وسائل تنظيم الأسرة..
طرق آمنة لحماية الأم ورعاية الطفل
تقرير/ غيداء العديني
تعاني رجاء باعلوي 27عاماً في سبيل الحصول على أقراص منع الحمل، وتقول «لا أدري لماذا فجأة اختفت أقراص منع الحمل من الأسواق، وما الهدف من إخفائها”
ظلت رجاء وهي أم لطفلين تستخدم أقراص تنظيم الأسرة منذ زواجها قبل ست سنوات كلما أرادت تأجيل الحمل وبعد إنجابها طفلها الثاني «لؤي» عامين، تعاني في الحصول على الأقراص التي اعتادت على استخدامها بغرض المباعدة بين فترات الحمل.
وقالت رجاء «الشريط الذي كنت احصل عليه بـ 350 ريالاً اشتريه الآن بـ1500 ريال وبعد جهد وبحث في الكثير من الصيدليات»، مضيفة في حديثها لـ»المجلة الطبية» أن استخدام وسائل تنظيم الحمل وفر لها الوقت الكافي لتربية اطفالها بالشكل والإمكانات التي تريد، وساعدها في الحفاظ على عملها.
وتعاني ملايين النساء اليمنيات من تتابع الحمل والحمل المبكّر ما ينعكس على صحة الأم وفي حالات كثيرة قد تؤدي الى الوفاة وفقدان الأم او الأم والطفل حيث تشير الاحصائيات الصادرة من وزارة الصحة الى وفاة 500 أم حامل من كل 100 ألف ولادة حية، خلال العام الجاري 2019 بينما كانت بحسب مؤشرات وزارة الصحة التي اعتمدت على مسح دقيق «من منزل الى منزل» لعام 2013 « الى وفاة 148 أم من كل 100 ألف ولادة حية.
تقول بسمة ابراهيم في أواخر الثلاثينيات وأم لثلاثة اطفال «استخدمت الأقراص لمدة عامين وثمانية أشهر» وأضافت «وبعد ولادتي بطفلتي استخدمت إبرة لمدة ثلاثة أشهر، وإبرة أخرى لثلاثة أشهر أخرى، ثم عدت لاستخدام الأقراص لمدة عامين وأربعة أشهر، وبعدها ولدت طفلي الأخير، والآن أستخدم الأقراص منذ ثلاث سنوات.»
حماية للأم والطفل
ترى الدكتورة سميرة مثنّى -الأخصائيّة والاستشاريّة بالمستشفى التخصصيّ للأمومة الآمنة: ان «تنظيم الأسرة شيء مهم جداً، وهو يتضمّن عدّة أشياء منها تأخير الحمل وليس قطع النسل أو منع الحمل كما يظنّ الناس، وأيضاً يتضمَّن تقديم حمل جيد أو حتى علاج مشاكل، فنحن نحاول أخذ وقت كافٍ بين كل طفل وآخر، والغرض من هذا هو حماية الأم وأيضاً ليحصل الطفل على حقه من الرعاية والحماية.
وتضيف «نحن نساعد الأم في اختيار الطريقة المناسبة, ونقوم بتوعية كل مريضة تأتي إلى هنا ونشرح لها استخدام كل وسيلة وما هي أضرارها وسلبياتها وايجابياتها، لأنه يجب على كل مريضة أن تعرف عن كل وسيلة، وفي الغالب لا تعود إلينا باستمرار تشكو الألم أو أي عَرَضٍ ، المريضة المتفّهمة تساعدنا.»
«وسائل تنظيم الأسرة كثيرة وبعضها غير متوفر «.بحسب الدكتورة مثنّى، لكنّها تقول» أنّ الأغلب منها متوفر كالأدوية الهرمونية ولها عدة أنواع وأشكال ولكل منها استخداماته، وهناك الوسائل غير الهرمونية مثل اللولب».
وأردفت: «يأتي إلى مركز الصحة الإنجابية التابع للمستشفى الكثير من الحالات لأجل تنظيم الأسرة، فإذا كانت هناك 40 حالة أتت إلى المركز عموماً لأجل أي نوع من الفحوصات، يكون منها 20 حالة من أجل تنظيم الأسرة، وهناك وعي كبير بين النّساء، ، فحتى من لديها طفل واحد تقوم بعمل تنظيم للأسرة».
لقد زاد الإقبال على وسائل التنظيم لكنّها مع الأسف ليست متوفّرة، مع زيادة الطلب عليها ، وارتفاع أسعارها، فالذي كان يباع بمائة أو مائتين يُباع حالياً بألف ريال، وهذه مشكلة كبيرة للغاية.»حد قولها.
وشدّدت على ضرورة أن تُوفَّر مجاناً للنّساء كما كانت قبل الحرب. وتابعت: «أغلب الأنواع الجيّدة من أقراص منع الحمل اختفت من السوق، رغم أنّها كانت جيّدة جداً وبسعرٍ غالٍ, لكنّنا لم نعد نسأل عن هذه، حتى الأدوية المدعومة من المنظّمات لم تعد متوفّرة، وإذا توفّرت في بعض الصيدليّات المستغِّلة بألف ريال، وهذا فرق كبير.»
تأتي إلى مركز الصحة الإنجابية بالمستشفى التخصصي للأمومة الآمنة لطلب استخدام وسائل تنظيم الأسرة شهرياً ما يقارب المائة زوجة للأقراص، وما يقارب الخمسين للإبر, ومن 30 إلى 50 للغرسات، ومن100 إلى 150للولب، وما يقارب الـ 350 زوجاً للواقي الذكري.
احتكار وسوق سوداء
من جهته تحدّث الدكتور حزام الشميري- صيدلاني، أنّ هناك إقبالا كبيرا على وسائل تنظيم الأسرة من قبل الناس، لكن يوجد نقص فيها، مشيرا إلى أن الأقراص هي الأكثر طلباً، من الأنواع الأخرى كالإبر أو الغرسة ، مضيفا انهم لا يعرفون سبب انعدامها.
وقال ان هناك موانع للحمل مثل الأقراص واللوالب والإبر والغرسات والكندم الذكري والأنثوي وأيضاً التحاميل، وهناك طرق طبيعية كالعزل والجدول؛
ويضيف هناك نوعيان من أقراص منع الحمل ميكروجينون ثنائي وميكروسبت أحادي، الثنائي يتكون من مادتين ونعطيه للنساء غير المرضعات لمن لديها طفل عمره أكثر من عامين وتريد استخدام أقراص منع الحمل، والأحادي يتكون من مادة واحدة ونعطيه للمرضعات.»
واسترسل: «هناك شركات احتكرت الأدوية وتقوم ببيعها لأناس معينين، بمعنى أنه توجد سوق سوداء داخل الشركة، فتقوم بالبيع لتاجر التجزئة، ويبيع تاجر التجزئة لتاجر تجزئة آخر بدلاً من بيعها للصيدلي رأساً، ويصل سعرها أحياناً إلى 1400، مما أدى إلى تضارب وتفاوت في الأسعار من صيدلية لأخرى.»
التنظيم وليس المنع
من جانبه أشار الأستاذ نبيل صلاح -مدير إدارة المعلومات في الإدارة العامة للصحة الإنجابية بوزارة الصحة إلى أنّ «المفهوم السائد لدى المجتمع أن تنظيم الأسرة يهدف إلى منع الحمل بينما نحن في الوزارة لا ننادي بمنع الحمل، ومن المستحيل أن نقوم بهذا الأمر، لكن نحن نتّبع معايير من أجل الحالات التي تستدعي تنظيم الأسرة، وهذه المعايير تحدد مَن مِن النساء عليها استخدام الوسائل، وما هي أعمارهن، ولمدة كم يستلزم ذلك.
ونوه بأن هناك نساء تستدعي حالتهن استخدام تلك الوسائل، كالتي تعاني من أمراض في القلب أو أمراض مستعصية أو من يحدث معها تشّوهات في الأجنَّة، فالحمل المتواصل لها مضر على صحتها، وأمثال هؤلاء النّساء ما لم تستخدم وسائل تنظيم الأسرة فإن الأم قد تتعرّض للموت، إلى جانب أهمية المباعدة بين الولادات، فالله تعالى يقول «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين»، فقد تُستخدم الوسائل أيضاً للمباعدة لمدة عامين حتى يأخذ الطفل حقه من الرعاية.»
واضاف: نحن نحسب معدّل وفيّات الأمهات منذ بداية الحمل إلى 42 يوماً من الولادة، وعادة تحدث أغلب وفيّات الأمهات من دون سن الثامنة عشرة لأن المرأة في هذا العمر ليست مؤهلة للحمل، والحوض لديها لم يكتمل بعد، خاصة في الأرياف عندما تكون هناك حالة ولادة لا يستطيعون اسعافها في الوقت المناسب، فيحدث لها إما تمزُّق أو انفجار للرحم، وفي الغالب يؤدي إلى الوفاة، ، ولذلك فإنّ من أهم الأسباب الرئيسيّة للوفاة هي الحمل المبكِّر.»
ولفت الأستاذ صلاح إلى أنّ الأسواق كانت مكتظّة بجميع أنواع الوسائل والوزارة لا تعرف شيئاً، والآن تريد الوزارة إعادة ترتيب وتنظيم العملية، ويجب أن يتم هذا الأمر عن طريقها، هي من تقوم بجلب الوسائل والأدوية وهي من توزِّعها، وتعرف ما تم إحضاره وما تم صرفه وإلى أين ذهب.
في الطريق
واكد مدير ادارة المعلومات في وزارة الصحة ان مخازن الوزارة فارغة من وسائل تنظيم الاسرة نافيا ان تكون المرافق الصحية خالية منها تماما ، فبحسب صلاح وزعت الوزارة على المرافق الصحية في بداية العام، مستدركا «قد يكون هناك عجز في وسيلة معيّنة،» مشيرا الى تفاوت توفرها من محافظة الى أخرى.
وأرجع النقص في بعض هذه الوسائل الى الكثافة السكانية المرتفعة، بسبب الإقبال الكبير الذي يشكل ضغطاً، مؤكدا ان هناك كميّات من الوسائل في طريقها الى الوزارة.
المصدر : https://alttebiah.net/?p=4265