هل مزيلات العرق تسبب السرطان؟
المجلة الطبية:
يشاع بين الناس بين الحين والآخر عن علاقة منتج نستخدمه في حياتنا بالسرطان، وذلك إما عن طريق السوشيال ميديا أو الأخبار أو المحادثات بين الناس، ولكن بالرجوع إلى المصادر العلمية الموثوقة نجد أن الحقيقة شيء آخر.
فاستخدام كلمة مسرطن تحتاج إلى الكثير من الدراسات والبحوث حتى تضعها مؤسسة الغذاء والدواء العالمية المعروفة بـ FDA ضمن القائمة السوداء.
من الجدير بالذكر أن استخدام المواد التجميلية للنساء كان منذ عصر الفراعنة أي ٣٥٠٠ ق.م، وكانوا يخلطون العديد من المستخلصات للحصول على مادة معطرة ومع التطور الكبير في مجال الصناعات دخلت العديد من المواد الكيميائية إلى مواد التجميل وتمت عليها العديد من الدراسات لتكون ضمن المواصفات والمقاييس، ولا ننكر أنه قد تحصل مخالفات في استخدام المواد، لكن العقوبات تكون صارمة في بعض الدول مثل أمريكا وأوروبا.
من المنتجات التي حصل عليها ضجة إعلامية كبيرة بأنها سبب في سرطان الثدي هي أملاح الألمنيوم الموجودة في مزيلات العرق.
بداية القصة لسؤال هل مزيلات العرق تسبب السرطان؟
بدأت القصة في بحث نشر في بداية الألفية يقرر فيها أن سبب الإصابة بسرطان الثدي هي أملاح الألمنيوم الموجودة في مزيلات العرق، ولأن استخدامها يتم في المنطقة تحت الإبط القريبة من الثدي، وذلك من خلال تجربة تمت على خلايا زرعت في طبق مختبر ووضعت تحت تأثير أملاح الألمنيوم وبتركيزات عالية، مما أدى إلى تحطم المادة الوراثية الموجودة في الخلية، وبالتالي تم إقرار علاقة ذلك بسرطان الثدي، وانتشرت هذه النتيجة بين الناس بشكل غير دقيق.
ضعف نتيجة هذا البحث وما تبعه من أبحاث مشابه من معاملة الخلايا بشكل مباشر بمواد عالية السُمية مثل أملاح الألمنيوم من خلال تجربة تمت على خلايا خارج الجسم، وأنها تؤدي إلي نشوء الأورام، فهذا غير دقيق علمياً، لأن فسيولوجيا الخلايا داخل طبق المختبر تختلف كلياً عن تعاملها مع المواد داخل الجسم، وفعلياً مثل هذه التجارب هي الدرجة الأولى في البحث، يتعلق بفهم ميكانيكية عمل دواء معين يليها العمل على الحيوانات وخطوات كثيرة أخرى، فأنت ببساطة لو وضعت على خلايا المختبر عليها مركزة من البهارات، فإنها ستصاب بالاختلالات خلقية تشبه تلك التي أصابتها من أملاح الألمنيوم.
تفاقم الجدل الذي حصل عن حول أملاح الألمنيوم المستخدمة كمضادات تعرق بأنه يتم امتصاصها في الجسم وتدخل إلى مجرى الدم مما يسبب تلف الخلايا ومن ثم نشوء الأورام، وهذا علمياً غير صحيح، حيث إن وظيفة أملاح الألمنيوم هي التفاعل مع السائل الموجود في مسامات التعرق تحت الإبط، مما يؤدي إلى تكوين سدادة جزئية للتقليل من عملية التعرق، وبالتالي التخفيف من الرائحة.
وكذلك ربط البعض أن مضادات التعرق مُسرطنة من خلال النصائح التي تعطيها المراكز الصحية للمرأة بعدم استخدام مزيلات تعرق عند الفحص بالأشعة، ولكن الحقيقة ليس أنها خطر على الصحة، بل لأنها تعيق إظهار الصورة بشكل واضح ودقيق، ولذلك ينصح بعدم استخدام أي نوع من مضادات التعرق أو المعطرات.
العديد من الدراسات الاستقصائية الإحصائية التي تدرس فرضية معينة على عينة كبيرة من الناس أنهت الجدل الحاصل على سرطانية أملاح الألمنيوم وهل مزيلات العرق تسبب السرطان؟، وقد نشرت على مجلة أوكسفورد عام ٢٠٠٢ دراسة فرضية أن مزيل العرق سبب في سرطان الثدي وتمت على عينة كبيرة من المرضى المصابين بسرطان الثدي وغير المصابين، وبين من يستخدم مزيلات عرق وغير مستخدمة للمزيلات، وكانت النتيجة أنه لا توجد أي علاقة بين مزيلات العرق والإصابة بالسرطان وتلتها العديد من الدراسات التحليلية التي قامت بفلترة الدراسات، وانتهت جميعها بأنه لا توجد علاقة بين مزيلات العرق والسرطان، وهذا ما أقرته كذلك منظمة سرطان الثدي الدولية ومنظمة السرطان العالمية وهيئة الصحة العالمية.
ومن الجدير بالذكر أن العديد يروج لاستخدام حجر الشبه كبديل عن مزيلات العرق المحتوية على أملاح الألمنيوم، ولكن حجر الشبه ذاته يحتوي على كمية مركزة من أملاح الألمنيوم والبوتاسيوم والصوديوم، وكان يستخدم منذ القدم في معالجة الجروح وكمضادات للتعرق.
وأخيراً هل ممكن لمسبب واحد أن يكون سبباً لسرطان الثدي تحديداً، فلا بد أن أشير إلى أن سرطان الثدي له عدة أسباب منها: الوراثة وخصوصاً إذا تواجدت إصابات في العائلة، وكذلك يتربع التدخين على أهم أسباب الإصابة وتليه العادات الغذائية السيئة التي تؤدي إلى البدانة واختلالات هرمونية تتسبب في حدوث العديد من المشاكل في جسم الإنسان، مثل أمراض القلب والشرايين والجهاز الهضمي، وأخيراً استخدام حبوب الحمل لفترات زمنية طويلة. لذلك حماية أنفسنا من السرطان لا بد أن تترافق بالابتعاد عن جميع ما ذكر سابقاً ومحاولة اتخاذ منهج حياة صحي متكامل، فأن تكوني مدخنة وتستخدمي مزيل عرق وتصابي بالسرطان فالسبب بالتأكيد هو التدخين وليس مزيل العرق.
لذلك لا بد من ربط الأسباب بطريقة منطقية وعلمية واللجوء إلى أهل العلم.
المصدر : https://alttebiah.net/?p=3707