المجلة الطبية

تفاصيل وأرقام صادمة.. حرمل يكشف للطبية عن أعداد المرضى والأطباء النفسيين

-

المجلة الطبية:

195 في كل 1000 يمني يعانون من اضطرابات نفسية، وبحسب الدكتور عبدالقدوس حرمل، فان هذا التناسب مرشح للارتفاع خاصة اذا ما استمرت الأوضاع الأمنية والاقتصادية في تدهور مستمر.
واكد الدكتور حرمل، المدير التنفيذي لمؤسسة التنمية والإرشاد الأسري، في هذا الحوار ان معظم المصابين بالاضطرابات والامراض النفسية من فئة الشباب، موضحا ان تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانعدام فرص العمل وتفشي البطالة أهم أسباب عدم الاستقرار النفسي ومن ثم الإصابة بالحالات المرضية المتطورة عند الشباب.
و بلغ عدد المصابين بالاضطرابات النفسية والعقلية ،بحسب دراسة ميدانية محلية خلال الفترة ( مارس 2015 – يونيو 2017 ) حوالي (5,455,348) شخصا، جميعهم بحاجة ماسة إلى رعاية صحية نفسية متخصصة، ووفقا لذات الدراسة التي نفذتها مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري فقد بلغت نسبة انتشار المرضى النفسيين بأوساط اليمنيين حوالي 19.5% .

حاوره / منصور البكالي
– برأيكم ما هي الأسباب التي تقف وراء انتشار الاضطرابات النفسية بأوساط الشباب في اليمن ؟
بحسب الاستنتاجات التي توصلنا اليها في المؤسسة فإن معدل انتشار الاضطرابات النفسية في اليمن من أعلى النسب والمعدلات عالمياً، جراء الضغوط اليومية وتوسع البطالة وزيادة الفقر التي ضاعفها الحرب والمعيشة الصعبة والأحداث المؤلمة والمشاهد الصادمة الناتجة عن هذه الحرب.

– من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالإمراض النفسية؟
الاضطرابات النفسية تصيب أي شخص بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الدخل أو الوضع الاجتماعي أو العرق / أو الدين/ التدين أو الميول أو المستوى التعليمي، أو أي جانب آخر من جوانب الهوية الثقافية، ويمكن أن تحدث في أي سن، غير ان 75% من الاضطرابات النفسية تبدأ من سن 24، وكثير من الاضطرابات النفسية تستجيب بالرعاية المناسبة والعلاج للتعافي والشفاء بإذن الله، وفي عصرنا هذا تنتشر الاضطرابات النفسية على نطاق واسع فما يقارب ثلث سكان العالم مصابون بالقلق، و7% منهم مصابون بالاكتئاب النفسي و1% بالفصام و3% بالوسواس القهري. ويقدر عدد الأفراد الذين يعانون شكلا من أشكال الاضطرابات النفسية والعقلية بحوالي 450 مليون نسمة على مستوى العالم، وأن عائلة من كل أربع عائلات بها فرد واحد على الأقل مصاب باضطراب نفسي، وأن واحداً من كل أربعة أفراد معرض للإصابة باضطراب نفسي في مرحلة ما من مراحل حياته. ذلك وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، ويقدّر معدل انتشار الاضطرابات النفسية على الصعيد العالمي فيما بين 12 % و 47.4 % في المائة هذا وتختلف نسب ومعدلات الانتشار من بلد الى آخر وتختلف من دراسة الى أخرى وتختلف من اضطراب الى آخر كما وتتأثر بمجموعة من العوامل منها الادوات والمقاييس والعينات المستخدمة في دراسات التقدير والأوقات التي تجرى فيها كما هو الحال عليه في حالة ما قبل الطوارئ وما بعدها خصوصا في الاضطرابات النفسية الخفيفة والمتوسطة كالقلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة ترتفع في حالة ما قبل الطوارئ من 10% الى 20% بعد حالة الطوارئ.

– ما هي نسبة انتشار المرض النفسي في اليمن؟
إن نسبة المرضى النفسيين جراء الحرب والأوضاع الصعبة في اليمن وفقا لدراسة قامت بها مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري خلال الفترة ( مارس 2015 – يونيو 2017 ) بلغ حوالي (5,455,348) جميعهم بحاجة ماسة إلى رعاية صحية نفسية متخصصة، ووفقا لذات الدراسة فقد بلغت نسبة انتشار الاضطرابات النفسية في ما بين أوساط اليمنيين المتضررين من الحرب بحوالي 19.5% ومعدل الانتشار 195 في كل 1000 حالة، وهي أعداد ونسب ومعدلات فوق الطبيعية بأضعاف وينذر بكارثة، وماتزال هذه النسبة مرشحة للزيادة والأمراض في توسع مستمر.

– بماذا تعلل زيادة انتشار الاضطرابات النفسية؟
الزيادة في نسب ومعدلات انتشار الاضطرابات النفسية لأسباب عدة أبرزها، الصراعات والحروب وانقطاع المرتبات وغلاء المعيشة والفقر والجوع والمرض والحرمان، إضافة الى ارتفاع معدلات النزوح إلى المدن وما ينجم عنها من انتشار العشوائيات والتشرد والازدحام والفقر وازدياد العنف، وكذا التدهور والقصور في خدمات الصحة النفسية وزيادة النمو المرتفع في معدلات النمو السكاني، وكلها عوامل تزيد من احتمالات حدوث الاضطرابات النفسية، خاصة وأن هذه الظواهر يصاحبها في العادة تمزق في النسيج الاجتماعي التقليدي وانهيار لنظم الدعم الاجتماعية والأسرية التقليدية المساندة للفرد.

– ما هي الآثار المترتبة على زيادة انتشار الاضطرابات النفسية ؟
من أهم تلك الآثار هي الإعاقات النفسية على مدى الحياة وهو الأمر الذي ستكون لها تبعات مباشرة من قبيل اثقال كاهل الاقتصاد او الدخل بتحمل تكاليف معالجة الآثار النفسية المباشرة لما يقارب من خمسه ملايين متضرر نفسياً من اليمنيين والتي تقدر التكلفة المباشرة للتخفيف والحد من تلك الآثار لدى المتضررين وإعادة تأهيلهم ما يزيد على 5 مليارات دولار، وهناك تبعات غير مباشرة تتمثل في التعويضات عن الأضرار والإعاقات النفسية مدى الحياة للمتضررين نفسيا من الحرب فقد تصل تكاليف تعويضاتها الى عشرات المليارات من الدولارات ان لم تكن المئات، هكذا هو واقع الحال حرب وحصار ودمار جعل من الكثير تحت طائلة ووطأة فئات الاضطرابات والضغوط النفسية.

– كيف تنظر إلى إمكانية ومقدرات اليمن في مجال الصحة النفسية؟
تعاني اليمن من نقص حاد في موارد واحتياجات وخدمات الصحة النفسية المتخصصة، فالعاملين في مجال الصحة النفسية من الأطباء النفسيين لا يتجاوز عددهم 46 طبيباً وهو ما يعني طبيب نفسي واحد لكل (600000) شخص تقريباً، وعدد المعالجين والأخصائيين النفسيين 130 معالجا نفسيا، والممرضين النفسيين لا يتجاوز 25 ممرضاً نفسياً، كما تعاني اليمن من نقص حاد في المنشآت التي هي عبارة عن أقسام في مستشفيات عامة وخاصة وريفية في 13 منشأة والباقي عبارة عن عيادات خاصة لا يتجاوز عددها 35 عيادة تتركز معظمها في العاصمة صنعاء، كما تعاني اليمن من نقص في التجهيزات والأدوية والمستلزمات المتعلقة بتقديم خدمات الصحة النفسية المتخصصة.
ومما لا شك فيه أن الحرب الدائرة في اليمن والمنتشرة على رقعة جغرافية تكاد تشمل كل الأراضي اليمنية زادت الأمر سوءا فلا يكاد يخلو تقرير عالمي خاص بالصحة النفسية من توصية بفداحة الوضع الصحي النفسي وبضرورة الاستجابة الصحية النفسية والاجتماعية وتقديم خدمات الصحة النفسية الإسعافية والمتخصصة لملايين المتضررين من اليمنيين، وعلى الرغم من أن الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية حول انتشار الاضطرابات النفسية في اليمن غير متاحة بدرجة تعكس طبيعة ما يقاسيه اليمنيون اليوم، إلا أن هذه الأرقام المخيفة عن الوضع الإنساني والصحي تحمل بين طياتها الكثير، فطبقا لإحصائيات المنظمات المحلية والعالمية فإن 81% من سكان اليمن في الوقت الراهن يقعون تحت خط الفقر وذلك ما يساوي 21 مليون شخص هم بحاجة إلى مساعدات طارئة في مجال الغذاء والسكن والملبس.
وكمحصلة للحرب الدائرة اليوم في اليمن أصبح واحد من كل عشرة أفراد في اليمن نازحا من بيته وهذا يعنى أن عدد النازحين من بيوتهم اليوم يفوق 2.4 مليون شخص طبقا لهذه المصادر وثلث هؤلاء النازحين من النساء, كما تفاقمت معدلات البطالة بين السكان من 35% في نهاية عام 2010 لترتفع إلى أكثر من 65% اليوم وخاصة بين فئة الشباب، ويوجد اليوم نحو 3.4 مليون طفل في سن المدرسة خارج المدرسة أو ما يعادل 47% من الأطفال في سن المدرسة-فالأطفال هم الضحايا الأكثر للصراعات والحروب وغياب الأمن-وتشير التقارير الدولية أن 60% من أطفال اليمن تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن، ونحو أكثر من ربع مليون يعانون من سوء التغذية الحادة التي تؤدي الى الوفاة, وتلك المعاناة لا شك ستنعكس بشكل مباشر وغير مباشر وتتحول إلى ضغوط واضطرابات نفسية.

– كلمة أخيرة ؟
يجب على العالم التفريق بين الجروح الجسدية والجروح النفسية، فالجروح النفسية أشد خطورة من الجروح الجسدية وتحتاج إلى عناية وتأهيل أطول، لذا لابد من تدارك الأمر قبل فوات الأوان، وأدعو الجهات المختصة إلى الاهتمام بكوادر الطب النفسي وتشجيع طلاب الطب لدخول تخصص البورد وإعطائهم حوافز مشجعة للاستمرار في ذلك.
كما نحذر من حجم الكارثة إن واصلنا التعاطي مع هذه النسب كأرقام فقط لا تدفعنا إلى المبادرة واستشعار المسئولية والقيام بها تجاه هذه الشريحة التي تشهد توسعا وازديادا يوميا بشكل مهول.

Exit mobile version