أوقات عصيبة في غرفة حديثي الولادة
الطبية| عبدالملك الجرموزي:
داخل قسم التوليد والخدج بمستشفى المودة، وسط العاصمة صنعاء، عشت تفاصيل متباينة المشاعر، قلقاً على زوجتي التي دخلت للولادة عند التاسعة ليلاً وتعاني من ارتفاع في ضغط الدم يهدد حياتها وجنينها، وسعادة بعد سماع صوت بكاء طفلي الجديد، هو الرابع من بين أخوته ويفصله عن آخرهم 7 أعوام.
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ونصف بعد منتصف الليل، أولى ساعات يوم الإثنين الـ12 من ديسمبر، حين جاء «تميم» للحياة على يد أخصائية النساء والولادة الدكتورة دعاء إسكندر، كنت سعيداً بوصوله وسلامة أمه، وفي حين كنت أنتظر تصريح خروجهما من المستشفى، فاجأني أخصائي الأطفال وحديثي الولادة الدكتور أحمد محمد الشحري بقرار بقائه داخل الحضانة كون حالته الصحية تستدعي ذلك.
قد يهمك .. أمراض الجهاز التنفسي والفروق بينها وبين كوفيد-19
عند تمام الثالثة فجراً، غادرت المستشفى رفقة زوجتي، قبل ذلك بنحو نصف ساعة كانت الدكتورة أروى الربيع، المدير العام، تتفقد أقسام الرقود والعمليات في المستشفى، لفت انتباهي حالة الانضباط عالي المستوى للكادر التمريضي والطبي وطواقم العمل في المستشفى، وحرص الدكتورة الربيع على زيارة مرضى، مواليد وأمهات، وإبداء الملاحظات والتدخل الطبي وحتى الجراحي إن تطلب الأمر.. همة ومسؤولية مثيرة للإعجاب جعلتني أشعر بالاطمئنان على مواليد جدد تلقفتهم أياد حانية وخبيرة.
تساؤلات ضرورية
كان «تميم» يعاني صعوبة في التنفس والتهابات حادة بسبب ابتلاع سوائل من رحم الأم مع صفار ولادي، هكذا أخبرني الطبيب مبدياً تعاطفه ومؤكداً أن قرار بقائه في الحضانة دافعه الحرص على صحته، وأنا – مثل كثيرين غيري – أجهل أسباب إدخال أطفالنا حديثي الولادة للحضانة، لكني قررت معرفة الأسباب، وقد دفعتني معاناة طفلي إلى سؤال أخصائي الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى المودة الدكتور أحمد محمد الشحري عن ذلك.
لم يبخل الدكتور الشحري عليَ بالإجابة ووضعي أمام الصورة الكاملة لحالة صغيري ومن هم مثله، وبحسبه هناك العديد من الأسباب التي تستدعي إدخال المولد قسم الحضانات، أبرزها، ” الطفل المبستر (الخديج، وهو المولود قبل الأسبوع الـ37 من الحمل)، صعوبة التنفس عند حديثي الولادة، الالتهابات أو العدوى عند المولود، انخفاض مستوى جلكوز الدم خصوصاً الأطفال المولودين من أمهات مصابات بالسكري، نقص الأوكسجين لدى الطفل عند حدوث تعسر بالولادة، مشاكل الجهاز الهضمي مثل عدم تقبل الحليب أو القيء المستمر أو التهابات الأمعاء، وجود عيوب خلقية لدى المولود وتشوهات تستدعي تدخلا جراحيا أو علاجا بالأدوية، انخفاض درجة حرارة المولود».
في اليوم الثاني لتميم في المستشفى، سُمح لي بزيارته داخل الحضانة، بعد الزامي بإجراءات احترازية مشددة، هناك وجدت الدكتور الشحري منهمكاً في مراجعة تقارير الفحوصات الخاصة بمواليد كانوا ينامون كالملائكة داخل قسم الحضانة الأنيق بمستشفى المودة فيما تؤدي ممرضتان عملهما في رعاية المواليد باهتمام لافت.
اجراءات مهمة
كان الشحري، متوسط القامة، أنيق المظهر، ويتحدث بهدوء ووداعة باعثة للاطمئنان.. استأذنته في استكمال حديثي معه حول المواليد حديثي الولادة، والإجراءات التي يتبعونها في رعايتهم داخل الحضانة، لكنه طلب مني تأجيل الأمر حتى الانتهاء من تأدية عمله، ثم لاحقاً استكملنا حديثنا.
أفاد الدكتور الشحري بأن الإجراءات التي تتم للأطفال داخل الحضانة، هي «إعطاء الأدوية والسوائل لكل طفل حالته ووزنه، الإرضاع للأطفال الذين يرضعون بالفم أو عبر الأنبوب المعدي، مراقبة العلامات الحيوية مثل درجة الحرارة، ونسبة أوكسجين الدم ونبض القلب وضغط الدم عبر الأجهزة المخصصة لذلك، وضع الطفل تحت جهاز العلاج الضوئي في حالة وجود صفار ولادي، الحرص على نظافة الطفل وتغيير الحفاظات، عمل الفحوصات والأشعة اللازمة للمولود».
بحسب أخصائي حديثي الولادة، «تختلف مدة بقاء الطفل في قسم الحاضنات حسب حالته المرضية وحاجته للعلاج، وكون المولود خديجاً أو مكتمل النمو» مضيفاً «وعموماً تتراوح المدة بين عدة أيام إلى عدة أسابيع»، مبيناً أن “الوزن الطبيعي للأطفال هو 2.5 إلى 4.5 كيلو جرام، وهنا في بلادنا غالباً ما بين 2.5 إلى 3.5 كيلو»، وأما عن أسباب نقص وزن المولود عند الولادة، فنوه بأن ذلك «يرجع إلى مشاكل المشيمة، وسوء تغذية الأم الحامل، والتشوهات الخلقية لدى الجنين، وكذلك الحمل بتوأم أو أكثر، وارتفاع ضغط الحامل، وإصابة الحامل ببعض الفيروسات».
مخاطر نقص الأوكسجين
يترتب على ضيق التنفس ونقص الأوكسجين لدى حديثي الولادة عديد مخاطر صحية، وفق الدكتور الشحري كـ»نقص كمية الأوكسجين بالدم مما يؤدي إلى إبطاء معدل ضربات القلب، ونقص الأوكسجين على الدماغ وحدوث تلف بخلايا الدماغ تؤدي إلى تشنجات وضمور في الدماغ، واضطراب في كل وظائف أعضاء الجسم، وضعف السمع والرؤية لدى الطفل».
إقرأ أيضاً .. تقرير أممي: مضاعفات الحمل والولادة تودي بحياة امرأة كل دقيقتين
ويتابع أخصائي حديثي الولادة، «وللوقاية من تلك المخاطر نقوم بإعطاء الطفل الأوكسجين مع مراقبة نسبة أوكسجين الدم بجهاز المراقبة، وقد يحتاج الطفل لجهاز تنفس اصطناعي لمساعدته على التنفس».
يؤكد الدكتور الشحري على “إمكانية علاج صعوبة التنفس أو ضيق النفس عند حديثي الولادة، من خلال إعطاء المولود الأكسجين عن طريق أنابيب الأكسجين بالأنف أو عن طريق ماسك، واستخدام جهاز التنفس الاصطناعي عند الضرورة، وكذلك تنظيف الإفرازات من الفم أو الأنف عن طريق الشفط، بالإضافة إعطاء بعض العلاجات التي تحسن من تنفس المولود».