المجلة الطبية

أهمية الدعم النفسي لمرضى السل

-
د. علي عبدان*

الإنسان بوجه عام، والإنسان العربي بوجه خاص يعيش وينفرد بأوضاع نفسية متردية، حيث الحروب والحصار والأزمات المتلاحقة، والتي كان لها تأثير كبير على سلوكه وأنماط تفكيره، والأشخاص ذوو الأمراض المعدية جزء من النسيج الاجتماعي فهم الأشد تأثرا بهذه الظروف.

هذا ما يجعلهم في أمسِّ الحاجة لبرامج وأساليب تساعدهم على التحرر من الأفكار التقليدية، والعمل على زيادة الفاعلية الذاتية، حتى يستطيعوا مواجهة العقبات واكتشاف قدراتهم المختلفة.

قد يهمك .. الحب والحظ ينقذان زوجين من “السل”

ونحن في اليمن لنا وضع خاص خاصة خلال فترة الحرب وزيادة معاناة الشعب من الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الأمراض بمختلف أنواعها، ومن ضمنها السل والذي يرتبط بحياة الشعب من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.

أنواع الدعم النفسي الاجتماعي لمرضى السل

للدعم أهمية كبيرة في حياة الفرد، فهو يعمل على تدعيم مواطن القوة، والحد من تراكم العثرات، فهو يخفف من وقع الضغوط النفسية، حيث يؤثر على الصحة النفسية والجسمية، ولهذا لا بد أن نذكر أنواع الدعم النفسي الاجتماعي والتي هي كالتالي:

1- الدعم المعنوي:

هو الدعم الذي يجده الإنسان في عبارات التهاني والثناء في السراء، وعبارات المواساة في الضراء، فيجد في تهنئة الناس له الاستحسان والتقدير والتقبل والحب المتبادل، ويجد في مواساتهم له التخفيف مما أصابه بطريقة تفاؤلية، والرضا بقضاء الله وقدره، وعدم التفكير بالسخط والجزع، وتشجيع المريض.

2- الدعم العاطفي الاجتماعي:

ويتمثل في الحب والرعاية والثقة والتعاطف والإحساس بالانتماء إلى الجماعة.

3- الدعم المعلوماتي:

مثل النصائح والتغذية المراجعة الشخصية الضرورية والتعزيز بالمعلومات.

4- الدعم السلوكي:

ويعبر عن المشاركة في الأعمال والمهام المختلفة.

5- دعم الأصدقاء:

والذي ينطوي على ما يمكن أن يقدمه الأصدقاء لبعضهم البعض وقت الشدة.

6- الدعم المادي:

وهو تقديم المساعدة المالية أو السلع أو الخدمات، أيضا بالدعم الفعال، وهذا الشكل من أشكال الدعم  الاجتماعي يشمل الطرق المادية المباشرة لمساعدة الناس بعضهم البعض.

أهداف الدعم النفسي الاجتماعي لمرضى السل

• تخفيف المعاناة النفسية والجسدية للمصابين بمرض السل.

• تعزيز القدرة على التكيف وممارسة الحياة اليومية.

• تقديم المعلومات والتثقيف.

• الحماية من الاضطرابات النفسية الناتجة عن مرض السل.

أهمية الدعم النفسي الاجتماعي

لا شك أن للدعم النفسي الاجتماعي أهمية كبيرة في حياة الفرد، فهو يؤثر في كيفية إدراك الفرد لأحداث الحياة الضاغطة وأساليب المواجهة الفعالة.

 

أهمية الدعم النفسي لمرضى السل

من المعروف أن مرض السل قاتل وهذه الفكرة ما زالت مسيطرة على عامة الشعب، وعند الإصابة بمرض السل فإن الشخص المصاب يدخل في قلق نفسي يتطور معه حتى يصل إلى مرحلة متقدمة من الحالة النفسية، وهنا يكون دور وأهمية الدعم النفسي لمرضى السل، حيث يلعب دوراً مهماً في التعافي من الاضطرابات، سواء أكانت نفسية أو عقلية، بالإضافة إلى التوافق الإيجابي والنمو الشخصي للفرد، ويجعل الشخص أقل تأثراً عندما تعترضه الأزمات.

إن للدعم الاجتماعي أثرا على النفسية، وللشبكات الاجتماعية دور كبير في تزويد الفرد ببعض الخبرات الإيجابية المنتظمة فمن خلال تعاملنا مع مرضى السل وإيلائهم نوعاً من الاهتمام والدعم نجد النتيجة إيجابية في تقبل العلاج والالتزام به، ودائما نوصي العاملين في وحدات السل بتثقيف لمرضى وأسرهم وتقديم الدعم اللازم لهم.

 

مصادر الدعم النفسي الاجتماعي

يوجد العديد من المصادر المتنوعة للدعم النفسي الاجتماعي، تلعب دوراً حيوياً ومهماً في حياة الفرد، نذكر منها التالي:

– الأسرة والأقارب:

فالأسرة اتحاد تلقائي طبيعي يتم نتيجة استعدادات وقدرات كامنة في طبيعة البشر التي تنزع للاجتماع، وقد كانت ولا زالت أقوى مؤسسة اجتماعية تؤثر في كل مكتسبات ومتغيرات الإنسان المادية والمعنوية..

حيث إن للأسرة دوراً مهماً في المجتمع الأول الذي يتعامل معه الإنسان منذ اللحظات الأولى من حياته، ولها أكبر التأثير في بلورة الشخصية لدى الإنسان سواء أكان الطفل سليماً أو من الأشخاص ذوي الإعاقة، فمن خلال الأسرة يتم تقديم الأشكال المتعددة من الدعم والمتمثلة في تكوين العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة وخارجها، بالإضافة لتقديم الدعم النفسي المتمثل في توفير الأجواء الإيجابية التي تبعث على الطمأنينة ، وكذلك الدعم العاطفي المتمثل في الحب والاحترام، فالأسرة هي من تقوم ببث الأفكار الأولية والمبادئ الأساسية في عقل الإنسان.

– الأصدقاء:

الأصدقاء جزء مهم في حياة الشخص الذي يمر بمحنة، لأنهم يعتبرون بمثابة الأمان الذي يحتمي به الشخص عند مروره بهذه الأزمة أو تلك المحنة، بالإضافة إلى أنهم أكبر محفز للصديق على تجاوز محنته، وذلك لأنهم يعطون الأمل الدائم لهذا الصديق ويساعدونه في الإصرار على تجاوز هذه المحنة، وعليه فإن جماعة الرفاق تعتبر ذات دور إيجابي في عملية الدعم، فهي التي تؤثر في معايير الفرد الاجتماعية.

إقرأ أيضاً .. قبل أن يصل بك السل إلى اللحظة الحرجة

– مراكز السل:

دور مراكز ووحدات السل لا يقل أهمية عن دور الأسرة والأقارب، فهي تمتلك العديد من الإمكانيات وأهمها المعرفة التامة بهذا المرض، وبالتالي هي الأقدر على تقديم الكثير من الدعم بأنواعه المختلفة، فمن خلال هذه المراكز يمكن تقديم الدعم النفسي الاجتماعي، حيث متابعة مشكلات الأشخاص مستقبلي الدعم، والعمل على حلها وكذلك عمليات التأهيل المناسب وصولا إلى التكيف النفسي والاجتماعي.

ومن الملاحظ أن مرضى السل غالباً من الفئات الفقيرة والمتدنية في المستوى المعرفة والوعي بمرض السل، ولديهم فكرة مغلوطة عن مرض السل تؤدي إلى ضغوطات نفسية تنعكس آثارها على الأسرة والمجتمع، ومن خلال الدعم النفسي بكل أشكاله نتحصل على فوائد كبيرة جدا في صالح صحة مرضى السل.

 

* مسؤول التدريب والإشراف في البرنامج

 

كُتب هذا المقال ضمن الحملة التي أطلقتها المجلة الطبية، تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة السل 2022، بالشراكة مع البرنامج الوطني لمكافحة السل والمركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بصنعاء ومنظمة الهجرة الدولية ومنصة (عوافي).

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

Exit mobile version