كادت الفتاة منال علي، 18 عاما، أن تفقد عريسها بعد أن اضطرت لتأجيل موعد زفافها أكثر من مرة نتيجة إصابتها بمرض السل الرئوي.
قبل شهرين فقط من موعد العرس في مديرية ريدة محافظة عمران شمال صنعاء، ظهرت أعراض المرض على الفتاة كالسعال الشديد والأرق ما استدعى نقلها إلى مستشفى المديرية. هناك وفي وحدة العلاج التابعة للبرنامج الوطني لمكافحة السل أجرى الفريق الطبي الفحص المخبري (فحص البصاق) لتظهر النتيجة إيجابية، إنها مصابة بعدوى السل فعلاً، وفقا لمنسق برنامج مكافحة السل في حافظة عمران الدكتور عادل البدوي.
يقول البدوي “أصيبت الفتاة وعائلتها بالخوف بعد سماع نتيجة الفحوصات، لكن لم يكن المرض هو مصدر الخوف وإنما اقتراب موعد زفافها“، مضيفاً“ لقد ظلت منال تعاني من الأعراض لمدة شهر قبل أن تصل إلى وحدة المعالجة وهذا يعني أنها بحاجة إلى المزيد من الوقت وفقا للخطة العلاجية حتى تحصل على الشفاء التام ومن ثم تستطيع إقامة مراسم حفل الزواج“.
أخفت عائلة الفتاة خبر الإصابة عن العريس وعائلته وطلبت منهم تأجيل موعد العرس ، بحسب الدكتور البدوي الذي كان شاهداً على تفاصيل القصة، غير أن تأجيل الموعد أكثر من مرة أثار بعض الشكوك عند عائلة العريس وحدثت المشكلة ما اضطر عائلة الفتاةلإخبار العريس بمرض ابنتهم.
لم تتقبل عائلة العريس الأمر في بدايته وكاد الزواج أن يفشل قبل أن يبدأ، وهنا جاء دور وحدة مكافحة السل في مديرية ريدة، يقول البدوي “كان لزاما علينا التدخل لإنقاذ الوضع“ وهذا ما تم فعلا عندما التقى فريق من العاملين في الوحدة مع عائلة العريسين وقاموا بشرح الوضع وقدموا لهم النصائح والإرشادات.
ويوضح البدوي أن العريس وعائلته كانوا قلقين من المرض وإمكانية انتقال العدوى ، لكن الأطباء اخبروهم بأن الفتاة شفيت تماما من المرض ولا يوجد أي قلق على صحتهم، ليتم بعدها إقامة مراسم حفل الزفاف.
لقد ساعدهم على ذلك التزام الفتاة بالخطة العلاجية التي أقرها لها الأطباء وفقا لخطة وزارة الصحة المعتمدة في علاج حالات السل، وحصلت الفتاة على النظام العلاجي الفئة الأولى والذي هو عبارة عن مركب رباعي يتم استخدامه لمدة شهرين، بالإضافة إلى مركب ثنائي يستخدم لمدة أربعة أشهر، مع العلم أن جميع الوحدات والمراكز التابعة للبرنامج تقدم خدمات التشخيص والعلاج مجانا.
يتابع البدوي “تلقت المريضة توعية صحية عن المرض والعدوى والمعالجة والتزمت بجميع النصائح والإرشادات وقامت بأخذ الاحتياطات اللازمة“.
التزام منال بالخطة العلاجية والمتابعة المستمرة للحالة في مستشفى ريدة كل شهرين وعلى مدى ستة أشهر –بحسب الاستراتيجية العلاجية المتبعة من البرنامج الوطني لمكافحة السل– ساهم في شفائها تماما نهاية الشهر السادس، بحسب البدوي.
دعم معنوي ونفسي
تلقت المريضة خلال فترة العلاج الكثير من الدعم المعنوي والنفسي وهذا أيضا ساهم في سرعة الشفاء، لما له من تأثير فاعل على صحة المريض ، وفي هذا السياق يوضح مسؤول التدريب والإشراف في البرنامج الدكتور علي عبدان أن مساندة المريض معنويا ونفسيا تعمل على تدعيم مواطن القوة، والحد من تراكم العثرات، وتخفف من وقع الضغوط النفسية، حيث تؤثر إيجابا على الصحة النفسية والجسمية.
ووفقا لحديث الدكتور عبدان لـ (المجلة الطبية) لا يزال الاعتقاد بأن السل مرض قاتل مسيطرا على عامة الشعب، وهذا ما يزرع القلق عند المريض والذي قد يتطور حتى يصل إلى مرحلة متقدمة من الحالة النفسية، مبينا بأن الدعم النفسي لمرضى السل يلعب دوراً مهماً في التعافي من الاضطرابات، سواء كانت نفسية أو عقلية، بالإضافة إلى التوافق الإيجابي والنمو الشخصي للفرد، ويجعل الشخص أقل تأثراً عندما تعترضه الأزمات.
وأكد أن للدعم الاجتماعي أثرا على الحالة النفسية، كما يزود الفرد ببعض الخبرات الإيجابية المنتظمة ، وقال “من خلال تعاملنا مع مرضى السل وإيلائهم نوعاً من الاهتمام والدعم نجد النتيجة إيجابية في تقبل العلاج والالتزام به، ودائما نوصي العاملين في وحدات السل بتثقيف المرضى وأسرهم وتقديم الدعم اللازم لهم“ وهذا ما ساعد منال في التشافي من المرض تماما بعد ستة أشهر من العلاج.
الفتاة منال ليست الوحيدة التي تعرضت لعدوى السل الرئوي رغم تفرد قصتها، إذ تفيد منظمة الصحة العالمية بأن السل لا يزال يمثل إحدى المشكلات الصحية والاجتماعية في اليمن وتقدر بأن ما يقارب 14000 شخص يصابون بالسل سنويا وبمعدل حدوث 49 حالة سل جديدة لكل 100.000 من السكان.
وتقدر المنظمة الأممية معدل الوفيات من مرض السل في اليمن بـ 7 وفيات لكل 100.000 من السكان وتُصنَّف اليمن بأنَّها من الدول ذات معدّل الإصابة المتوسط بهذا المرض.
أنجزت هذه المادة ضمن الحملة التي أطلقتها المجلة الطبية، تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة السل2022، بالشراكةمع البرنامج الوطني لمكافحة السل والمركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بصنعاء ومنظمة الهجرة الدولية ومنصة (عوافي).