المجلة الطبية

أزمة تنفس..!

-
عبدالملك الجرموزي

أصبحت أتنفس بصعوبة بالغة، نتيجة قلة الأوكسجين وارتفاع نسبة التلوث في الجو .. شُعَبي الهوائية الضيقة تزيد معاناتي مع تلوث الهواء.. بالإضافة إلى جيوبي الأنفية شديدة الحساسية تجاه الأتربة وأدخنة السجائر وعوادم المركبات. وحرائق القمائم التي تجعل من شوارعنا أمكنة شديدة الخطورة.

صحيح أنني أفضل صحياً من غيري، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي، لكن الأمر يتفاقم كل يوم بسبب استنشاقنا هواء ملوثاً.. وقد حان الوقت لعمل شيء من أجل إيقاف هذا العبث.

لقد تزايدت في السنوات الأخيرة التحذيرات من خطورة التلوث على الصحة العامة في اليمن، وذلك بسبب تناقص الغطاء النباتي مما ينذر بأزمة تنفس وتسمم بالملوثات.

قد يهمك..طبيبة تحدد أفضل وجبة فطور للرجال والنساء

وكما هو معلوم، فإن الأشجار تحدد نسبة الأوكسجين في الهواء، وتقلّص منسوب تلوث المدن بالغازات السامة.. وأثناء عملية التنفس يحصل الإنسان على الأوكسجين ويطرح ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه الأشجار.. لكن ووفقاً لتقرير مهم للزميلة سارة الصعفاني، نشر في العدد الأخير من المجلة الطبية.. فإن أشجار اليمن لا تكفي نتيجة التخطيط الجائر وندرة المياه والتلوث بالنفايات وضعف الاهتمام بزراعة أشجار الزينة.

ومؤخراً نشر أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي صورة التقطها من داخل طائرة اليمنية لمدينة صنعاء بدت فيها مدينة بلا روح.. فالتوسع العمراني طغى على المساحات التي يجب أن تكون خضراء.

وتعتبر العاصمة صنعاء، وفق تقارير عن الوضع البيئي ، الأكثر تلوثاً من بين بقية مدن اليمن .. إنها تحتوي على ما يقارب 300 ألف من السيارات والمركبات أغلبها قديمة، وتستخدم الوقود السائل “البنزين أو الديزل”.

 هذه المدينة المكتظة بالسكان تستهلك يومياً نحو 29 ألف برميل من المشتقات النفطية، مما يؤدي لانبعاث آلاف الأطنان من الغازات الملوثة للهواء.

وتقول مؤشرات برنامج UNEP، إن نصيب صنعاء وحدها من الغازات الملوث يبلغ 7,762 طن من أوكسيد الكربون. وحوالي 988 طنا من أوكسيد الكبريت، وقرابة 2.9 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون.

ما يضاعف من خطورة هذا الكم الهائل من الغازات انخفاض كثافة الأوكسجين في صنعاء، وارتفاعها الكبير عن مستوى سطح البحر بحوالي 2,400 متر.

اقرأ أيضاً..قد تضيف سنوات إلى حياتك.. دراسة تحدد كمية القهوة اليومية

وتقدر منظمة الصحة العالمية في مصفوفة السياسات حول جودة الهواء في اليمن، أن تلوث الهواء الخارجي (في الأماكن المفتوحة) يسبب 1.100 حالة وفاة مبكرة سنوياً في اليمن.. ويتسبب تلوث الهواء الداخلي (في الأماكن المغلقة والمنازل) بوفاة ما يقدر بنحو 6,700 حالة من الوفيات المبكرة كل عام.

لقد احتلت اليمن المرتبة السادسة عربياً، من حيث ارتفاع عدد الوفيات جراء أضرار بيئية.. طبقاً لتقديرات تقرير التقييم العالمي للعبء المرضي الناتج عن التدهور البيئي، للعام 2016.

وبلغت عدد الوفيات السنوية الناتجة عن التدهور البيئي، أكثر من 200 ألف حالة وفاة في اليمن، نتيجة التلوث البيئي، والتغير المناخي، وتلوث مياه الشرب.

ورغم إن كل ما سبق صادم لنا، إلا أن مؤشر AQI جودة الهواء العالمي للعام 2019، حمل لنا خبراً منعشاً، مفاده أن “تلوث الهواء في اليمن ما يزال في حدود جيدة”.. لقد كان خبراً جيداً، وكان يجب على السلطات اعتباره بمثابة فرصة لتلافي ما يمكن تلافيه من تلوث يتزايد عاماً بعد آخر بصورة مقلقة.

لا أحد في هذا البلد مهتم بمكافحة التلوث والتشجيع على التشجير واستمرارية حملات النظافة. بدل من كونها مناسبة رسمية لا تستمر أكثر من ثلاثة أيام وتنتهي بمجرد مغادرة كاميرات التغطية الإعلامية المواكبة للحملة.

من حق المواطن الحصول على هواء نقيا، والعيش وسط بيئة نظيفة، إننا نستحق ذلك.. وإذا لم يتحقق لنا هذا الآن، فمتى؟.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

Exit mobile version