د. صلاح الدين منصور القباطي
معركة ضد عدو خفي
تشكل عدوى المستشفيات مصدر قلق كبير، ومهدداً لسلامة وصحة المرضى، وقد تكون موضعية أو جهازية، ومن الممكن أن تشمل أي جهاز من أجهزة الجسم، كما قد ترتبط بالأجهزة الطبية أو عمليات نقل الدم.
عدوى المستشفيات هي البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية التي تنتقل للمريض عقب دخوله المستشفى والتي من الممكن أن تؤدي إلى وفاته نتيجة انتشار البكتيريا الخبيثة بسبب عدم الالتزام بمعايير النظافة كغسل الأيدي وتعقيم المعدات الطبية من طرف أفراد الطاقم الطبي أو الإداري على حد سواء.
وتعد العناية المركزة، غرف العمليات الجراحية والولادة، أكثر الأقسام عرضة لانتشار العدوى بسبب ضعف الجهاز المناعي للمرضى الموجودين بهذه الأقسام.
أما مكافحة العدوى، فهي مصطلح يقصد به الوقاية من عدوى المستشفيات أو العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية، ووفق إحصائيات عالمية، فإن 12 – 18 % من المرضى يتعرضون لعدوى مرتبطة بالرعاية الصحية.
طبعاً هذه الإحصائيات في البلدان التي تطبق إجراءات صارمة وسياسات وبرامج مكافحة للعدوى قوية، أما في اليمن ومن خلال الملاحظة فإن 50 – 60 % من المرضى تقريباً يتعرضون للعدوى.
ورغم أن بعض المستشفيات لديها إدارة جودة وفيها وحدة لمكافحة العدوى، لكن خطر إصابة المرضى الزائرين لهذه المستشفيات لا يزال قائماً، ولا يمكن القضاء على العدوى بمجرد إعداد برامج وسياسات وخطط لمكافحتها، دون إجراءات سلامة ضبطية صارمة ومشددة.
كما أن عبء الأمراض المُعدية السارية بين العاملين في الرعاية الصحية مرتفع ـ إلى حد كبير ـ في هذا الإقليم، نتيجة ممارسات الرعاية الصحية غير المأمونة، على الرغم من أن نسبة كبيرة من حالات العدوى والوفيات التي تُعزا إلى العدوى المرتبطة بالمستشفيات يمكن الوقاية منها.
إن مكافحة العدوى هي معركة ضد عدو خفي وقوي وخبيث يفتك بأرواح المرضى، لهذا نحن بحاجة لجيش مكتمل الأركان بكل قطاعاته (إدارة وأطباء وتمريض ومختبرات وصيادلة)، لمواجهة هذا العدو، فالمعركة ليست مقتصرة على إدارة الجودة ومكافحة العدوى فقط، بل هذه الإدارة تشرف وتعد الدراسات والبرامج والإجراءات وتقوم بتدريب وتجهيز مقدمي الرعاية الصحية ومتابعة التنفيذ ورصد العدوى.
وكل قسم لديه مهمة معينة وهامة، فعلى سبيل المثال أخصائي الميكرو في قسم المختبر عليه التحري وتحديد نوع وجنس وأصل البكتيريا الخبيثة وموقع تواجدها، وبموجب هذه المعلومات يتم عمل خطة للتعامل و القضاء على هذه العدوى.
ومن الممكن أن تخترق العدوى جسد مريض وتنتقل منه لمريض آخر بسبب تقصير بسيط أو تهاون من أحد العاملين في الرعاية الصحية في العناية أو الرقود أو الطوارئ.
وأؤكد هنا، أنه لا يوجد برنامج مكافحة عدوى بشكل صحيح طالما لا يوجد في المستشفى قسم ميكرو وأخصائي ميكرو متمكن، وكذلك لا يوجد برنامج مكافحة عدوى بشكل صحيح وعملي إذا لم يكن لدى المستشفى برنامج إدارة المضادات الحيوية ومقاومة البكتيريا.
علينا أن نعي بأن مكافحة العدوى مسؤولية الجميع يبدأ من وزارة الصحة إلى أصغر عامل في أي مستشفى أو وحدة صحية.
ويجب أن تكون إدارات الجودة ومكافحة العدوى بالمستشفيات تتبع إدارياً وزارة الصحة وتكون لها صلاحيات وامتيازات حتى تستطيع إنجاز مهامها بالشكل الصحيح.
وأكرر التأكيد على عدم جدوى مكافحة العدوى بدون قسم ميكرو، وأخصائي ميكرو يفهم عمله جيداً في مختبر المستشفى، وهذا ليس مجرد رأي بل حقيقة.
• أمين عام نقابة الطب التشخيصي المختبري