د /عبد الحميد الصهيبي
تتعدد أوجه الاستثمار وأهدافه، وتُعدّ أهداف الاستثمار الصحي هي الأكثر نبلا، الأكثر أهمية، الأكثر رقيا لأنها تستثمر في إحياء الانفس وإنقاذ الأرواح، ومن أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعا.
وتختلف أوجه الاستثمار في المجال الصحي وتتنوع تدخلاته، إلّا أن من المهم الإشارة الى ان كلمة الاستثمار لا تعني بالضرورة ان يكون ذلك الاستثمار بالمال وفقط .
فالاستثمار الفكري من أجل الصحة،والاستثمار بالوقت، والاستثمار بالجهد، كلها مجالات تخدم في نهاية المطاف المجتمع والوصول به إلى حالة من المعافاة البدنية والنفسية، وتحقق له الغايات التي ينشدها، وتمنحه حالة من السعادة لا يستطيع تعويضها ان فقدت ولو عرض من أجل ذلك كل ما يملك .
ومن البديهي الإشارة إلى أهمية الطب الوقائي في بلوغ الأهداف الصحية الشاملة، بما فيها الأهداف التي تقوم على آليات المعالجة الدوائية والتدخلات الجراحية الضرورية.
ومما لاشك فيه أن درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، ولكن قنطار العلاج ذاته يتحول إلى دراهم وقايات تمنع المضاعفات التي قد تنجم عن التأخر في المعالجة والمماطلة والتسويف، ومن الغباء ان يظل البعض من الناس يدندن على أوتار الوقاية ويرفض بدء العلاج لحالات تجاوزت في مراحلها أي إمكانية لتطبيق استراتيجية الوقاية ما قبل المرض، بل اصبحت في مرحلة تستدعي وقاية من نوع آخر انها الوقاية من المضاعفات، الوقاية من الأعباء، الوقاية من التبعات .
ومن هنا فإن على جميع الأطراف الفاعلة والمتفاعلة مع النظام الصحي إدراك هذه المسائل وإيلاءها كل الاهتمام، يجب علينا الاهتمام بالنظافة والتطعيم، ورفع الوعي الصحي، وفي نفس الوقت ينبغي علينا طلب العلاج عند الحاجة اليه والخضوع للتدخل الجراحي عندما يستدعي ذلك .
إن استثمارنا في الصحة يعني استثمارنا من أجل مجتمع قوي في اقتصاده، متمكن في علومه، ناجح في علاقاته، قادر على خدمة وطنه وحماية أمته، ومع كل لحظة من لحظات أعمارنا تزداد مسؤولياتنا وواجباتنا وتبرز علامات الاستفهام تجاه خطواتنا، ممارساتنا، اعتقاداتنا، هل تمضي في اتجاه الصحة، أم أنها تصبغ حياتنا بألوان المرض، وأمام هذه التساؤلات ينبغي علينا أن نحاسب أنفسنا فهل نحن مع أو ضد الحياة .
محطات للتأمل
*يمن بلا كوليرا..أم كوليرا بلا يمن
إن ما أشرنا اليه في الأسطر السابقة ينطبق كلياً مع مشكلة الكوليرا التي تستدعي وقاية من الإصابة، ثم وقاية أهم عبر تدخلات مهمة جداً للحد من المضاعفات .
*(المجلة الطبية).. استثمار في الفكر الصحي
في مثل هذا الشهر وتحديدا قبل عامين كانت الانطلاقة للمجلة الطبية في اغسطس 2017 ومنذ ذلك الوقت حققت المجلة نجاحات كبيرة في ظروف استثنائية تستدعي الثناء والتقدير لطاقم المجلة وخالص التهاني والتبريكات، فوضوح الرؤية، وتحديد الأهداف، ثم السير وفقا للرسالة التي آمن بها الجميع من أجل تحقيق كل ذلك هو سر النجاح نحو التطور الدائم والمستمر، وعلى بركة الله يمضي الجميع.
*(الرباحي وريهام ).. نموذجان يستحقان الإشادة
وانا أطالع العدد الأخير من “المجلة الطبية” لفت انتباهي تجربتان تستحقان الإشادة أكثر من غيرهما، الأولى للقطاع الخاص حيث أعلنت شركة سبأ فارما عن قرب الكشف عن مفاجأة تسر مرضى أحد الأمراض المزمنة وتخفف معاناتهم، وأنها سعت خلال الفترة الماضية لاستثمار كثير من الوقت والجهد والمال في سبيل تحقيق هذه الغاية، ولمثل هكذا تجارب نقف تقديرا واحتراما، فشكرا لسبأ فارما، والتجربة الأخرى للشباب الطامح المثابر والمكافح والذي انعكس جليا في الاختراع الرائع لشابة من شباب اليمن، أصرّت إلا أن تستجيب لأنين المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي، فكانت سترة الغسيل هي النتاج والثمرة لجهدها وتعبها وسهرها، وكان التألق عنوانا لاستثمار الفكرة، استثمار الحاجة في التميز والابتكار، وما زال الاختراع بحاجة إلى مزيد من العمل ليتحول إلى منتج يتم استخدامه، وعبر هذا المنبر أوجّه دعوة إلى كل رواد الأعمال وشركات ومصانع الدواء في اليمن إلى تبني وتقديم الدعم المادي واستثمار هذه الفكرة الطموحة في خدمة الصحة والتخفيف من معاناة الكثير، فضلا عن المردود من تسويق وبيع هذا المنتج محليا او تصديره للخارج ..خالص التهاني والتبريكات وكل الشكر والتقدير للمهندسة ريهام المختاري ولكل من وقف معها ومن سيقف معها في قادم الأيام!!
المصدر : https://alttebiah.net/?p=2200