المجلة الطبية

الوضع الوبائي لليمن وعلاقته بالتطعيم الروتيني للأطفال

-
د. أيمن مذكور

تعتبر الجمهورية اليمنية من البلدان النامية التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر وضعف الدخل القومي للفرد وعدم الاستقرار السياسي.

وحتى عام 2013م كان نصيب قطاع الصحة في اليمن ما يقارب 3.5‎% من اجمالي الموازنة العامة للدولة، وهذه النسبة هي الأقل على مستوى جميع الدول الواقعة في الشرق الأوسط.. ولذلك فان هذا الدعم الضعيف لن يمكن السلطات الصحية من تغطية كلفة الخدمات الوقائية والعلاجية لسكان اليمن وخاصة في المناطق الريفية.

وهذا ما جعل السلطات الصحية في البلد تركز على الاستثمار في دعم خدمات الرعاية الصحية الأولية كخدمات التحصين، الترصد، التغذية وخدمات الصحة الإنجابية باعتبارها تحمي شريحة كبيرة من المجتمع من الإصابة بالأمراض وبالتالي تخفف من تكاليف الخدمات العلاجية.

وهنا يمكن القول بان البرنامج الوطني للتحصين قد قطع شوطاً كبيراً لكبح جماح امراض الطفولة التي كانت تحصد أرواح آلاف الأطفال سنوياً.

قد يهمك..الصحة تحدد أسعار أكثر من ألفي صنف دوائي وتتوعد المخالفين

ومن ثمار تلك الجهود إعلان السلطات الصحية ممثله بالبرنامج الوطني للتحصين وبدعم من منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف، اليمن خالية من شلل الأطفال عام 2009، كما اختفت حالات الكوليرا وتقلصت معدلات الإصابة بالحصبة والسعال الديكي والتهاب السحايا الى ادنى مستوياتها ناهيك عن التراجع الملحوظ في معدلات الإصابة بفيروسات الكبد الوبائية.

كل ذلك كان نتيجة لارتفاع نسبة التغطية بالتحصين الروتيني للأطفال والذي تجاوز 80‎%، وهو ما ساهم الى حد كبير في تعزيز صحة الأطفال ضد امراض الطفولة وقد لوحظ ذلك من خلال انخفاض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر.

لكن للأسف لم يستمر النجاح كثيراً حيث واجه القطاع الصحي انتكاسة كبيرة بعد اندلاع الحرب في اليمن عام 2015م .

وعلى مدى ثمان سنوات من الصراع وما نتج عنه من نزوح وانهيار خدمات الصحة وخدمات المياه والصرف الصحي، ظهرت من جديد حالات الإصابة بشلل الأطفال بعد ان كانت اليمن تخلصت منه منذ ما يقارب 13 عاما، قبل ان يتم الإعلان عن تسجيل إصابات جديدة العام الماضي، إذ تشير البيانات الصحية الى رصد اكثر من 220 حالة مصابة بشلل الأطفال مثبتة مخبرياً  في اربع محافظات، وقد ساهمت الاشاعات في عزوف الكثير من الناس عن تلقيح أطفالهم.

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن إشاعات عديدة حول شلل الأطفال، تزداد هذه الاشاعات مع كل حملة رسمية لتحصين الأطفال ضد الفيروس، ولعل من ابرز الشائعات التي تم رصدها خلال شهر كانون الأول(ديسمبر) والتي كانت تقول:” أوقفوا التطعيم ضد شلل الأطفال في بلادهم واستمروا في تطعيم أطفال العالم حتى يومنا هذا، لأنهم علموا أن اللقاح يسبب شلل الأطفال” .

كما تراجعت معظم مؤشرات قطاع الرعاية الصحية الأولية، بحلول عام 2022، حيث سجل معدل التغطية بالتحصين الروتيني للأطفال تراجعا الى أقل من 60‎% ، رافقه ارتفاع في معدل الإصابة بسوء التغذية، وعاد مرض الحصبة للانتشار من جديد في اغلب المحافظات وتوفي خلال السنوات الماضية عشرات الالاف من اليمنيين نتيجة الكوليرا والدفتيريا والسعال الديكي والشلل والحصبة وكوفيد-19.

ويتوقف انتشار الامراض الوبائية في منطقة ما على مجموعة من العوامل الرئيسية في مقدمتها الفقر والحروب، لذلك نلاحظ ان البلدان التي ترزح تحت الصراعات والحروب تعاني من تفشي الأوبئة مثل الكوليرا والحصبة والجرب وشلل الأطفال وغيرها .

اقرأ أيضاً..استعدادات لافتتاح 17 عيادة نفسية في اليمن

وفي اليمن يمكن القول بأن النجاح في التخفيف من المخاطر الصحية يقتضي توفير الدعم اللازم لقطاع الصحة وعلى السلطات الحكومية العمل بأكثر من استراتيجية لاستعادة السيطرة على الوضع وإيقاف تفشي الامراض الوبائية بحيث تشمل التدخلات التالي:-

*استشاري التخطيط والتطوير الصحي والجودة

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust في اليمن

Exit mobile version