– مستشفيات اعترفت بالنقص في تجهيزاتها وعدم الالتزام في المعايير وأخرى تصرخ “القرارات ظالمة”
– الوزارة لن تتراجع ما لم يتم الالتزام بالشروط
هاني أحمد علي:
تصوير: حمدون الوشاح
“قرار ظالم أوقع الضرر بنا ويعرضنا لخسائر مادية فادحة تتجاوز الـ300 الف ريال بشكل يومي “
هكذا وصف الدكتور عبدالصمد الجيلاني – مدير مستشفى سعوان التخصصي، بمديرية شعوب أمانة العاصمة، قرار إغلاق المستشفى الخاص به بصورة نهائية ضمن قرار وزير الصحة الشهر المنصرم بإغلاق 5 مستشفيات خاصة بشكل كامل وإغلاق غرف العمليات والعناية المركزة في 25 مستشفى وإعطاءهم مهلة 3 أشهر لتصحيح أوضاعهم.
واضاف “لقد تسبب هذا الاجراء في في قطع أرزاق ما يقارب 38 موظفاً من الكادر الطبي والتمريضي والإداريين يعملون لدينا” وخسائر اخرى لها علاقة بالتزامات المستشفيات كالايجارات وغيرها من المصاريف التشغيلية، لكن هل هذا كافي ليتم السماح بعدم الالتزام بالمعايير التي وضعتها وزارة الصحة؟
قرار غير منصف
يعتقد الدكتور الجيلاني أن قرار إغلاق مستشفى سعوان بشكل نهائي لم يكن منصفاً فلجنة التقييم التابعة لوزارة الصحة نزلت إلى المستشفى في شهر فبراير المنصرم ولم تجد المدير العام آنذاك الدكتور نور الدين العمري،حد قوله، وحين تواصلت اللجنة بالعمري أخبرهم بأنه سيكتفي بالتقييمات السابقة، الأمر الذي دفع اللجنة المكلفة بالنزول إلى رفع تقرير بإغلاق المستشفى دون إجراء أي زيارة داخل الأقسام.
“كان من المفترض تحويل المستشفى إلى مركز أو إلى مستوصف أو أي شيء آخر بدلاً من إغلاقه بقفل من وزارة الصحة” موضحاً أن تقرير لجنة التقييم تضمن وجود العديد من المخالفات في المركز منها عدم وجود مكينة تخدير وجهازي قياس الضغط والسكر، بالرغم من إجراء عمليات الولادة والقيصرية بشكل يومي.
ودعا الدكتور الجيلاني وزارة الصحة بإعادة النظر في قرار إغلاق المستشفى وسرعة فتحه، لافتاً إلى تغريمه مبلغ مليون ريال كمخالفة باطلة تدفع للوزارة، مهدداً بالاعتصام المفتوح ونصب الخيام أمام وزارة الصحة في حالم لم يكن هناك أي تجاوب معه.
ترحيب رغم الامتعاض
على العكس من ذلك رحب الدكتور محمد العماد – مالك مستشفى مجلي بمديرية بني الحارث أمانة العاصمة، بقرار وزير الصحة الذي تضمن إغلاق المستشفى بشكل كامل، مستدركا “رغم الظلم والجور الذي لحق به وبأكثر من 40 موظف بالمستشفى يعولون أسر وأطفال.”
وأضاف الدكتور العماد في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية” بأنه من غير المعقول أن تسمح الوزارة بتأثر منشأة صحية كاملة تعمل في منطقة نائية مأهولة بالسكان منذ أكثر من 15 عاماً، مبيناً أن لجنة التقييم المكلفة من الوزارة نزلت إلى المستشفي قبل أشهر وأعطته استمارة خاصة بالمعايير من أجل التوقيع عليها لكنها لم تخبره بأي تعليمات أو ملاحظات كان من الممكن الالتزام بها وتجنب الإغلاق الكلي.
ولفت مدير مستشفى مجلي إلى انهم يعملون الآن من اجل استيفاء الشروط المطلوبة من ضمنها استكمال ما يقارب 95% من التجهيزات المطلوبة داخل المستشفى بدءا من توسيع غرفة العمليات والعناية المركزة وانتهاء بتوفير الحضانات والإمكانيات المطلوبة في الطوارئ، معبراً عن ثقته بعدالة وزير الصحة الدكتور طه المتوكل في إعادة النظر بالقرار ورفع الضرر عنهم مع التزامهم بكل المعايير المطلوبة.
دون إشعار مسبق
ندد الدكتور وهبان الضبيبي – مالك مستشفى أطباء القاهرة بإغلاق غرفة العمليات وقسم العناية المركزة بالمستشفى دون أي إنذار أو إشعار مسبق، نافياً نزول أي لجنة تقييم من وزارة الصحة إلى المستشفى قبل صدور قرار الوزير.
ولفت مالك أطباء القاهرة إلى التجهيزات الكاملة التي يتمتع بها المستشفى البالغ تكلفته حوالي 3 ملايين دولار وتوفر المعايير المطلوبة المطابقة للجودة والمقاييس سواء من ناحية العمليات أو العناية أو المصعد أو غيرها، مبيناً أن لجنة التأثيث التابعة لمكتب الصحة بأمانة العاصمة نزلت قبل أشهر لمعاينة المنشأة بمعية مدير مكتب الصحة بمديرية بني الحارث، وقد رفعت تقريرا باكتمال كافة التجهيزات المطلوبة وحصل بموجب ذلك على تصريح التشغيل.
وأوضح الضبيبي في حديثه لـ”المجلة الطبية” أن لجنة وزارة الصحة نزلت إلى المستشفى لإغلاق غرفة العمليات بعد قرار الوزير وتفاجأوا عند النزول بالإمكانيات الموجودة واستغربوا ،بحسب كلامه، من قرار الإغلاق وطلبوا منه مراجعة الوزارة، داعياً إلى نزول لجنة التقييم للمستشفى الخاص به وتحديد ما إذا كان القرار صائباً أو ظالماً، مبيناً أن القرار جاء متزامناً مع إرسال الإدارة دعوة لمعالي الوزير من أجل زيارة المستشفى وافتتاحه رسمياً.
وطالب الدكتور وهبان مقابلة الدكتور طه المتوكل وزير الصحة، وبعدها لا يمانع بأي إجراء يتخذه ضد المستشفى أو أن تطاله العصا الغليظة لمعاليه.
خطوات فعلية لتصحيح الوضع
“غرفة العمليات مغلق حالياً لأجراء أعمال الصيانة والإصلاحات” .. بهذا العبارة يستقبل مستشفى القاهرة التخصصي بمديرية معين أمانة العاصمة، زواره عند بوابة الدخول ليعلم الجميع أنه يجري ورشة عمل حقيقة لإخراج اسمه من قائمة العمليات المغلقة بقرار وزير الصحة وإعادة فتحها من جديد، حيث طافت “المجلة الطبية” خلال زيارتها بأقسام ودهاليز المستشفى والوقوف أمام أعمال الطلاء والترميم والتأثيث والتجهيزات والاستحداثات القائمة داخل غرفة العمليات العناية المركزة.
وفي حديثه لـ”المجلة الطبية” أكد الأستاذ علي المفلحي – مدير ومالك مستشفى القاهرة بالعاصمة، التزامه الكامل بقرار وزير الصحة المتمثل بإغلاق غرفة العمليات والعناية، والشروع في الوقت ذاته بعمل كل ما يلزم من أجل تصحيح الوضع ومواكبة المعايير المطلوبة والجودة والمقاييس ايماناً منه بأهمية تقديم خدمة صحية راقية للمجتمع.
وأشار المفلحي إلى الاستجابة السريعة لتوجيهات معالي وزير الصحة ومكتب الصحة بأمانة العاصمة بشأن المعايير، مبيناً أن مستشفى القاهرة الذي يقدم خدماته للمرضى منذ عقود قد بدأ الخطوات الفعلية لعمل الاصلاحات وكل ما يلزم من أجل إعادة فتح غرفة العمليات والعناية من جديد وتقديم الخدمات مرة أخرى.
مقارنة المستشفيات الخاصة بالحكومية
وفي الوقت الذي صدر فيه قرار وزير الصحة بشأن إغلاق غرف العمليات والعناية بـ25 مستشفى خاص بالعاصمة من بينها مستشفى تونس بمديرية التحرير، كانت مذكرة أخرى قد صدرت من الوزارة ذاتها وللمستشفى عينه بإجراء عملية جراحية لاستئصال اللوزتين لأحد المرضى مجاناً، هو ما دفع الإدارة لمخاطبة الوزارة بشأن إغلاق غرفة العمليات والتي بدورها طلبت إجراء هذه العملية ومن ثم يعاد الإغلاق.
وخلال الزيارة الميدانية للمجلة الطبية لاستطلاع آراء تلك المستشفيات بشأن القرارات الصادرة بحقهم من وزارة الصحة، أوضح الدكتور محمد المدومي – طبيب عظام ونجل مالك مستشفى تونس، أن المستشفى يتمتع بإمكانيات كبيرة وهائلة مقارنة بالكثير من المستشفيات الموجودة، مبيناً أن المعايير التي حددتها لجنة التقييم والتفتيش خلال نزولها قبل أشهر موجودة منذ التأسيس، الأمر الذي دفعه إلى أخذ المحرر بجولة داخل المستشفى لمعرفة تلك الإمكانيات ابتداء من المصعد وقسم الطوارئ والأجهزة الطبية بداخله من أجهزة الإنعاش وشفط السوائل، مروراً بموقف السيارات وانتهاء بغرفة العمليات التي كانت تجرى فيها أعمال الترميم بصورة مستمرة وقبل وصول لجنة التقييم.
ولفت الدكتور المدومي إلى أنه من غير المعقول أن يتم مقارنة مستشفى خاص بمستشفى حكومي من حيث الإمكانات والتجهيزات، مشيرا إلى وجود أطباء أورام وتخصصات أخرى يتم استدعاؤهم حال الضرورة فيما الوزارة تطلب شروطاً تعجيزية من ضمنها وجود هؤلاء الأطباء بشكل مستمر في المستشفى وإنشاء وحدة غسيل دموي، داعياً وزير الصحة وكل المسئولين إلى إعادة النظر في قرار إغلاق غرفة العمليات مع التزامهم في الوقت نفسه بكل اللوائح والأنظمة والقوانين المحددة لسير العمل في المستشفيات الخاصة.
عدم التعامل مع لجان التقييم بجدية
بالمقابل اكد الدكتور مطهر المروني – مدير عام مكتب الصحة بأمانة العاصمة، أن قرارات وزير الصحة بإغلاق عدد من المستشفيات الخاصة وغرف العمليات في أخرى، كانت صائبة ولا يوجد فيها أي ظلم أو جور بحق أحد، وإنما تهدف إلى تقديم خدمات صحية راقية للمجتمع .
وأشار الدكتور المروني في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية” أن المعايير التي وضعتها وزارة الصحة قبل 6 أشهر ورافقها زيارة ميدانية للجنة التقييم والتفتيش للمستشفيات، مكونة من 8 أطباء مؤهلين وكفاءات من مختلف التخصصات الطبية بمشاركة فريق من اتحاد المستشفيات الخاصة، وقد أعطيت خلال الزيارة نسخه من تلك المعايير واستمارات حول ذلك وقع عليها جميع ملاك المستشفيات بالعاصمة، موضحاً أن الكثير من تلك المستشفيات تفاجأت بالقرارات الصادرة لأنها لم تتعامل بجدية مع لجنة التقييم والمعايير المطلوبة التي قسمت المستشفيات الخاصة إلى ثلاث فئات، بالرغم من إعطائهم فرصة كافية لتصحيح أوضاعهم بلغت 6 أشهر.
ودعا مدير مكتب الصحة بأمانة العاصمة جميع المستشفيات الخاصة بتصحيح أوضاعها والالتزام بالمعايير والقرارات القانونية، مؤكداً استعداد المكتب إعادة فتح أي مستشفى أو غرفة عمليات شملها قرار وزير الصحة في حال اكتملت التجهيزات المطلوبة حتى وإن كان ذلك قبل انتهاء المهلة الممنوحة لهم 3 أشهر، والذي بموجب ذلك سيتم تعليق قرار الإغلاق لأي مستشفى التزم بالمعايير والجودة.