلاج الأورام والأخرى التي دخلت الخدمة؟

المركز الوطني لعلاج الأورام، هو المركز الوحيد على مستوى الجمهورية المجهز بالعلاج الإشعاعي والكيماوي والخدمات التشخيصية، على أمل أن يكون الخطوة الأولى والأساسية لاستحداث مراكز أخرى على مستوى الجمهورية اليمنية بالتعاون مع مؤسسة مكافحة السرطان، وقد افتتحت وزارة الصحة عدة وحدات بدعم من صندوق مكافحة السرطان في محافظات حجة وصعدة وذمار وعمران وعتق، إضافة إلى وحدات كانت موجودة من قبل في الحديدة وإب وتعز وعدن والمكلا وشبوة، وهذه المراكز كلها لا تزال تجهيزاتها بسيطة وتنقصها الكوادر والتجهيزات، لكنها رغم ذلك تقدم خدماتها لتخفف ولو قليلاً من معاناة مركز الأورام.

قد يهمك .. قريباً في الجمهوري .. مركز للجراحة بالمناظير

وهناك جهود حثيثة من قبل الوزارة لفتح مساقات جديدة في تخصصات الأورام لتأهيل كوادر،  وهذا سيخفف ويدعم هذه الوحدات كثيراً، من ناحية الأجهزة والجانب التشخيصي، فالمركز يعمل بشكل جيد وبالذات في الفترة الأخيرة، وبمساعدة صندوق مكافحة السرطان كجهة داعمة أصبحت أجهزتنا تعمل بشكل جيد، ولدينا أجهزة التلفزيون والمختبرات مكتملة، وقد أدخلنا في الفترة السابقة الكثير من الأجهزة، أهمها جهاز (الكولبت) و(الديمتري) الذي يعمل على تشخيص أمراض اللوكيميا، وهو بدعم من منظمة الصحة العالمية، كما أنه الجهاز الوحيد الموجود في اليمن، وكذلك جهاز (بي سي آر) حديث جداً، في حين أن الجهاز القديم لا يزال يعمل بكفاءة عالية جداً، وتتوفر لدينا أيضاً أجهزة أمراض الدم والسي بي سي، والإكتولرايات لفحص وظائف الكلى والكبد، تعمل بشكل جيد رغم احتياجنا الكبير.

مشكلتنا تكمن في بعض الأجهزة في قسم العلاج بالإشعاع، طبعاً لدينا ثلاثة أجهزة اثنان منها خارج العمل ويعملان بنظام المصادر المشعة، فيما الثالث لا يزال يعمل بكفاءة متدنية بسبب أن المصدر مر عليه أكثر من نصف العمر لكنه لا يزال يعمل بكفاءة مع بعض المشاكل في التطويل في فترة العلاج لكل مريض، وقد أتممنا مؤخراً مناقصة لاستقدام جهاز المعجل الخطي عالي الدقة الذي وصل إلى اليمن، وسيتم تركيبه خلال 6 أشهر، ويعتبر نقلة نوعية في خدمات المركز.

* تكلفة احتياجكم للأدوية في الربع الواحد أكثر من  3 مليارات، كيف توفرون هذه المبالغ الكبيرة؟

الاحتياج الأول للمركز الوطني لعلاج الأورام هو 3 مليارات و400 مليون كتكلفة أولية لأغلب الأدوية، هذا الاحتياج يأتي جزء بسيط منه عن طريق وزارة المالية، وقد تضاءلت المخصصات المالية لشراء الأدوية من قبل وزارة المالية، ولكن نظراً لاهتمام القيادة السياسية ووزارة الصحة، فقد وجد صندوق مكافحة السرطان، الذي تم تأسيسه عام 2019م، ليخفف كثيراً من معاناة مرضى السرطان، لذا استطعنا توفير هذه المبالغ لشراء الأدوية وتخفيف معاناة مرضى السرطان، وهناك بعض الحالات النادرة نقوم بشراء أدويتها عن طريق الصندوق.

* مريض السرطان يحتاج إلى الدعم النفسي.. هل لديكم أطباء متخصصون في هذا المجال؟

مريض الأورام يحتاج إلى الدعم النفسي والأسرى والمجتمعي ووجود المجتمع من حوله والأطباء من حوله وهذا شيء مهم.. ونحن نفتقر إلى التخصص في جانب الدعم النفسي، والاحتياج هو لبعض الاستشاريين النفسيين وبالذات أصحاب الشهادات في مجال الدعم النفسي، لأن هذا التخصص نوعي ويجب أن تكون لدى المتخصص دورات وخبرات تدريبية بالنسبة لما يحتاجه مرضى السرطان، كونه مرضا مزمنا، وبالتالي يجب أن تتوافق وتتزامن خدمات الدعم النفسي مع المرض سواء أكان في بدايته أو منتصفه أو مرحلته الأخيرة.

وجانب الدعم النفسي يمارسه الطبيب المعالج بحيث يعطي معنويات عالية للمرضى، وغالباً هذا ما نمارسه جميعاً بشكل مباشر أو غير مباشر، لأنه يساعد كثيراً مرضى السرطان والأورام، باعتبار أن الطبيب المعالج هو الشخص الذي يثق به المريض، ونحن في المركز تعودنا إعطاء الرسائل الإيجابية، وأكثر مرضانا يذهبون ويعودون بنفسيات مطمئنة، وما نلاحظه أن القليلين جداً لا يستطيعون تحمل المرض، لكن الكثيرين نفسياتهم لابأس بها، خاصة الذين يجدون أن المجتمع يساندهم ويجدون الخدمة العلاجية ولا يشعرون بأن هناك قصوراً في تقديم الخدمات، لأن قصور الخدمات يؤثر سلباً على مريض الأورام.

* ما أسباب انتشار السرطان في اليمن؟

هناك أسباب خارجية وهي المواد الكيماوية الدخيلة والصبغيات والمواد المضافة في المنتجات الصناعية بالذات التي تضاف كصبغات ومواد حافظة وبعضها غير آمن، وطبعاً منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية تقوم سنوياً بتحديث قوائم المواد المسرطنة كي يتجنبها العالم، ومن ثم فإن الدول مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تحديد هذه المواد وفي أي الصناعات تدخل، ودرجة خطورتها وعدم السماح بدخولها.

وهناك زيادة كبيرة في عدد الإصابة بالأورام منذ عام 2015م وحتى الآن بنسبة 50 بالمئة، ففي العام 2014م كان عدد الحالات أربعة آلاف و200 حالة، أما في العام 2021م فقد وصلت إلى ستة آلاف و270 حالة، علماً بأن كثيراً من المرضى لا يأتون إلى صنعاء من بعض المحافظات الجنوبية بسبب ظروف الحرب التي يعيشها البلد، ومع ذلك الزيادة تتضاعف بشكل مقلق.

* ما الأورام الأكثر انتشارا وفتكا في اليمن؟

هناك بعض الأورام كسرطان الثدي المنتشرة على مستوى العالم، وبنسب متقاربة، وأكثر وأبرز أنواع الأورام المنتشرة في اليمن سرطان الفم، وذلك بسبب تعاطي الشمة والقات، والمواد السمادية والمبيدات المضافة للقات تسبب تهيجاً في أغشية الفم ومن الأسباب المشوهة والحادة التي تعمل على زيادة نسبة مرضى أورام الفم والبلعوم، أما السبب الرئيسي فهي الشمة  وهناك نسبة كبيرة جداً تصل إلى 16بالمائة من حالات الإصابة بالأورام.

أيضاً سرطانات الجهاز الهضمي من أعلاه إلى أسفله، سواء سرطان المريء والمعدة والكبد والبنكرياس والأمعاء الدقيقة والغليظة والمستقيم، وهذه كلها تمثل ما يقارب 29 بالمائة، وأكثر أسبابها المواد السامة والمضافة في القات وبعض الفواكه.

* ماذا عن التوعية التي تجنب اليمنيين الإصابة بهذا الداء؟ 

بالنسبة للأورام بشكل عام، لا نستطيع أن نقول أن لها أسباباً مباشرة، ولكن هناك عوامل مساعدة ومحفزة لظهورها،  باستثناء أورام الفم فإنها تحدث بسبب تعاطي الشمة وبالذات البيضاء، وكذلك سرطان الكبد الذي ينتج عن التهاب فيروسي  سي وبي المزمنين اللذين يصيبان الكبد بالتليف، وكذلك الالتهاب الكبدي المناعي والذي ينتج عنه تليف الكبد وأورام الكبد، ومن الأسباب أيضاً البلهارسيا التي تصيب الجهاز البولي وخاصة المثانة الذي ينتج عنها سرطان المثانة.

هذه هي الأسباب المباشرة للإصابة بالأورام، أما بقية الأسباب فنسميها عوامل مساعدة ومحفزة، وقد اتفق العالم للتخفيف عن مرضى السرطان على أشياء رئيسية منها الأكل الصحي ونظام النوم واللياقة البدنية والإقلاع عن شرب المشروبات المحرمة والتدخين بأنواعه، وخاصة الشيشة التي انتشرت بشكل مخيف في الآونة الأخيرة.

ونشدد على ضرورة الابتعاد عن السلوكيات الخاطئة مثل تعاطي الشمة، وضرورة معالجة الأمراض الفيروسية مثل فيروس الكبد والبلهارسيا، ومحاربتها والتخلص من هذه الفيروسات لأنها مسبب مباشر للأمراض الخطيرة.

إقرأ أيضاً .. أخصائي جراحة عظام ومفاصل يحذر من تجاهل آلام القدم والكاحل

وإضافة إلى السلوك الصحي على مستوى النوم في الليل وبشكل كاف، لأن النوم لساعات كافية في الليل يعمل على تهيئة الجسم وإعادته إلى الوضع الطبيعي ليستعيد بالتالي نظامه الصحيح، لأن الجسم يحدث له بعض الاختلالات خلال النهار بسبب الجهد والعمل وبالذات الجهاز العصبي، ويحتاج إلى الراحة حتى يبدأ الإنسان يومه التالي بجسم سليم وصحيح.

* كيف تقيمون مستوى العلاج ووسائل التشخيص والأجهزة والكادر وما يقدمه من خدمات للمرضى؟

المركز الوطني للأورام لديه كادر متخصص ومؤهل في أرقى الجامعات العالمية وكذا على مستوى الفنيين والفيزيائيين والممرضين والكادر المساعد.. لكن المشكلة أن المركز وكادره يواجه احتياج جزء كبير جدا من المرضى القادمين من كل المحافظات وبطبيعة الحال لا يستطيع أن يغطي خدماتهم، لذا نحن بحاجة إلى كادر إضافي.

وأشير هنا إلى أن وزير الصحة  افتتح مؤخرا مشروع (مساقات) لتأهيل كادر متخصص في علاج الأورام, وعند تخرج هذا الكادر سيتم توزيعه في وحدات علاج الأورام في كل المحافظات لتخفيف معاناة المرضى من السفر إلى صنعاء.

أما في ما يخص الأجهزة، هناك جهاز جديد (المعجل الخطي عالي الدقة) سيدخل الخدمة خلال الستة الأشهر القادمة وبعد تفعيله سيخفف الكثير من معاناة المرضى.

* ماذا عن الأطفال ولماذا ارتفعت نسبة الإصابة بينهم؟ 

كما ذكرت سابقاً، تزايدت إصابات الأورام بين الصغار والكبار بشكل كبير وبصورة مضاعفة،  كما قلت سابقاً،  وعند دراسة هذه الزيادة فإنه لا توجد أسباب محددة، لكننا نؤكد أن الحرب التي تم خلالها استخدام صواريخ وقنابل وقصف المدن والأحياء السكنية بها ما أدى إلى انتشار مواد كيميائية قابلة الاستنشاق، هي سبب زيادة الإصابات بالأورام.. والله أعلم ما هي هذه المواد وما نتائجها مستقبلا.

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

Exit mobile version