المجلة الطبية

أطفال متلازمة داون : من حقنا تعليم دامج

-

أطفال متلازمة داون : من حقنا تعليم دامج

الطبيةتقرير: أمامة الذبحاني|

بعد مرور عشرة أعوام على آخر مولود حصلت العشرينية سهام سعيد على طفلتها مرام ، وعندما اكتشفت أنها تعاني من متلازمة داون زاد تعلقها ورعايتها لابنتها التي أصبحت اليوم في السابعة من العمر.

تقول سعيد كلما كانت مرام تكبر كان يزيد قلقي عليها من تعامل المجتمع بسبب بعض الاعتقادات الخاطئة حيال المصابين بمتلازمة داون، مثل الاعتقادات الشائعة في المجتمع بأنهم عدوانيون تجاه الآخرين، هذا القلق دفع الأم في البداية إلى تجنيب الطفلة الاختلاط بالآخرين.

قد يهمك .. الحمل الكيميائي والإجهاض المبكر

لاحظت الأم أن ابنتها تشعر بالوحدة وترسخت عندها القناعة بأن من حق مرام أن تعيش حياتها بشكل طبيعي وتندمج بالمجتمع، وهذا ما حدث لاحقا ، تقول سعيد يجب تغيير نظرة المجتمع لهؤلاء الأطفال، إنهم يحبون اللعب والاختلاط مع من يفهمهم ويستطيع  التعامل معهم.

ووفقا لـ سعيد تحسنت الحالة النفسية للطفلة مرام بعد أن أدخلتها في مركز خاص بالعناية بالأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتها في أي مبادرة أو فعالية أو احتفال مع أشخاص من غير ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أن مرام أصبحت أكثر مرحا وتحاول التحدث كثيرا.

ويعاني أكثر من 10 آلاف شخص، في العاصمة صنعاء من متلازمة داون ، بحسب تصريح صحفي سابق لرئيسة الجمعية اليمنية لمتلازمة داون الدكتورة رشا الخطيب، التي أفادت بأن ألفاً فقط منهم يحصلون على رعاية المراكز الخاصة برعاية هذه الشريحة بينما 9000 غير مسجلين في أي مركز أو منظمة، مؤكدة أن هناك آلافاً غيرهم يعيشون في قرى ومدن اليمن.

ويحتاج داون إلى الكثير من الحب من قبل الأشخاص المحيطين بهم والشعور بالأمان، بحسب الأخصائية النفسية ريم المعلمي، التي أفادت بأن هؤلاء الأشخاص يمتلكون مشاعر حساسة سرعان ما تتأثر بما يدور في الجوار، وأن شعورهم بالأمان يساعدهم على التعبير عن أنفسهم وبالتالي دمجهم في المجتمع.

وأفادت المعلمي بأن دمج الأطفال المصابين بمتلازمة داون أيسر بكثير من الأطفال الآخرين من ذوي الإعاقة، مؤكدة أن هؤلاء الأطفال  اجتماعيون ومفاتيح شخصياتهم بسيطة ويمكن دمجهم بالمجتمع، فتقبلهم وشعورهم بحب من حولهم يحسن من نفسياتهم، حد وصفها.

      

تمييز وأذى نفسي

إن استمرار المجتمع بالتمييز لـ متلازمة داون بكلمات تسبب لهم الأذى النفسي مثل منغولي أو متخلف أو أهبل وأحيانا أبله، قد يجهل من يطلقها انه قد تسبب الإساءة لأشخاص من ذوي الإعاقات الذهنية الناتج عن اضطراب جيني في زيادة الكروموسومات من 46 لتصبح 47 كروموسوما.

وهذا الاضطراب الجيني يختلف من طفل لآخر في شدته، مسببا إعاقة ذهنية وتأخرًا في النمو مدى الحياة، وصعوبات في التعلم عند الأطفال المصابين به، بحسب المعلمي  التي أكدت أن التدخل المبكر لـمتلازمة داون، يمكن أن يحسّن إلى حد كبير نوعية الحياة للأطفال والبالغين الذين يعانون هذا الاضطراب ومساعدتهم على التعايش مع المجتمع.

وشددت على أهمية دمجهم مع أطفال طبيعيين من أجل مساعدتهم على التعلم واكتساب بعض المهارات وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، مبينة بأن الآباء والأمهات يلاحظون، خلال فترة بسيطة، تحسناً كبيراً في تقدم قدرات أبنائهم واكتسابهم مهارات جديد ورغبتهم الزائدة في الاختلاط مع الآخرين.

واستشهدت الأخصائية المعلمي بالمبادرات التي أقيمت خلال شهر مارس الماضي تحت شعار (نحن معكم ونتقبل اختلافكم) وكيف أن مشاركة هؤلاء الأطفال في بعض الألعاب الخاصة والرسم على الوجوه وأنشطة أخرى بسيطة لاختبار قدراتهم وتنميتها غيرت من نفسية الأطفال وأشعرتهم كم هم محبوبين بالإضافة إلى نفسيات أهاليهم عندما شعروا بتقبل وحب المجتمع لأطفالهم.

ونبهت إلى أن إبقاء الأهالي لأطفالهم المصابين بمتلازمة داون بعيدين عن المجتمع يجعلهم انطوائيين ويساهم في تفاقم تأخر قدراتهم العقلية وقد يكتسبون بعض العدوانية تجاه الآخرين لعدم القدرة على التفاهم معهم، وهذا ما حدث مع الطفلة رغد المفلحي (15 عاما) عندما حرصت عائلتها على عدم اختلاطها بالمجتمع قبل أن تقتنع لاحقا بضرورة دمجها في المجتمع.

وفقا لشقيقتها رويدا كانت رغد منطوية وتكاد لا تتقبل أحداً سوى أفراد عائلتها وواجهت الكثير من الصعوبات، غير أن اقتناع العائلة بحقها في ممارسة حياتها بشكل طبيعي جعلهم يواجهون مخاوفهم من عدم تقبل المجتمع لطفلتهم وبدأوا بالبحث عن الطرق السليمة لدمجها في المجتمع.

تقول شقيقة المفلحي لقد بدأ الأمر عندما أخبرنا أحد الجيران بوجود مؤسسة طموح الكائنة في حي الجراف شمال صنعاء لرعاية وتأهيل ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، مشيرة إلى أن الجميع لاحظ التغير الإيجابي السريع على شقيقتها من خلال تقبلها للآخرين واكتسابها بعض المهارات بعد التحاقها بالمؤسسة.

مر الوقت سريعا وأصبحت الفتاة قادرة على نطق بعض الكلمات ومعرفة الحروف، ووفقا لشقيقة رغد تطورت قدراتها بشكل متواصل حتى أصبحت من المتفوقات في الدراسة حتى أنها تحصل على تكريم المدرسة سنويا.

     

الحاجة للحب

من جهتها أكدت مديرة مؤسسة كارز للتدخل المبكر هناء احمد يعني، أن أطفال متلازمة داون لا يحتاجون سوى إلى الحب والتقبل والمساعدة بخطوات بسيطة ليتمكنوا من دمجهم في المجتمع وفي المدرسة، والتأقلم مع الأطفال الطبيعيين وذلك بالتعاون بين الأهالي والمدارس والمؤسسات الخاصة برعاية هذه الفئة.

إقرأ أيضاً .. ارشادات للاعتناء بالأطفال في الطقس الحار

وحثت يعني على ضرورة تدريب معلمات تربية خاصة بالإضافة إلى أعضاء الهيئة التدريسية في المدارس حول كيفية التعامل مع متلازمة داون من أجل الوصول لمستويات متقدمة في المستوى الدراسي واكتساب المهارات بشكل عام، مشيرة إلى ضرورة الإشراف على الأطفال بشكل مركز وتبسيط المناهج الدراسية في المراحل الدراسية المتقدمة.

كما يجب على المعلمين إدراك خصوصية هؤلاء الأطفال وانعكاس ذلك على طريقة التعامل معهم فهذه الفئة بحاجة تعامل خاص أكثر مرونة وسلاسة، بحسب الأخصائية هناء يعني التي نوهت إلى أن بعض المعلمين لا يجيدون كيفية التعامل مع أطفال متلازمة داون وهذا يشكل عائقاً كبيراً أمام عملية دمجهم بالمجتمع .

ونصحت أولياء الأمور بالتعرف على خطوات عمليات الدمج لأن أغلبهم غير مدركين لهذه الخطوات مثل تشجيعهم للاندماج مع الأطفال الطبيعيين في المدارس والمتنزهات وغيرها من الأماكن من أجل تجاوز صعوبات النطق والتواصل وعدم التركيز باعتبارها من أهم الصعوبات التي يتم مواجهتها أثناء محاولة دمجهم بالمجتمع، حد وصفها.

وأشارت إلى أن الأشخاص الذي تكون مستوى إصابتهم بمتلازمة خفيفة يستطيعون الاندماج مع المجتمع المحيط بشكل أسرع مقارنة بأصحاب الإصابات الشديدة والذي يفضل إلحاقهم بمراكز التدريب والتأهيل المتخصصة من أجل تخفيف مستوى المرض.

وكانت المنظمات الأممية قد احتفلت في اليوم العالمي لمتلازمة داون، الذي يوافق 21 مارس 2022  تحت شعار المشاركة والدمج الفعّال بالمجتمع ، في الوقت الذي تقدر هيئة الأمم المتحدة عدد متلازمة داون بين 1 من 1000 إلى 1 من 1100 من الولادات الحية في جميع أنحاء العالم، ويولد كل عام ما يقرب من 3000 إلى 5000 من الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب الجيني.

نقلاً عن منصة عوافي

   

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

Exit mobile version