د. أيمن أحمد مذكور *
يعتبر كوفيد-19 مرضاً فيروسياً ظهر أول مرة في إقليم ووهان الصيني نهاية 2019م، ويسببه فيروس سارس، وهو أحد الفيروسات التاجية والذي يصيب الجهاز التنفسي للإنسان، وينتقل الفيروس من شخص إلى آخر عبر السعال والعطاس والتلامس مع مصاب أو مع الأسطح الملوثة بالفيروس، وهي نفس طرق انتقال العدوى للزكام والانفلونزا العادية.
من جهة ثانية يؤكد خبراء الصحة العامة أن هناك العديد من الأمراض التنفسية التي تتشابه في أعراضها مع كوفيد-19 مثل الزكام والحساسية الموسمية والانفلونزا، حيث تتشابه جميعها في أغلب الأعراض مثل الحمى والعطاس والتعب وألم العضلات وسيلان الأنف، بينما تتميز أعراض كوفيد-19 بسعال جاف وحدوث مضاعفات أخرى لبعض الأشخاص، مثل القيء والغثيان وصعوبة وضيق التنفس ونقص نسبة الأوكسيجين في الدم مع حدوث جلطات دموية أحياناً، وهذه الأعراض غير موجودة في حالات الانفلونزا والزكام والحساسية الموسمية، ومع ذلك يستطيع الأطباء التفريق بينها من خلال سلسلة من الخطوات التي تبدأ بمعرفة فترة الحضانة والقصة المرضية والأعراض والمضاعفات.
قد يهمك .. تقرير أممي: مضاعفات الحمل والولادة تودي بحياة امرأة كل دقيقتين
وأخيراً إجراء الفحوصات المخبرية التي تكون حاسمة في تأكيد الإصابة بكوفيد-19 من عدمه، وهو ما يؤكد أن كوفيد-19 أصبح واقعاً يفرض علينا جميعاً التعامل معه بمهنية ومصداقية، والسعي للتصدي للشائعات المغلوطة عن المرض، ومن هذا المنطلق يجب علينا أن نضع بعض الحقائق البديهية حول كوفيد-19 والتي تشمل ما يلي:
1- علينا أن نعرف أن العديد من مراكز البحوث والرصد والتطوير الصحية والمختبرات في مختلف دول العالم، خلال الثلاث السنوات الماضية، قد قامت بإجراء العديد من الدراسات والبحوث العلمية والاختبارات المعملية حول وباء كوفيد-19، وقد غطت هذه الدراسات والبحوث عدة أمور متعلقة بالمرض، كالتعرف على الفيروس المسبب لكوفيد-19 وعزله مخبرياً، ودراسة خواص الفيروس ومتحورات الفيروس، ومعرفة أعراض المرض، وطرق انتقال العدوى من شخص لآخر، وابتكار طرق الفحص والتشخيص للمرض مخبرياً، سواء عبر تقنية الفحص السريع أو الفحص التأكيدي المعروف بـ (PCR)، كما عكفت أغلب شركات اللقاحات على تصنيع وإنتاج اللقاحات التي تحمي الأشخاص من العدوى بكوفيد-19.
2- كما أجريت خلال الثلاث السنوات الماضية العديد من التجارب العلمية حول فعالية بعض الأدوية، ووضع بروتوكول لعلاج المرض والتخفيف من أعراضه ومضاعفاته، بل وفرضت أغلب الدول سياسة لتطعيم الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات المرض وخاصة كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة أخرى.
3- انتهجت السلطات الصحية وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية في معظم الدول سياسات شفافة في التعامل مع وباء كوفيد-19، وكانت الجهات الصحية في تلك الدول تعلن يومياً عن عدد الحالات المصابة وحالات الشفاء والوفيات.
4- اختلاف معدل الوفيات من كوفيد-19 بين دولة وأخرى، حيث ارتفعت معدلات الوفيات في الدول ذات الأنظمة الصحية الضعيفة، وتتراوح من %2 – %8.
5- لقد لاحظنا تردد السلطات الصحية لبعض الدول في الإعلان عن حالات الوفيات أو المصابين بالفيروس، وربما يعود ذلك إلى الخوف من الإجراءات التي قد تفرض عليها مثل إغلاق المنافذ ومنع السفر وتوقف النشاط التجاري والاقتصادي، والذي وصل في بعض الأحيان لمرحلة الحصار السياسي والاقتصادي، مما يعني أن أضرار وخسائر تطبيق إجراءات الحجر الصحي تتجاوز الأضرار الصحية التي قد يسببها انتشار الوباء، وربما يرجع ذلك إلى التوظيف الإعلامي لأسباب سياسية أكثر منها صحية، وهذا ما دفع بعض الدول لعدم الإفصاح عن الأرقام الفعلية للمصابين والوفيات حرصاً منها لعدم تأثر الوضع الاقتصادي والاجتماعي، أو بث الهلع بين مواطنيها، وما يتبع ذلك من تهافت المواطنين على شراء وسائل الوقاية والفحص والعلاج مثل الكمامات والمعقمات وأجهزة الفحص والأدوية، مما يؤدي لارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية.
6- نظراً لأن كوفيد-19 كان مرضاً جديداً، ولم يكن العلماء في ذلك الوقت يملكون معلومات كافية ومؤكدة عن المرض وطرق انتقاله، وتشخيص المرض وعلاجه، فقد انتشرت الكثير من الشائعات المغلوطة حول طرق العدوى والوقاية والعلاج التي كان لها تأثير سلبي في التعامل مع الوباء والسيطرة عليه، مما تسببت في ضعف الثقة والمصداقية في نصائح الأطباء، وهو ما ساهم في إنكار البعض لوجود المرض من الأساس، واعتقد البعض أن الوباء مجرد مؤامرة من بعض الدول، ومن المؤسف ظهور شائعات تقول إن الوباء هو عقاب من الله للكفار ولن يؤثر على المسلمين، وخاصة أن النساء المسلمات الملتزمات بالحجاب والبرقع لا يحتجن للالتزام بتطبيق أساليب ووسائل الوقاية من العدوى، وهذه كلها معلومات مغلوطة وتوظيف شيطاني للوباء وبعيدة عن العلم.
إقرأ أيضاً .. صنعاء توجه بسحب هذا الدواء من الأسواق بشكل عاجل
7- في الأخير، وبعيداً عن التهويل المبالغ فيه والتهاون غير المقبول يجب على السلطات والمنظمات الصحية التعامل مع كوفيد-19 بمهنية، وعدم المبالغة المفرطة في ردود الفعل وضرورة اتباع وسائل الوقاية من العدوى، وتطعيم الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، بالإضافة لتجهيز مراكز الفحص والتشخيص والمعالجة وتدريب العاملين الصحيين على بروتوكول المعالجة والوقاية، وتوعية الناس بالمعلومات الصحيحة عن الفيروس وطرق الوقاية منه، وعلى السلطات الصحية توفير مخزون وطني من الوسائل الوقائية مثل الكمامات والمعقمات حرصاً على عدم حدوث أزمة فيها وارتفاع أسعارها، كما يجب تجهيز نقاط للفحص لمن يظهر لديهم أعراض العدوى في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، وليس إغلاق المنافذ ومنع السفر نهائياً، والذي قد يدفع بعض المضطرين للسفر عبر التهريب خصوصاً بين الدول المتجاورة، وبالتالي انتقال الفيروس بدون علم السلطات الرسمية وانتشار العدوى.
كما يجب وضع معايير مكتوبة للإجراءات الوقائية التي يجب أن يلتزم بها المواطنون وتوزيعها ونشرها في الأماكن المزدحمة والأماكن العامة ووسائل النقل والأسواق، وتفعيل الصحة المدرسية، والتوعية المستمرة حول إجراءات النظافة العامة والشخصية، بالإضافة للاهتمام وتفعيل نظام الترصد الوبائي، وتحري المصداقية في التسجيل والإبلاغ عن الحالات المكتشفة وعدم إخفائها، لأن برامج الترصد الوبائي هو نقطة البداية وخط الدفاع الأول، ولأن الاعتراف بوجود المشكلة هو أول خطوات النجاح في السيطرة على المرض.
# استشاري التخطيط والتطوير الصحي
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust في اليمن
المصدر : https://alttebiah.net/?p=21510