بالصور.. لهذه الأسباب كبرى مستشفيات اليمن .. تفقد ارواح المرضى
admin
-
لم تعد المنشآت الصحية واجهت أمل لشفاء المرضى, بقدر ما أصبح بعضها ساحة لموت عدد كبير من قاصديها بهدف العلاج.. في ظل غياب أمور كثيرة أهمها الضمير الإنساني.
المجلة الطبية:هاني المحويتي
” لو وصل إلينا مريضان اثنان في وقت واحد يحتاجان لعملية الإنعاش بالكهرباء فلن نستطيع إلا إنقاذ أحدهما ويموت الآخر” لم يعد يمتلك المستشفى سوى جهاز انعاش واحد صالح للاستخدام.
بهذه الكلمات لخص الدكتور يحيى القاسمي – مشرف الطوارئ بمستشفى الكويت أحد كبريات المستشفيات الحكومية بالعاصمة صنعاء، الوضع الكارثي والمأساوي الذي يعيشه القطاع الصحي في اليمن منذ بدء الحرب على اليمن في مارس 2015 بعد أن أصبحت معظم تلك المستشفيات الحكومية غير قادرة على استقبال الكثير من الحالات المرضية وباتت عاجزة عن توفير الرعاية الصحية المطلوبة للمرضى نتيجة النقص الحاد في الأجهزة والمعدات الطبية وتعطل ما يقارب 50 % منها وخروجها عن العمل.
أجهزة معطلة بسبب الحرب والإهمال
وفي تصريح خاص لـ”المجلة الطبية”، أكد الدكتور يحيى القاسمي – مشرف الطوارئ ومسئول المخازن في مستشفى الكويت، إن هناك الكثير من الأجهزة والمعدات الطبية لم تعد تعمل إما بسبب العجز عن الصيانة وعدم القدرة على توفير قطع الغيار بسبب الحرب والحصار او أنها وصلت الى هذا المصير بفعل الإهمال واللا مبالاة من قبل إدارة المستشفى، كون بعض الأجهزة المعطلة كجهاز الإنعاش يحتاج إلى بطارية وبرمجة الشاشة والكثير من أجهزة تخطيط القلب تحتاج إما إلى بطارية أو توصيلة شحن حتى تعود للعمل مرة أخرى.
ولفت مشرف الطوارئ إلى أنه تقدم بقائمة طويلة من الأجهزة والمعدات الطبية والاحتياجات الضرورية للمركز الذي يستقبل يومياً المئات من المرضى من مختلف الأعمار إلى منظمة أطباء حدود، والتي بدورها قامت بتوفير عدد من أجهزة تخطيط القلب والأوكسجين وجهاز شفط السوائل ومجموعة من النقالات، مبيناً أن المركز بات اليوم يفتقر إلى أبسط مقومات البقاء والاستمرار ابتداء من النظافة والتعقيم وإصلاح منظومة الكهرباء التي تشكل خطراً على المرضى ومنظومة المياه وإصلاح بلاط وأرضيات المركز المكسّرة مروراً بالعربات والنقّالات وانتهاء بأجهزة الإنعاش وتخطيط القلب ومراقبة المريض وغيرها من المعدات الهامة في الطوارئ.
وأوضح الدكتور القاسمي بأن مركز الطوارئ الذي لا يتجاوز عدد الأسرّة فيه 20 سريراً ويفتقر إلى الستائر الفاصلة بين المريض والآخر، يعيش حالة من الاحتضار جراء تعطل الكثير من أجهزته ومعداته الطبية وخروجها عن الخدمة بينما يحتاج معظمهما إلى إصلاح بسيط وِقطَع غيار موجودة في السوق.
وحدة العناية المركزة تحتضر
تعيش وحدة العناية المركزة في مستشفى الكويت حالة احتضار هي الأخرى بعد تكدس العشرات من الأجهزة الطبية المعطلة في ممرات العناية وعند مدخل البوابة يُخَيّل للمشاهد لها أول مرة بأن كارثة حقيقية حلّت بهذا المستشفى الحكومي الذي يقدّم خدماته للآلاف من المواطنين يومياً.
وبالرغم من رفض مشرفة العناية المركزة “حياة” الإفصاح عن حجم الأجهزة المعطلة في وحدة العناية، إلا أن موظفين أكدوا لـ”المجلة الطبية” بأن وحدة العناية المركزة تعمل اليوم بنصف طاقتها ومن خلال الأجهزة المقدمة من المنظمات الدولية كأطباء بلا حدود والصحة العالمية وغيرها، موضحين بأن المخازن التابعة لوحدة العناية تكتظ بالأجهزة والمعدات الطبية المعطلة منها ما هو بسبب الحصار وانعدام قطع الغيار لها ومنها ما هو بسبب الإهمال وعدم الصيانة من قبل مسئولي المستشفى الذين أصبحوا يعولون فقط على ما تقدمه المنظمات كهبات ومساعدات.
(الثورة) بلا أشعة مغناطيسية وقسطرة القلبية
تتكرر الصورة المحزنة في باقي المستشفيات الحكومية الأخرى في العاصمة صنعاء، حيث يؤكد الدكتور عبد اللطيف أبو طالب – رئيس هيئة مستشفى الثورة العام بالعاصمة صنعاء، أن معظم الأجهزة الطبية في القطاع الصحي بشكل عام قد تعدى عمرها الافتراضي، موضحا في تصريح لـ”المجلة الطبية”، إن إدارة المستشفى تعمل على قدم وساق لصيانة الأجهزة لديها عن طريق فريق هندسي يعمل على الصيانة الدورية للأجهزة الطبية بشكل عام للمحافظة على استهلاكها، ومبيناً أن هناك أجهزة معطلة ومتوقفة عن العمل بسبب الحرب والحصار مثل جهاز الأشعة المغناطيسية الرنين المغناطيسي الذي يتطلب غاز الهيليوم المعدوم بسبب منع تحالف الحرب على اليمن دخول الغاز للوكيل والشركة المصنعة له، الأمر الذي أدى إلى توقف الجهاز منذ بدء الحرب وحتى اليوم.
وأشار رئيس هيئة مستشفى الثورة العام إلى أن جهاز القسطرة القلبية عمره الآن خمسة عشر عام أي قد تعدى عمره الافتراضي ويحتاج إلى تغيير لأنه لم يعد يعمل وأصبح غير صالح، ولذا حاول الفريق الهندسي أكثر من مرة إصلاحه إلا أن هناك قطعة غيار اسمها “التيوب الإشعاعي” هو الذي يشغّل هذا الجهاز ولكنه خرج عن الخدمة في السنوات الأخيرة مرتين، تم إصلاحه في المرة الأولى من خلال استيراد قطع غيار جديدة بعد عناء وتعب وعبر بريد الــDHL الدولي، وقد عمل الجهاز حوالي فترة بسيطة ثم حرق مرة ثانية.
التيار الكهربائي يحرق المعدات الطبية
ونوه الدكتور أبو طالب بمشكلة عدم وجود الكهرباء ما يضطر المستشفى إلى توليد الطاقة عن طريق المولدات والتي لا تعمل على مدار 24 الساعة ما يضطر على التنقل بين مولد وآخر وهذا يؤدي الى أضرار كبيره في الأجهزة الطبية منها جهاز القسطرة الطبية وأيضا يسبب شرتا كهربائيا وإحراق اللمبات وأشياء كثيرة، مؤكداً على وجود نقص كبير في الأداء التشخيصي بسبب توقف وتعطل الأجهزة، حيث تصل إلى المستشفى حالات مرضية بحاجة الى الرنين المغناطيسي والتنفس الصناعي، ما يضطرهم الى نقلها لمستشفيات أخرى، وهنا تأتي المخاطر فربما يموت المريض في فترة التنقل من مستشفى إلى آخر بسبب عدم توفر الأجهزة، حد قول ابوطالب.
وأضاف رئيس هيئة مستشفى الثورة أن هناك أجهزة تحتاج الى صيانة من بعض الشركات التي تحتاج إلى الدفع نقدا من اجل الصيانة، ونحن لا نستطيع الدفع مباشرا بسبب ان موازنة هيئة مستشفى الثورة حيث كانت 14 مليار ريال والآن أصبحت في عام 2018 مليار وثمانمائة مليون، ناهيك عن خروج معظم الأجهزة الطبية عن العمل منها المناظير وجهاز الأشعة المقطعية الذي تجاوز عمره 12 سنة والأشعة السينية والأشعة التلفزيونية التي عمرها أكثر 15 سنة ولم تتغير، مبيناً أن البعض منها يحتاج إلى صيانة من وقت لآخر.
خروج 92 إلى 95 % من الأجهزة والمعدات الطبية عن الخدمة
إلى ذلك أكد الدكتور يوسف الحاضري – الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة العامة والسكان خروج ما بين 92 إلى 95 % من الأجهزة والمعدات الطبية في المستشفيات والمراكز الحكومية باليمن عن عمرها الافتراضي او تعطلها وذلك بحسب المسح الميداني الذي أجرته الوزارة حتى نهاية العام المنصرم 2018.
وأشار الدكتور الحاضري في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية” إلى كارثية الوضع الصحي في اليمن خاصة في ما يخص الأجهزة والمعدات الطبية وانعدام الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة، موضحاً أن كثيرا من المواطنين يفقدون حياتهم نتيجة العجز الكبير في الأجهزة والمعدات والمستلزمات والأدوية بالمستشفيات الحكومية وكذلك نتيجة لتسرب الكوادر من المستشفيات الحكومية نظرا لتأخر دفع الحوافز للعاملين ، بالإضافة الى العجز عن تغطية كل الكوادر بالحوافز الشهرية، وبحسب الحاضري ، يفقد كثير من الضحايا حياتهم في حين كان يمكن ان ننقذهم لو كانت هذه الأجهزة الطبية متوفرة.
ولفت ناطق الصحة إلى أن وزارته أعدت خطة الاحتياج من الأجهزة والمعدات الطبية بما يمكّن القطاع الصحي من تقديم الحد الادنى من الخدمات الصحية وقد تم تقديمها الى المنظمات الدولية، كما تم تقديم نسخة إلى الدكتور احمد المنظري مسئول منظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في زيارته الأخيرة لليمن، بالإضافة إلى تقديمها لبقية المنظمات الأممية والدولية العاملة في اليمن كاليونسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والصليب الاحمر وغيرها، موضحاً أن وزارة الصحة تنتظر حتى اللحظة استجابة فعلية لتلك الاحتياجات الضرورية أبرزها (التجهيزات الطبية – الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة – المحاليل المخبرية) كي تستطيع الوزارة تقديم خدماتها الصحية للمرضى والمحتاجين.