المجلة الطبية

مواجهة الكوليرا .. التجاهل لن يهزم الوباء

-

مواجهة الكوليرا .. التجاهل لن يهزم الوباء

تقرير: معين النجري|

توفي الستيني صالح العنسي أثناء محاولة نقله من مستشفى يريم العام، 132كم جنوبي صنعاء، الى مستشفى معبر، بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير إثر اصابته بالكوليرا.

كان العنسي وهو من أهالي قرية سحمَّر _ بني مسلم، مرافقا لزوجته المصابة بالكوليرا والتي تتلقى العلاج في المستشفى، عندما بدأت علامات الإصابة تظهر عليه، لكن حالته تدهورت بشكل متسارع.

   

إقرأ أيضاً .. استشارية: الصداع منتشر بين الأطفال لهذه الأسباب

    

 وبحسب حديث عمار حيدر ، احد أبناء قرية سحمر، فقد توفي في نفس اليوم الأربعيني علي عبده حيدر جراء اصابته بالكوليرا، موضحا بان عدد الإصابات في القرية تجاوزت 35 إصابة معظمهم تم نقلهم بحالة اسعافية الى مستشفيات مدينة يريم.

وقال حيدر لـ المجلة الطبية “جميع المرضى تلقوا العلاج على حسابهم الخاص، وبسبب الوضع المالي لبعض الأهالي فقد كان المريض يحصل على الجرعة ويعود الى البيت لعدم قدرته على تحمل تكاليف الرقود” مشيرا الى انهم لم يحصلوا على أي دعم من أي جهة سواء رسمية او منظمات رغم المناشدات المتعددة.

وفي صنعاء أفاد أحد المستشفيات الخاصة بأن متوسط الحالات التي يستقبلها في اليوم 20 حالة جميعها تعاني من اسهال مائي وبعد اجراء الفحوصات اللازمة يتبين اصابتهم بالكوليرا، ويحصلون على التدخل الطبي الخاص بالوباء.

وفي أقصى الجنوب استقبل مستشفى الصداقة -مركز العزل في عدن خلال  24 ساعة 42 مصابا، حدث ذلك في 24 ابريل الماضي، وقالت مصادر طبية أن التحاليل بينت أن من بين الـ 42 مريضاً، كان هناك 28 حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا.

المستشفى نفسه أعلن أنه استقبل 7 حالات خلال ساعة واحدة جميعها في وضع صحي صعب نتيجة التأخر في المصول الى المستشفى والحصول على التدخل الطبي اللازم.

انتشرت الكوليرا في معظم المناطق اليمنية في ظل تراخي واضح من قبل الجهات المختصة وعدم جدية في مواجهة الوباء رغم الارتفاع المستمر لعدد الحالات والتحذيرات المتتالية التي تصدرها منظمات أممية.

     

انتشار سريع

خلال شهر واحد تجاوزت عدد حالات الإصابة بالكوليرا في المحافظات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء الـ 10 آلاف حالة توفيت منها العشرات وفقا لمسؤولة في الأمم المتحدة.

ونبهت مدير العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)؛ إيديم وسورنو، الى أن هذه المحافظات تشهد انتشاراً سريعاً وتفشياً واسع النطاق لحالات الاصابة بالكوليرا.

وقالت وسورنو، خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، مطلع ابريل: “منذ شهر مارس الماضي، شهدت هذه المناطق انتشاراً سريعاً لوباء الكوليرا، وحتى 7 أبريل الجاري، تم الإبلاغ عن أكثر من 11 ألف حالة مشتبه بها في هذه المناطق مع 75 حالة وفاة مرتبطة بها”.

حاولت المجلة الطبية التواصل مع المسؤولين عن الترصد الوبائي في وزارة الصحة بصنعاء لمعرفة حقيقة ومستوى انتشار الوباء، لكنهم لم يتجاوبون معنا، ربما اكتفى الجانب الرسمي في صنعاء برسائل توعوية بثتها على التلفونات شركة يمن موبايل، تحتوى على إرشادات حول كيفية التعامل في حال اصبت بإسهال مائي.

      

تحذيرات متتالية

جددت الأمم المتحدة تحذيرها منتصف ابريل من انتشار وباء الكوليرا في جميع المحافظات اليمنية، بالتزامن مع تدهور الأوضاع الصحية في البلاد التي تشهد حرباً منذ ما يقارب 9 سنوات.

وحذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، من تفشّي الكوليرا في أنحاء اليمن، مشيراً إلى الحاجة الماسّة لتمويل عاجل وموسّع لإغاثة ملايين الأشخاص في هذا البلد.

وفي سياق متصل حذّر غريفيث أيضاً، في بيان مقتضب على منصة «إكس»، من تفاقم سوء التغذية، وانعدام الأمن الغذائي في اليمن مع اقتراب موسم الجفاف.

مدير العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)؛ إيديم وسورنو.

مدير العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)؛ إيديم وسورنو.

وكانت مدير العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)؛ إيديم وسورنو قد طالبت أثناء تقديم إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، بضرورة توفير التمويل والإمدادات الحيوية اللازمة لمواجهة التفشي المتسارع لحالات الإصابة بالكوليرا.

     

قد يهمك .. “قلق بالغ” لانعدام الأمن الغذائي في 5 دول بينها اليمن

     

وقالت وسورنو: “منذ أكتوبر الماضي، شهدنا عودة مثيرة للقلق للمرض في جميع أنحاء اليمن، وبينما نعمل مع شركائنا في المجال الإنساني لتوسيع نطاق الاستجابة، إلا أن مخزونات الطوارئ من الإمدادات الأساسية قد استنفدت تقريباً، وهو ما يستدعي تدخل من قبل المجتمع الدولي والجهات المانحة لدعم جهودنا في مواجهة الوباء.

      

توعية ضعيفة

الانتشار المتسارع للوباء احدث نوع من القلق عند الأهالي خاصة في ظل غياب التدخلات المناسبة سواء من قبل الجهات الرسمية المختصة او المنظمات الدولية ذات العلاقة.

هذا الوضع دفع بناشطين لتبني مبادرات توعوية حول كيفية الوقاية من وباء الكوليرا، حيث نفذ مجموعة من الناشطين والشباب “20 شابا وشابة” في محافظة أبين جنوب اليمن مبادرة توعوية تحت شعار “خيرنا لأهلنا .. معا لرفع الوعي المجتمعي” استهدفت عددا من المدارس الحكومية والأهلية في المنطقة لرفع الوعي المجتمعي من خلال التعريف بالمرض وطرق انتقاله وتفشيه وكيفية الوقاية منه والتعامل مع المصابين بهذا الوباء.

كما تشمل حملة التوعية تعريف الأهالي بكيفية إعداد محلول الإرواء لإعطائه المصاب كإجراء أولي قبل نقله للمشفى، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بضرورة الالتزام ببعض السلوكيات مثل عدم تناول الأطعمة المكشوفة والمياه الملوثة.

و قامت فرق التوعية بتوزيع البروشورات التوعوية والملصقات في شوارع مدينة زنجبار والتوعية المباشرة مع الأهالي.

لكن هذه المبادرة وغيرها من المبادرات المشابهة تظل مجرد اعمال بسيطة ولا تتناسب مع حجم الوباء ومساحة انتشاره، والذي يحتاج الى توجه عام للدولة والمنظمات الدولية ذات العلاقة والمبادرات المجتمعية، والى ان يتم ذلك ستظل المستشفيات تستقبل الحالات لتقدم لها الحد الأدنى من التدخل الطبي.

 

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

Exit mobile version