د. عبدالحميد الصهيبي *
خلال أقل من شهر وصلتني معلومات عن: إصابة اثنين من الإخوة الأعزاء من جيراني في الحارة بسرطان المريء والمعدة ، بالإضافة إلى إصابة واحدة من الأخوات في الحارة المجاورة بورم في الدماغ.
وفي أثناء ذهابي إلى المخبز لشراء الكدم أبلغني القائم على المخبز بأن أحد أقربائه –وهو في العشرينات من العمر– مصاب بسرطان في البلعوم.
قد يهمك .. أطفال متلازمة داون : من حقنا تعليم دامج
وكان زميلي في العمل قد أبلغني بأن ابن أخيه (21 عاما) قد عاد من السعودية بعد عدة أعوام من المعاناة مع أمراض البطن تم تشخيصها مؤخرا بأنه مصاب بسرطان القولون.
فيما زميلتي قبل عدة أيام بكت وداع خالتها متوفية بسبب سرطان في الرئة بعد أكثر من سنتين من المعاناة التي لم يحدد سببها الحقيقي.
ما هذا ؟؟
بهكذا تساؤل تناولت الجوال لأتشارك تلك الاأباء مع أخي وزميلي وصديقي العزيز الدكتور عبد الله ثوابه – مدير المركز الوطني لمكافحة السرطان بأمانة العاصمة.
كما هي عادته كان هادئا ورزينا في الإجابة على تساؤلي عن الأسباب التي تجعل المحيط وكأنه مصاب بوباء السرطان وهل من تفسير لتزايد الحالات التي تصل إلينا أخبارها.
ومن المفيد أن نعيد ما ورد على لسانه بأن الأرقام على نفس المعدل للسنوات السابقة وبزيادة بسيطة يمكن تفسيرها بأنها نتيجة زيادة وعي المجتمع فضلا عن تحسن وسائل التشخيص من خلال مراكز الكشف والأشعة التشخيصية ذات مستويات عالية للدقة.
ولكن، هل يبقى السرطان مفاجأة قاتله ينتظر المجتمع وقوعها ولكنه لا يبادر لمنعها أو التخفيف من عواقبها ؟!، هل من وسائل وقائية ؟ يمكن من خلالها منع حدوث السرطانات ؟ وهل يمكن التنبؤ المبكر لحدوثها والبدء في العلاج بأسرع وقت ممكن؟
إن الحديث عن مسببات الحدوث تدفعنا للخوض في أساليب المعالجة للأمراض المزمنة وإهمال بعض الحالات دون معالجة صحيحة تؤدي في نهاية المطاف إلى التحول للأورام السرطانية، وهنا ينبغي التأكيد على أن معالجة الحالات المرضية بالشكل الصحيح وفي الوقت المحدد عامل مهم من عوامل الوقاية من الأمراض السرطانية.
إقرأ أيضاً .. الحمل الكيميائي والإجهاض المبكر
ومن البديهي أن نتناول في هذا الصدد مسالة الغذاء خصوصا في ظل إغراق الأسواق بمنتجات وأغذية لا تنطبق عليها معايير الغذاء السليم من حيث الجودة والمواد الحافظة والصبغات والألوان والتي تحتوي كميات كبيرة من المواد المسرطنة، كما أن التدخين بمختلف أشكاله وصورة من أهم العوامل المؤثرة في تزايد الامراض السرطانية بما في ذلك التعرض للدخان من عوادم السيارات والمعامل والمطاعم وغيرها.
فضلا عن ذلك يبدو المشهد مأساويا إذا ما تحدثنا عن المبيدات الزراعية وسوء الاستخدام لها، مما يعرض الكثير إلى الإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات.
وهناك أسباب أخرى كالتعرض للإشعاع بصورة متكررة ، سواء في مراكز التشخيص الطبي كالأشعة المقطعية وغيرها أو بسبب المواد المنبعثة بسبب الصواريخ والقنابل والأسلحة جراء الحروب .
ومما لاشك فيه أن مواجهة السرطان بحاجة إلى إعلان حقيقي يتبناه كل أفراد المجتمع من خلال السلوك الصحي والغذائي السليم، كما تتبناه المؤسسات المعنية بالرقابة على الواردات من الأغذية والسموم والمبيدات وغيرها وأنها خالية من المواد المسرطنة، وهو كذلك الواجب للمؤسسات الصحية للتعامل مع الحالات المرضية وعلاجها بصوره تضمن لها الشفاء وتمنع تحولها إلى حالات سرطانية، فيما يبقى الدور على مراكز السرطان أن تلبي احتياجات مرضى السرطان من الأدوية والمساندة والرعاية النفسية والمجتمعية .. وبمشاركة وتعاون ومساندة ودعم كافة شرائح المجتمع وعندها نستطيع أن نقول بأننا قد قطعنا شوطا في مكافحة السرطان .. والله المستعان.
* خبير وطني في مكافحة الإيدز والأمراض المعدية
الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب
Source : https://alttebiah.net/?p=19578