طبيب يمني في الصين يطلق حملته الخاصة لمكافحة فيروس كورونا الجديد
المجلة الطبية:
“قد صبرتم في البيت بضعة أيام، أعرف أن ذلك مملّ جدا، ولكن المختصين ينبهون ألا خروج من البيت هذه الأيام! طالما بالبيت طعام يكفي، فلن نخرج مطلقا…”
كلمات حملها مقطع فيديو مدته 15 ثانية سجله الطبيب اليمني عمار البعداني باللغات العربية والإنكليزية والصينية لتقديم الإرشادات الطبية المثالية، التي شملت ضرورة البقاء في البيت، لتوقي الإصابة بفيروس كورونا الجديد في الصين، وهو ما حظي بترحيب كبير ومشاركة واسعة من قبل الأجانب المقيمين في الصين والسلطات المحلية في المدينة الصينية التي يقطنها.
ويعيش البعداني منذ ما يربو على 20 عاما في الصين، التي قدم إليها أول مرة لدراسة الطب عام 1996، كما حصل على درجة الدكتوراه في الطب من جامعة تشجيانغ. ويعمل البعداني في مستشفى تشوتشو بمدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين منذ عام 2017.
و قال البعداني في تصريح له إنه ما برح يستقبل العديد من الاستفسارات، عبر الهاتف ومن خلال تطبيق ويتشات، بشأن كيفية تجنب الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد، مشيرا إلى أنه من بين السائلين طلبة وافدون في تشجيانغ وأيضا أجانب مقيمون في مقاطعة هوبي الأكثر تضررا بالوباء.
وبحلول نهاية يوم الاثنين، تم الإبلاغ عن 20438 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا الجديد في 31 منطقة على مستوى المقاطعة وفيلق شينجيانغ للإنتاج والتعمير في الصين، بينما توفي 425 شخصا بسبب الوباء، في حين خرج 632 مريضا من المستشفى بعد شفائهم.
وأوضح البعداني أن حياته اليومية تتركز على مكافحة الوباء رغم أنه لم يشارك في مهمة علاج المصابين بعدوى فيروس كورونا الجديد، لكنه أطلق حملته الخاصة من خلال عمله اليومي في العيادة الدولية في المستشفى، وأيضا عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
وفي معرض إشارته إلى أن هناك نحو 15 ألف أجنبي من حوالي 100 دولة ومنطقة يقيمون بشكل دائم في مدينة ييوو التي يعمل بها، أوضح البعداني أن كثيرا من الأسئلة كانت تتمثل في “هل عليّ أن أغادر أنا وأفراد أسرتي أم لا؟” و”أنا خائف هنا… لا توجد تجارة وتوقفت الدراسة…”.
ولفت البعداني إلى أن الخوف من الفيروس يأتي إلى حد كبير من الجهل، مضيفا أن عدم المعرفة وحاجز اللغة يعززان الخوف والقلق بالنسبة للأجانب المقيمين في الصين حيال تفشي الوباء، مضيفا “إن مهمتي تعريفهم بالوباء بشكل صحيح وتعليمهم الوسائل الصحيحة لحمايتهم ومنع العدوى وتخفيف ضغوطهم النفسية وتعزيز ثقتهم”.
ولاحظ البعداني التغيرات التي حصلت خلال الأيام الماضية، حيث كان السائلون خائفين ومتوترين للغاية اذا أصيبوا بالحمى أو الزكام، أما الآن فإن الضغط النفسي قد خف بشكل كبير تزامنا مع تعزيز معارفهم حول الفيروس وبقائهم داخل البيت وارتداء الأقنعة في الخارج.
وإلى جانب العمل في المستشفى والرد على الاستفسارات الهاتفية، يقوم البعداني بترجمة المعلومات الرسمية المهمة والتطورات الحديثة بشأن الوباء إلى اللغتين العربية والإنجليزية ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، كما يقدم إرشادات خاصة لبعض المحتاجين.
وقال البعداني “الثقة مهمة جدا، ولدي كامل الثقة بأن الصين ستتغلب على هذا الوباء”.
وأعرب البعداني أن ثقته بقدرة الصين على مكافحة فيروس كورونا الجديد يأتي بعضها من خبرته الذاتية في مكافحة سارس عام 2003 في الصين، حيث كان طالب ماجستير في جامعة تيانجين الطبية وطبيبا متدربا في إحدى المستشفيات بمدينة تيانجين شمالي الصين، وبقي في تيانجين ملتزما بالتدابير الوقائية اللازمة رغم أن عددا من الطلبة الأجانب عادوا إلى بلدانهم حينذاك.
وأشار البعداني إلى أن نسبة الوفيات لفيروس كورونا الجديد هي أقل بكثير عن سارس وبعض أنواع الإنفلونزا الأخرى، ما يعد عاملا ايجابيا يشجع على مكافحة الوباء ويعزز ثقة الجماهير ويحول دون الإفراط في الخوف.
وفي ظل الجهود الحثيثة للصين، أظهرت بيانات رسمية أن نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا الجديد لا تزال دون 2.1 بالمئة من عدد المصابين، بينما تجاوز عدد المتعافين عدد الوفيات منذ الأول من فبراير الجاري، وهو ما يعد رمزا مهما لإمكانية السيطرة على الوباء.
من جهة أخرى، لاحظ البعداني تزايد عدد الشائعات ذات الصلة بفيروس كورونا الجديد على شبكة الإنترنت، وخاصة في بعض مواقع التواصل الاجتماعي الأجنبية، بعضها بدون قصد وبعضها يعمل على تشويش الحقائق ويبالغ إزاء خطورة الوضع، ما جعله يؤمن بأهمية “محاربة هذه الشائعات”.
وقال البعداني إنه قام بكتابة منشورات حول الشائعة التي تقول إن البضائع المستوردة والطرود البريدية القادمة من الصين ستحمل الفيروس إليهم، حيث أوضح من زاوية علمية أن الفيروس لا يمكنه أن يعيش بدون عائل وعلى أسطح الأشياء أو الطرود لفترة طويلة، وبالتالي فلا صحة لاحتواء الطرود أو البضائع القادمة من الصين على الفيروس، مضيفا أنه نشر ذلك على حساب التواصل الاجتماعي الشخصي له وحصل على تأييد من قبل كثيرين.
وأكد البعداني بأن الصين تتمتع بخبرات وقدرات هائلة في مجال مواجهة الطوارئ الصحية العامة كهذا الوباء، آملا في أن يتفهم الناس حول العالم موقف الصين الحالي ويدعمونها لكي “نتخطى جميعا الوضع الراهن جنبا إلى جنب”.
وفي إطار مشاغله العديدة، يكاد البعداني ينسى أن اليوم الثلاثاء عيد ميلاده الـ42 والذي يصادف أيضا بدء موسم الربيع في التقويم الصيني التقليدي، حيث قال إنه سيحتفل مع أسرته في البيت وسيظل يتابع تطور الوباء ويقدم المساعدة للآخرين قدر استطاعته، معربا عن أمله في نجاح الحملة ضد هذا الفيروس ومتمنيا الصحة والسلامة للجميع مع استقبال فصل الربيع الجديد.
المصدر : https://alttebiah.net/?p=5259