تقييم المختبرات.. هل سيقضي على الأخطاء التشخيصية والطبية؟!
mohammed alghobasi
-
تقييم المختبرات .. هل سيقضي على الأخطاء التشخيصية والطبية؟!
تقرير | غيداء العديني:
بعد الحملات التي نفَّذتها وزارة الصحة ومكاتبها طوال الفترة الماضية لتقييم المستشفيات والصيدليات وكوادرها, والتي نتج عنها إغلاق بعض تلك المنشآت الطبية وسحب التراخيص منها لعدم مطابقتها للمواصفات والمعايير, ستكون الوزارة في الأيام القادمة بصدد تنفيذ حملات جديدة لتقييم المختبرات والرقابة والتفتيش عليها في أمانة العاصمة.
وفي هذا الصدد أكَّد مدير عام مكتب الصحة بأمانة العاصمة الدكتور مطهر المروني “أنَّ من مهام وزارة الصحة ومكاتبها وفروعها في أمانة العاصمة هي إصدار التراخيص للمراكز والمختبرات والرقابة والتفتيش عليها, وتمَّ النزول إلى بعض المختبرات والمراكز وبالفعل وجدنا أنَّ هناك محاليل منتهيّة الصلاحية في البعض منها كحالات فردية وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم, وبالتأكيد هناك مختبرات كانت نتائجها جيدة جداً ومطابقة للمواصفات والمعايير.”
وأضاف الدكتور المروني في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية”: “وخلال أيام إن شاء الله ستكون هناك حملة للتقييم والرقابة والتفتيش على مراكز ومختبرات أمانة العاصمة, وهذه الحملة تهدف إلى تقييم المختبرات ومطابقتها للمواصفات والمعايير القانونية إلى جانب مؤهلات وتراخيص الكادر الفني والعاملين فيها, وستكون الحملة شاملة لجميع المختبرات والمراكز التشخيصية في الأمانة.”
فحوصات ونتائج دقيقة
من جانبها تقول الدكتورة أمة الرحمن الأصبحي – طبيبة مختبرات بمستشفى لبنان: “نحن نستخدم محاليل عالية الجودة عند إجراء الفحوصات وإذا كنَّا نشك بنتائج فحوصات معينة نقوم بعمل ضبط لها وحتى إن عملنا للجهاز ضبطاً ومعايرة وشككنا بنتيجة ما نرسلها للخارج, لنعرف إن كانت النتيجة في الداخل والخارج متطابقة أو مختلفة أو متقاربة بنسبة بسيطة أو بنسبة بعيدة, ونعرف أين يكمن الخطأ؛ هل في الجهاز أو في تحلُّل العيّنة, فأبسط تحلل للعيّنة يُظهر نتائج خاطئة ويتحمَّل حينها مسئولية الخطأ طبيب المختبر, فهو يرى العيّنة متحلِّلة ومع ذلك يفحصها, قد تحدث مثل هذه الأمور وخاصة عند إجراء فحص الكالسيوم مثلاً تكون أحياناً طريقة سحب العيّنة خاطئة.”
وأفادت الدكتورة الأصبحي في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية”: “أنا موظفة منذ عام2009 , وعملت في الألماني الحديث لثلاث سنوات وفي المستشفى الدولي ثلاث سنوات أيضاً وحالياً أعمل هنا منذ عام 2013, صحيح أنَّ المحاليل تصلنا من حضرموت ولكنَّنا نحرص قدر الإمكان على استخدام محاليل جيّدة, فإن كانت هناك محاليل منتهية الصلاحيّة أو لا يقرأها الجهاز نعيدها, ولم يحدث من قبل أن صادفتنا فحوصات خاطئة, فنحن لا نسلِّم النتائج إلا بعد التأكُّد منها, لأنَّ مستشفانا مختص بالقلب وأبسط خطأ قد يودي بحياة المريض.”
مقارنة المحاليل الجديدة بالقديمة
بدوره يشير الدكتور أحمد الأسد – طبيب مختبرات بالمستشفى الملكي، إلى أنَّه عند وجود محاليل جديدة تعمل بها تقارن بين النتائج بالمحاليل الجديدة والمحاليل القديمة, والفحص يختلف من مختبر إلى آخر باستخدام الوسائل أو المحاليل, فهناك مختبرات تسترخص استخدام محاليل ذات جودة عالية وتستخدم المحاليل العادية أو المهرَّبة أو غير مضبوطة أو منتهية الصلاحيَة أو التي تعرَّضت لسوء تخزين, وهذه تؤثِّر على النتائج وتكون غير دقيقة, خاصة إن لم تكن مخزَّنة أو محفوظة بشكل جيّد فإنَّها تتغيَّر, وبالتالي تكون نتائج الفحوصات خاطئة والتشخيص خاطئ والدواء خاطئ.
اختلاف أسعار الفحوصات
وأضاف الدكتور الأسد في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية”: من الصعوبات التي تواجهنا في المختبرات هي انعدام المحاليل أو عدم وجود سيولة لأنَّ الشاحنات موقَّفة في الجمارك أو لا يوجد لديك معدّات فحوصات, فنضطرّ لأن نجري الفحوصات في مختبر آخر حتى لا يتوقف فحص المريض, وتختلف أسعار الفحوصات من مختبر لآخر بسبب اختلاف المحلول المستخدم في الفحص وجودته, وأحياناً عند غلاء أسعارها يضطرّ المريض لإجراء بعضها وترك البعض الآخر وبحسب وضع المريض وبعد تشخيص الطبيب يقرَّر له الفحوصات المهمة منها لإجرائها.”
صعوبة في التوريد
في المقابل لفت مدير إدارة الأقسام التشخيصية بمجمع 48 الطبي النموذجي الدكتور محسن السعيدي إلى أنَّه بسبب الحرب والحصار ونظراً لصعوبة التوريد من الخارج وُجِدت فرصة للمهربين لأن يقوموا بتهريب أصناف من المحاليل تتبع وكلاء وشركات موجودة هنا, والوكيل يكون حريصاً على مراعاة وسائل السلامة والشركة تتابع الأمر, ويطلبون إرسال الـ “feedback” إليها, لتوضيح كيف تمت عملية الشحن ووصول البضاعة وكيفية التبريد, وإن كانت تعرَّضت لعوامل الطقس المختلفة, وهناك أجهزة تأتي وعليها علامة خضراء والتي تعني أنَّ البضاعة جيّدة, وإذا تغيَّرت العلامة للون الأحمر فهي لم تعد جيّدة وقد تعرَّضت لحرارة مرتفعة أو أي عامل آخر أفسدها.
بضاعة مهرَّبة
وبين الدكتور السعيدي في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية”: أن الشركات الكبيرة والمحترمة تهتم بهذا الأمر وتطلب من الوكيل بعد وصول الجهاز أو المحاليل للمكان المطلوب إرسال صورة لهذا المؤشر الذي يعبِّر عن طرق الشحن إن كانت سليمة أم لا, وإذا حدث أي خلل في الشحن يتغيِّر المؤشر لأنه حساس جداً, بعكس المهرِّب عندما يحاول أن يدخل بضاعة من نقطة معيَّنة يضطرّ أن يضعها لمدة يومين أو ثلاثة أيام في أي مكان, وتكون عُرضة للحرارة وسوء النقل والتخزين وأحياناً تتوقَّف في أماكن معيّنة وتظلُّ لفترة طويلة.”
وأضاف: “أعتقد أن المختبرات كلها تعاني من هذه المشكلة لكنَّنا نحرص على أن نأخذ أصنافا وأجهزة تابعة لشركات ووكلاء لهم سمعتهم حتى نستطيع أن نحاسب إن وُجِد أي خطأ, وفي مختبرنا عندما تأتينا محاليل غير مجرَّبة سابقاً نقوم بعمل ضبط لها لنختبرها بمحاليل سابقة تبقّى جزء منها ونقارنها بالجديدة, فإذا كانت جيّدة نعمل لها ضبطاً يومياً حتى نقيّم مدى فعاليتها, وإذا رأينا أنَّها رديئة نرفضها تماماً, وهذه معايير يجب الأخذ بها في كل المختبرات.”
البداية والنهاية
“إذا كان الطبيب صادقاً فإنِّه سيحرص على أن يتعامل مع مختبر ذات ثقة ونتائجه دقيقة, ويستبعد الجانب المادي حتى وإن كانت الكلفة أكثر, لأنَّ هناك من يشتري محاليل رخيصة من أردأ الأصناف في السوق حتى يقوم بخفض الكلفة للعميل, وعندما تكون المحاليل غير فعَّالة ستكون النتائج غير دقيقة وبناءً عليها سيصف الطبيب الدواء, وما دامت البداية خاطئة فالنهاية ستكون خاطئة.”
“هناك أجهزة خارجة عن الخدمة بسبب أنَّ وكلاءها تقاعسوا عن العمل أو أغلقوا الشركات لأسباب مختلفة ولم يقدروا على الاستمرار بعملهم, وبعض الأجهزة تعمل لفترة وتُعدم المحاليل الخاصة بها فترة من الوقت في الشركة الفلانية فتضطرّ لأن تعمل بالجهاز البديل. نحن لا نعتمد على جهاز واحد وهذا هو الصحيح, أن تعمل على أكثر من جهاز ومن عدَّة شركات مختلفة حتى إذا حدث أي تقاعس أو انتكاسة يكون لديك البديل, لأنَّنا في وضع يفرض علينا أن نكون على درجة عالية من اليقظة وأتمّ الاستعداد, ويجب على الجميع أيضاً فعل ذلك فهي مرحلة عمل وجد وتحدٍ.”