يجب أن تسن قوانينك في هذه الليلة.. دستورك.. خطوطك الحمراء.. منها لا تسأل كيف قضيت يومك..؟ أو أين أنت ذاهب ومتى ستعود..؟
ولا تتهاون في طرح لوائحك في العيش بنبرة صوت شديدة ومصطلحات حازمة.. ولا تنسَ أن تحسم المعركة لصالحك خلال عشر دقائق.
ذلك جزء بسيط مما همس لي به الأصدقاء والأهل المتمسكون بعادات بائدة وتقاليد مغلوطة.. قبل زواجي بأيام ، كأي عريس يتلقى كماً هائلاً من تلك المحاضرات التي تؤسس لحياة مليئة بالمرض والتعاسة.
وعلى الجانب الآخر يهمس لي فريق مختلف ممن عرفوا القيمة الحقيقية للمرأة عن أهمية الرعاية الصحية للزوجة في اللقاء الأول.
الفريق الأول لم يدرك دور التغذية المعنوية والنفسية من الرجل للمرأة في الليلة الأولى.. لفتاة انتقلت من منزلها إلى منزل لم تعش فيه من قبل إلى جوار رجل لم تتحدث معه من قبل، و أجواء لم تعشها من قبل وإلى محيط مختلف عن محيطها المعتاد.
ويبقى ثمة صراع داخل الرجل بين نصائح الفريقين لما قبل الزواج.. ولا يحسم الصراع إلا مدى ثقافة الرجل أو قوة تأثير أحد الفريقين في حال عدم وعي الرجل بدور المرأة.
ذلك جزء من كمية هائلة من عادات وتقاليد واهية لا تصلح علاقة الرجل بالمرأة ولا تجعل الحياة بينهما سعيدة.. إنما تلحق بحياتهما وبالأسرة جملة من الأضرار وتخلف حالة نفسية مزعجة تنعكس على صحة الزوجين وتنتقل إلى الأسرة والمجتمع.
يحدث هذا في مجتمعنا اليمني المحافظ، وأنا أختلف مع ذلك وستتفقون معي لو اطلعتم على قضايا وإحصائيات المباحث والنيابات، لأنكم ستعرفون أننا مجتمع نصنع الكذبة ونصدقها ونعيش أجواءها، وكل ذلك يحدث بسبب قصر الوعي لدى البعض منا عن أهمية مشاركة المرأة في بناء الوطن باعتبارها من أهم مكوناته الرئيسية.
“وراء كل رجل عظيم امرأة” لكن في مجتمعنا نادرا ما يسمح بوجود امرأة عظيمة سوى كانت أماً أو زوجة أو أختاً أو زميلة.
تناقضات المجتمع لا تزال قائمة ومؤثرة، و نظرتنا للمرأة قاصرة، فلا حقوق لها سوى في المطبخ أو تربية الأبناء، بينما الشعوب الأخرى ارتقت بالمرأة والرجل معا فنهضت اقتصاديا وتعليميا وثقافيا وغير ذلك.
هناك مثل آخر لا أعلم قائله لكن قاتله الله بما قال “زوج بنت الثمان وعليا الضمان” عبارة من خمس كلمات لا زالت تورث لمجتمعنا كوارث أسرية لا تحمد عقباها، حيث أن هذا المثل عملت وتعمل به أسر يمنية كقانون يحثهم على تزويج بناتهم وهن في عمر صغير وجسد واهٍ لا يقوى على تحمل الحياة الزوجية.. وغير مهيأ للانتقال من المدرسة والمرح وثمن الحلوى إلى ربة منزل وصاحبة مسئوليات وأم لأطفال.
لا تدرك الأسرة التي تقدم على تزويج بناتها الصغيرات خطورة هذه الخطوة/الجريمة صحيا ونفسيا على فلذات أكبادها، وما يترتب على ذلك بعدها من حمل مبكر قد ينهي حياة الفتاة.
إحصائية غير رسمية تقول أن 90 ٪ من النساء اليمنيات المصابات بالناسور الولادي،يطلقن من أزواجهن وينبذن من قبل أسرهن والذي يحدث نتيجة ولادة متعسرة وتكون أغلب ضحاياه من الفتيات صغيرات السن.
وبينما تحتفي الأسرة بضيفها الجديد تُهجر وتُعزل الأم، التي هي السبب الرئيسي في قدومه، وتحرم من ممارسة أبسط نشاطات الحياة والعيش.. في وقت يفترض بالزوج والأهل أن يساندوها ويقدموا لها الرعاية الصحية وسبل العلاج والتشافي وهي متاحة وبسيطة.
أمثلة وعادات مغلوطة لا زالت تضع فتياتنا في ظروف صحية حرجة وسيئة ترافقهن طيلة حياتهن وتنعكس تلك الظروف سلبا على الأسرة والمجتمع وتؤثر على مستقبل البلد بشكل عام.
لذا إذا أردنا أن نحقق ما عناه الشاعر وهو يصف الأم بمدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.. وإذا أردنا أيضا أن نحقق حلمنا في شعب راقٍ وصحي وواعٍ، يجب على كل فرد أن يراعي المرأة ويعاملها بما يليق بها كإنسانة لها مشاعر وحقوق أياً كان موقعها في الأسرة وأن يقدر ويحترم دورها في بناء المجتمع.