المجلة الطبية

عدوى المستشفيات في تزايد مستمر!

-
د. صلاح الدين منصور القباطي *

عدوى المستشفيات في تزايد مستمر!

في البداية يجب أن ندرك بأن عدوى المستشفيات هي العدوى التي يكتسبها المريض أثناء تواجده في المستشفى بعد الدخول بيومين أو ثلاثة أيام وتختلف هذه العدوى عن المرض الأساسي الذي دخل به المستشفى.

هذه العدوى المتخفية في المستشفيات ناتجة عن بكتيريا خبيثة أهمها VRSA ، MRSA والتي قد اكتسبت مناعة ضد المنظفات والمطهرات وكذلك المضادات الحيوية، وتتواجد غالبا في غرف العمليات والعناية وغرف الولادات وحضانات الأطفال ومراكز الغسيل الكلوي.

ورغم الجهود التي تبذلها لجان مكافحة العدوى في المستشفيات سواء عن طريق التوعية للكادر الصحي أو إعداد السياسات والبرامج والخطط لمواجهة هذه العدوى إلا أن إصابات العدوى في تزايد مستمر، وللأسف أصبحت نسبة الوفيات بين حالات الرقود بالعناية المركزة كبيرة وذلك بسبب هذا العدو المتخفي. 

قد يهمك..أمام البرلمان.. التزام حكومي بتنفيذ حملة واسعة للتحصين ضد الحصبة وشلل الأطفال

ولهذا أصبح الهاجس الأكبر لدى بعض المرضى -خاصة من يحتاج لإجراء عملية جراحية أو يحتاج للرقود في المستشفى لأي سبب- هو الخوف من الإصابة بهذه العدوى، ويحدث أن يدخل المريض إلى المستشفى وهو يعاني من مرض معين، يتفاجأ بعد بضعة أيام بأنه أصبح يعاني من مرض آخر، كالالتهابات الرئوية أو التهابات بالدم أو التهابات بالمسالك البولية …. الخ.

ومؤخرا اعتدنا سماع جملة “نجحت العملية لكن للأسف حصل للمريض مضاعفات والتهابات” وعليه ينقل المريض من قسم الرقود إلى العناية حينها يقف الطبيب أمامه مكتوف اليدين وهو يرى نتيجة المزرعة أن بكتيريا مقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية أصابت المريض الذي يظل لأسابيع يعاني ويخسر مبالغ الكبيرة وتكون النتيجة، غالبا، الوفاة، والسبب الرئيسي هي الإصابة بعدوى بالبكتيريا الخبيثة المقيمة بالمستشفى والمقاومة للمضادات الحيوية. 

ويعد أهم سبب لوجود البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية بالمستشفيات هو الصرف العشوائي للمضادات الحيوية بشكل كورسات كاملة واختيار أقوى الأنواع من قبل بعض الكادر الصحي بالمستشفيات من دون الاعتماد على بروتوكول طبي ومزرعة البكتيريا لمعرفة نوع البكتيريا وتحديد المضاد الحيوي المناسب مع الـ MIC.

وكذلك يعد عدم اهتمام المستشفى بمكافحة العدوى وعدم وجود نظام مكافحة العدوى سببا كبيرا لانتشار هذه البكتيريا التي تفتك بحياة المرضى.

 وأيضا من أسباب انتشار هذه العدوى عدم المعرفة بالإجراءات الصحيحة عند تعقيم الأجهزة الطبية مثل المناظير وأجهزة التنفس والحضانة، الخ، إضافة لذلك الإهمال والاستهتار وغياب الضمير المهني عند بعض الكوادر الصحية وعدم الالتزام بسياسات وبرامج مكافحة العدوى أو عدم الشعور بأهمية مكافحة العدوى.

والأخطر من كل ذلك أن يكون بعض الكادر الصحي على علم بأن أحد المرضى مصاب بهذه البكتيريا الخبيثة ورغم ذلك يتم إدخال مريض آخر لنفس غرفة العناية، ومع الأسف يصاب المريض الجديد بنفس البكتيريا الخبيثة خلال يوم أو يومين.

ولهذا في حالة اكتشاف حالة مصابة بهذه البكتيريا الخبيثة والخطيرة يجب إغلاق القسم وإعلان حالة طوارئ بالمستشفى ويتم التعقيم وعزل المريض حتى يتم التأكد من القضاء على البكتيريا.

اقرأ أيضاً..وزارة الصحة: أكثر من مليوني يمني مصابين بأمراض الكبد

وهنا سنورد بعض الإجراءات المهمة لمكافحة العدوى أو التقليل منها ابتداء بعدم الصرف العشوائي للمضادات الحيوية والتزام جميع الكادر الطبي ببرتوكول خاص للتعامل مع المضادات الحيوية منها طلب المزرعة البكتيرية وتحديد المضاد الحيوي المناسب، فالطبيب والممرض هما الأساس لنجاح برنامج مكافحة العدوى.

كما يجب تعقيم المستشفيات بشكل مستمر وقبل ذلك التأكد من فاعلية مواد التعقيم المستخدمة وفحصها، وأخذ المسحات البكتيريا بشكل دوري والبحث عن العدو الخفي في جميع إنحاء المستشفى للقضاء عليه، ومرورا بالاهتمام بأدوات وببرامج مكافحة العدوى والتقييم والمتابعة المستمرة، وانتهاء بالإشراف المباشر من قبل وزارة الصحة في تطبيق برامج مكافحة العدوى.

وفي الأخير نشكر وزارة الصحة العامة والسكان والمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية وإدارة المستشفيات الحكومية والخاصة والكادر الطبي الحريصة على بذل الجهود لإنجاح برنامج مكافحة العدوى. 

* أمين عام نقابة الطب التشخيصي المختبري

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

Exit mobile version