الطبية: عبدالملك الجرموزي
لا يقتصر تأثير جراحات التجميل على مجرد تعزيز المظهر الجمالي فقط، بل يمتد تأثيرها إلى زيادة الثقة بالنفس وتعزيز المهارات الاجتماعية وتحسين جودة الحياة، فضلاً عن تأثيرها الايجابي على الصحة العقلية.
ومن خلال هذه العمليات، يمكن للأشخاص الذين يعانون من مظاهر جسدية غير مرغوبة الحصول على مظهر يعكس شخصيتهم ويجعلهم يشعرون بالثقة والقوة.
هذا ما دفع رائد جراحة التجميل وزراعة الشعر في اليمن، الدكتور محمد الشرجبي لاختيار دراسة تخصص الجراحة التجميلية قبل نحو 25 عاماً، وفق ما أكده لـ”المجلة الطبية”’ في هذا الحوار تحدث عن أهم التحديات التي واجهها في هذا المجال، وكيف ساهم في تطوير خدمات التجميل وزراعة الشعر في اليمن، كما يُقدم نصائح قيّمة للمواطنين الراغبين في الخضوع لهذه العمليات.
يقول الدكتور الشرجبي: “أخترت جراحة التجميل بسبب رغبتي في مساعدة الذين يعانون من تشوهات خلقية أو إعاقة، ولأنها جراحة من أحدث التخصصات التي حدثت في ذلك الوقت”، لافتاً إلى أن “جراحة التجميل تحتاج مهارات فنية، كونها جراحة متقدمة ودقيقة جدا، وحالاتها كثيرة ومتنوعة”.
ويوضح أن ” هذا التأثير الإيجابي ينعكس على جميع جوانب الحياة، بدءاً من تحسين العلاقات الاجتماعية والمهنية، وحتى زيادة فرص العمل ورفع مستوى الأداء الوظيفي”، مبيناً “لقد شهدتُ حالات كثيرة جعلتني أشعر بالفخر، حيث ساهمت هذه العمليات في تغيير حياة المرضى للأفضل، وإعادة بناء ثقتهم بأنفسهم”.
ويضيف “إنها جراحة نفسية بامتياز، فهي تعالج الجوانب النفسية والوظيفية، وتُعيد السعادة للأفراد الذين يعانون من تشوهات أو فقدان وظائف أعضاء”، مؤكداً رضاه إلى حد كبير عما قدمه لمرضاه طيلة مسيرته المهنية.
وينصح الراغبين بإجراء عمليات تجميل أو زراعة شعر “اختيار طبيب متخصص وخبير في هذا المجال، واختيار مركز متخصص، والحصول على استشارة طبية شاملة قبل اتخاذ أي قرار، والالتزام بتعليمات الطبيب بدقة قبل وأثناء وبعد العملية”.
وينبه إلى أنه من “المهم أيضاً مناقشة المخاطر والمضاعفات المحتملة مع الطبيب، والحصول على الدعم النفسي والعائلي، وأن يتحلى المريض بالصبر، لأن نتائج عمليات التجميل غالباً ما تظهر بعد ثلاثة إلى أربعة أشهر أو ثمانية أِشهر لرؤية نتائج جيدة، وتستمر النتائج لأكثر من عام”.
ويوصي أخصائي الجراحة التجميلية بـ”تقييم الحالة الصحية بدقة لتحديد مدى حاجة المريض للعملية، و تحديد الأهداف المرجوة منها تحسين الشكل، أو الوظيفة، أو كليهما”.
مشاركة مميزة
منتصف شهر ديسمبر الماضي، قدم الدكتور محمد الشرجبي، سلسلة من المحاضرات خلال مشاركته في المؤتمر العالمي الثالث عشر لجراحة الحروق والتجميل والسمنة المفرطة وزراعة الشعر، في العاصمة الروسية موسكو.
تزامنت هذه المشاركة مع احتفالية الجمعية الروسية لجراحة الحروق والتجميل وزراعة الشعر، بالذكرى الـ30 لإنشائها، وقد قدم الدكتور الشرجبي من خلال مشاركته الفاعلة في جلسات المؤتمر نموذجًا مشرفًا لليمن.
يقول الشرجبي بأن المحاضرات التي قدمها في المؤتمر” سلطت الضوء على أحدث التطورات والتقنيات في مجالات متعددة منها عمليات التجميل الجراحية وغير الجراحية، التي تشهد تطورًا ملحوظًا في تقديم نتائج طبيعية وآمنة، وعلاج السمنة المفرطة بطرق حديثة ومبتكرة تسهم في تحسين حياة المرضى، بالإضافة إلى زراعة الشعر باستخدام التقنيات الأكثر تطورًا عالميًا والتي تضمن نتائج متميزة وفعالة”.
وأعرب عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث العالمي مشيرًا إلى أهمية مثل هذه المؤتمرات في تبادل الخبرات ونقل المعرفة إلى المجتمع الطبي في اليمن والعالم العربي.
وأكد الدكتور الشرجبي- الذي يقدم خدمات الجراحة التجميلية وزراعة الشعر عبر مركز يعد الأول في اليمن في هذا المجال- أن مشاركاته في المؤتمرات والفعاليات الدولية تأتي ضمن جهوده المستمرة لرفع كفاءة القطاع الطبي وتعزيز مكانة اليمن على خارطة الطب الحديث، وتبادل الخبرات مع خبراء عالميين من أكثر من 42 دولة.
سر التميز
يؤكد الشرجبي أن مركزه الطبي، “يُعد الأول يمنياً في الجراحة التجميلية وزراعة الشعر” لـتوفيره أجهزة طبية بتقنيات علاجية تجميلية متطورة، وسعيه دائماً للحصول بالإضافة إلى التزامه بالمعايير العالمية، منوهاً بأن المركز يستخدم “أحدث تقنيات زراعة الشعر، منها تقنية الاقتطاف (FUE) وتقنية (Follicular Unit Extraction) والتي تتميز بدقتها العالية وتركها لآثار بسيطة جداً”.
ويضيف “كما نستخدم تقنية (DHI) التي تعتمد على إبر خاصة لزراعة الشعر، بالإضافة إلى تقنية البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) التي تعزز نمو الشعر وتزيد من فعالية الزراعة، حيث تتميز هذه التقنيات بدقتها العالية، وتقليل الألم، وسرعة التعافي، مع ضمان نتائج طبيعية وآمنة تدوم مدى الحياة”.
ويتابع “يُضاف إلى ذلك خبرة فريقنا الطبي التي تتجاوز العشر سنوات، ورعايتنا المخصصة لكل حالة، مع ضمان نتائجنا لمدة حياة كاملة بالإضافة إلى تقديم الدعم والمتابعة لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر بعد العملية”.
ويواصل “نتابع عن كثب أحدث التوجهات العالمية في هذا المجال، ونخطط لنقلها إلى اليمن وتطبيقها في مركزنا ومن بين هذه التوجهات: الجراحة الروبوتية، التي تتميز بدقتها العالية وسرعة التعافي؛ والطب التجميلي بالخلايا الجذعية، الذي يعزز التجديد الخلوي؛ وتقنيات الليزر الحديثة والطب التجميلي بالذكاء الاصطناعي والجراحة التجميلية ثلاثية الأبعاد. في مجال زراعة الشعر”.
مستقبل واعد
يرى الدكتور الشرجبي أن “مستقبل الطب التجميلي في اليمن واعد”، لكنه يلفت إلى” أننا في بداية الطريق ونحتاج إلى دعم الدولة وتشجيعها”.
ويكشف بأنه يعمل على” تأسيس مركز متخصص في جراحة التجميل وزراعة الشعر في اليمن، لتدريب فريق طبي على أحدث التقنيات، واستضافة مؤتمرات عالمية، فضلاً عن تبادل الخبرات مع مراكز طبية دولية، لتطوير خدمات الطب التجميلي في بلادنا. “.
ولأن الطب التجميلي في اليمن لا يزال يعاني من قلة المتخصصين ونقص البنية التحتية، ومحدودية البرامج التدريبية، ونقص الوعي الصحي، لذلك يشير الدكتور الشرجبي إلى الحاجة الملحة إلى” الاعتماد الدولي للمراكز والمدربين، وتنمية الوعي، وإنشاء مراكز متخصصة، وتوفير فرص للتعاون مع مراكز طبية دولية، والحصول على شهادات اعتماد دولية، وعضوية الجمعيات العالمية، وتوعية المواطنين بأهمية الطب التجميلي”.
تحديات وصعوبات
يتحدث الدكتور الشرجبي لـ”الطبية” عن التحديات التي واجهته في بداياته قائلا: “واجهت العديد من التحديات، خاصة في اليمن، كان من الصعب العثور على أطباء متخصصين للعمل معهم وتبادل الخبرات، كما أن البنية التحتية لم تكن متوفرة بشكل كافٍ، فمركز الحروق، على سبيل المثال، كان يركز على الإسعافات الأولية للحروق ولم يكن مؤهلاً لعلاج الحالات المتقدمة”.
ويتابع “كما واجهت صعوبة في إيجاد فرص تدريب وتطوير متقدمة في مجال الجراحة التجميلية، ولكني تغلبت على هذه التحديات من خلال التدريب المستمر، والمشاركة في المؤتمرات والدورات، والتعاون الدولي مع زملاء وأساتذة من روسيا، وبيلاروسيا، ودول أخرى، إلى أن استثمرت في إنشاء مركز استشاري، والعمل في أكثر من مستشفى، وابتكار طرق جديدة في زراعة الشعر وتجميل الأنف”.
تحول إيجابي
يُبدي الدكتور الشرجبي رضاه عن النظرة المجتمعية لجراحة التجميل في اليمن ” هناك تحول إيجابي ملحوظ في النظرة المجتمعية لجراحة التجميل في اليمن، لم تعد هذه العمليات ينظر إليها على أنها رفاهية، بل أصبحت تُعتبر ضرورية في حالات تشوهات الحروق والإصابات، بالإضافة إلى العمليات التجميلية التحسينية”.
ويقول بأن هذا التغيير “ساهم إلى جانب زيادة الوعي بفوائدها، في ازدياد الإقبال على هذه الخدمات.. كما أن الثقة المتزايدة بالكوادر الطبية اليمنية، وتطور مستوى الخدمات المقدمة، ساهمت في تقليل سفر المرضى للخارج للعلاج، خاصة في ظل الظروف الراهنة”.
ويشدد على أهمية التوعية الصحية بالجراحة التجميلية ” يجب توعية المجتمع بأهمية الاستشارة الطبية الشاملة قبل الخضوع لأي عملية تجميلية، وذلك لفهم الفوائد والمضاعفات والمخاطر المحتملة”.
لافتاً إلى أنه ” يجب أن تشمل حملات التوعية وسائل الإعلام المختلفة (التلفزيون، الراديو، الصحف، الإنترنت)، بالإضافة إلى تنظيم ندوات ومؤتمرات تقدم معلومات دقيقة من أخصائيين مؤهلين”.
ويوصي على ضرورة “اختيار الطبيب المناسب ذي الخبرة والكفاءة، لتجنب المضاعفات الخطيرة، وحتى الوفيات التي قد تحدث أحياناً نتيجة اللجوء إلى ممارسين غير مؤهلين”.