الصناعة الدوائية اليمنية تحت قبة البرلمان
إذا أحسن الربان.. الدواء المحلي قارب نجاة
المجلة الطبية / تحقيق: وائل شرحة
الشهاري: اعتمدوا على الدواء اليمني فهو حسبكم
“ليس أمامنا وقت.. المصابون المعزولون بغرف العناية المركزة بمستشفيات اليمن الحكومية والخاصة على بعد دقائق من الموت”
تحدث أحمد الشهاري مدير عام شركة شفاكو للصناعات الدوائية- بقلق غير معهود مضيفا “يجب أن نعزز من تواجد الصناعة الوطنية الدوائية فالدواء شحيح.. والهيئة العليا للأدوية تخشى انتشار الأوبئة وارتفاع عدد المصابين” .
كان يوجه حديثه لفريق العمل في شركته أثناء اجتماع فني طارئ عقد لمناقشة انتشار فيروس انفلونزا الخنازير وضرورة عمل شيء لمحاصرة الوباء والقضاء عليه.
” لن ننتظر لما سيقدمه العالم لنا .. الأمر هنا مختلف وكل يوم سنتأخر فيه هناك مصابون يغادرون الحياة، يجب أن نعمل في كل ثانية مهما كانت التكلفة في ظل الضغوطات وضيق الوقت “.
يرفع الشهاري بيده مذكرة تحمل توقيع الدكتور محمد المداني رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بتاريخ 9 أكتوبر 2019 مخاطبا فيها شفاكو بسرعة توفير المواد الخام الأولية لتصنيع علاج أنفلونزا الخنازير والاستعداد لأي طارئ في حال ظهور الفيروس.
لحظة تاريخيةوثقتهاالمجلة الطبية
كانت موسيقى النشيد الوطني تصدح في تمام الساعة العاشرة صباحا من يوم الـ 13 من يناير الجاري 2020م.. بينما كانت أعين رئيسي مجلسي النواب والوزراء الشيخ يحيى الراعي والدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور وعدد من الوزراء بقاعة المؤتمرات بشركة شفاكو تنتظر الانجاز الجديد للصناعة المحلية ليأتي صوت نائب الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية الأستاذ أحمد الشهاري معلنا استكمال شفاكو إنتاج عقار “لا فلو” العلاج الخاص بفيروس H1N1 وتقديم 5 آلاف باكت مجاني لوزارة الصحة وانزال كمية للسوق الدوائية اليمنية خلال أيام.
ذلك الإعلان جاء في الفعالية التي نضمتها الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية والإتحاد اليمني لمنتجي الأدوية ـ في المقر الرئيسي لشركة شفاكوـ لتدشين برنامج التعاقد لتوريد الأدوية بين الصناعة الدوائية الوطنية ووزارة الصحة.
تم تصنيع الدواء بتوجيهات وزير الصحة الدكتور طه المتوكل لشركة شفاكو في خطاب رسمي رقم 272 بتاريخ 17/ ديسمبر 2019 مفاده” أن وزارة الصحة بحاجة عاجلة إلى 5 آلاف جرعة من دواء التاميفلو الخاص بأنفلونزا الخنازير وعلى المصنع سرعة تصنيع الصنف وتوريده خلال شهر.
يقول الشهاري لـ المجلة الطبية” لولا تنبه الدكتور المداني مبكراً ومخاطبتنا باستيراد المواد الأولية في وقت مبكر لما تمكنا من تصنيع الدواء خلال 25 يوماً، كما أن شفاكو سبق وأن انتجته عام 2009 ” لافتاً إلى أهمية توفير مخزون استراتيجي وطني من الأدوية الأساسية. مؤكدا أهمية ذلك “عدم توفر الأدوية يعني تفشي الأوبئة”.
ملهي: أنتجنا الدواء خلال 25 يوماً فقط
وأشارالدكتور عمرو ملهي لـ المجلة الطبية إلى أن الدواء يستخدم للفئات العمرية المختلفة فوق السنة من العمر، إلا أن Laflu متوفر حالياً بشكل الأقراص ويستخدم للبالغين فقط، مشددا على أهمية الإلتزام بالوصفة الطبية قبل استخدام العلاج. لافتاً إلى أنه كلما أستخدمه المريض في وقت أسرع بعد الإصابة، كلما كانت نسبة الاستفادة أكبر.
تضافر جهود
أدركت إدارة المجلة الطبية ـ متخصصة تصدر شهرياً وتوزع مجاناً على 3453 جهة طبية ـ أهمية الصناعة الدوائية الوطنية مطلع 2017م من خلال تحركات وجهود الدكتور محمد المداني رئيس الهيئة العليا للأدوية، نحو تحقيق الأمن الدوائي عبر تشجيع الصناعة الوطنية ورفع نسبة تغطيتها للسوق الدوائية.
المداني: الصناعة الدوائية دعامة للاقتصاد والأمن الدوائي
يؤكد الدكتور المداني أن الصناعة الدوائية اليمنية دعامة أساسية في تكوين البعد الاقتصادي الاستراتيجي لليمن، مبرراً ذلك بارتباطها المباشر في تأمين صحة المواطن.
يعتبر المداني في تصريح خاص لـ المجلة الطبية الحصار الذي فرض على اليمن ونتج عنه صعوبات في توفير الأدوية، دافعاً رئيسيا في إحداث أي تغيير نحو ضمان الأمن الدوائي الذي يعد إحدى ركائزه الصناعة الدوائية المحلية.
حماس الدكتور محمد المداني قابله بالمثل الدكتور طه المتوكل وزير الصحة العامة والسكان منذ تعيينه في 12 / مايو 2018م الذي عمل خلال فترة وجيزة على دعم الصناعات الوطنية الدوائية.
بدأت جهود الجهات الرسمية والاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية تخرج للنور في 26 / أكتوبر 2018، عندما أعلنت وزارة الصحة في فعالية رسمية أقامتها بمقرها بصنعاء لتدشين البرنامج الوطني لتطوير الصناعة الدوائية الوطنية.
الرافعة الرسمية
سبق تدشين هذا البرنامج خطوة تشجيعية من قبل الهيئة العليا للأدوية في نهاية مارس 2018م عندما أوصت اللجنة الفنية بالهيئة في اجتماع لها برئاسة الدكتور محمد المداني رئيس الهيئة بمنع تسجيل أي شركات أدوية جديدة لديها نفس الأصناف المحلية بهدف تشجيع الصناعة الدوائية الوطنية والمستثمرين لإقامة مصانع أدوية جديدة.
المتوكل: 2020 عام إعادة الثقة بالطبيب والدواء اليمنييَن
انتقل تفاعل الجهات الرسمية مع الصناعة الوطنية الدوائية إلى رأس هرم القيادة السياسية للبلد، حيث وجه رئيس المجلس السياسي الأخ مهدي المشاط في 5/ يناير الجاري 2020م بإعفاء مدخلات الإنتاج الدوائي من كافة أنواع الرسوم.
خطوات هامة عززها في السابع من يناير الجاري 2020 وزير الصحة العامة والسكان الدكتور طه المتوكل، بإعلان رسمي لمنع استيراد عشرة أدوية أساسية من الخارج، موجهاً شركات الأدوية ومستوردي ومنتجي الأدوية والمستلزمات الطبية صناعتها داخل البلد لتعزيز التنافس بين منتجي الأدوية في البلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
لم يكتفِ الدكتور طه المتوكل بذلك بل أعلن بأن العام الجاري 2020م عام إعادة الثقة بالطبيب والدواء اليمنييَن، مثمناً دور شركة شفاكو للصناعات الدوائية في صنع دواء “لام فلو” لعلاج انفلونزا الخنازير، ذلك الإعلان جاء خلال مشاركة الوزير في تدشين برنامج التعاقد لتوريد الأدوية بين الصناعة الدوائية الوطنية ووزارة الصحة.
خبرات وكفاءة
تنتج 9 شركات محلية خاصة في تصنيع الأدوية ما يقارب 1200 صنف دوائي مختلف بحسب رئيس الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية ـ رئيس مجلس إدارة شركة سبأ فارما الدكتور إحسان الرباحي.
وأثناء تدشين برنامج التعاقد لتوريد الأدوية بين الصناعة الدوائية الوطنية ووزارة الصحة – شدد رئيس مجلس النواب الشيخ يحيى الراعي، على ضرورة دعم ومساندة المصانع الدوائية الوطنية.. مشيدا بما قدمته خلال الفترة الماضية في سبيل خدمة الوطن والمواطن.
الراعي: البرلمان سيصدر قراراً بإعفاء مدخلات الصناعة الدوائية الوطنية
وأكد الشيخ الراعي بأن البرلمان سيصدر خلال الجلسات القادمة قرارات تقضي بإعفاء مدخلات المنتجات الدوائية المحلية من الرسوم.
بن حبتور: نعمل على تذليل معوقات الصناعة الدوائية وليس هناك أشرف من منح الدواء لمريض محتاج
وتجسدت الرغبة الجادة في دعم الصناعة الدوائية الوطنية بتأكيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور بأن الحكومة معنية بتسهيل كل الإجراءات والصعاب التي تواجه المؤسسات في القطاع الخاص وعلى رأسها المصانع والشركات الدوائية الوطنية التي وقفت إلى جانب الدولة في أحلك الظروف، موضحاً بأنه ليس هناك أنبل ولا أشرف من أن يقدم الدواء لمريض محتاج.
بداية الألف ميل
وأشاد بن حبتور أثناء تدشين برنامج التعاقد لتوريد الأدوية بالدور الوطني لشركة شفاكو في تدشينها أول منتج يمني لعلاج مرض أنفلونزا الخنازير H1N1 الذي تحول إلى وباء يضرب جميع محافظات الجمهورية، مبيناً أن إنتاج هذا الدواء يعد حدثا استثنائيا في تاريخ اليمن بعد أن أثبت القطاع الخاص كفاءته وبات ينشغل بهموم ومعاناة المواطنين والتخفيف من آلامهم.
موضحاً أن انتاج دواء جديد يساهم في علاج وباء انفلونزا الخنازير يؤكد قوة الإرادة اليمنية في الدفاع عن كيانها في أحلك الظروف.
الرباحي: الدواء المحلي يغطي 35% من السوق
بدوره أوضح الدكتور إحسان الرباحي أن الصناعة الدوائية المحلية متواجدة دائماً بجانب المجتمع اليمني مستشهداً بتدشين شفاكو بداية العام 2020 دواء انفلونزا الخنازير وكذلك ما أنتجته شركة سبأ فارما من أدوية خلال عامي 2017ـ 2018 خاصة ماهو متعلق بعلاج الكوليرا لجميع الفئات.
يستطرد الرباحي ” استكملت شركة سبأ فارما في مايو 2019 انتاج مضاد حيوي متخصص للقضاء على مرض الكوليرا عند الأطفال حديثي الولادة، مع مراعاة خصوصية جميع مراحل الطفولة إذ يمكن ان يعطى حتى للأطفال الذين وزنهم 3 كم وتعتبر الشركة هي الأولى في الشرق الأوسط التي أنتجت هذا الصنف، حد قوله.
السنباني: جاهزية عالية تؤهلنا للإنتاج بجودة وفعالية
يعتبر نائب مدير عام الشركة الدولية لصناعة الأدوية (فارما كير) الدكتور أحمد محمد السنباني التوجيه بإعفاء مدخلات الصناعة الدوائية من الرسوم من أهم القرارات الوطنية الإنسانية والاقتصادية التي اتخذها رئيس المجلس السياسي.
يؤكد السنباني” الصناعة الدوائية الوطنية في جاهزية عالية لمواكبة جهود ودعم الجهات الرسمية وهي محل ثقة المجتمع اليمني، وقد سبق وأثبت الدواء المحلي فعاليته وجودته مقارنة بالدواء المستورد”.
وبينما رحب الدكتور الرباحي بإعفاء مدخلات الصناعة الدوائية من الرسوم يعتب في ذات الوقت على الجهات الرسمية لعدم استجابتهم للاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية في متابعتهم ومطالبتهم ـ أي الصناعة المحلية ـ بالإعفاء خلال العشر السنوات الماضية.
وبحسب الرباحي فأن الاعفاء يمثل نسبة من 5ـ 10 % من قيمة مدخلات الصناعة الدوائية التي تتراوح بين 20 إلى 25 مليون دولار سنوياً. وقد طالب باعفاء الصناعة الدوائية من الضرائب الأخرى تشجيعا لها كون ذلك سيساهم في تخفيض سعر الدواء للمواطن.
ويتفق الرباحي والسنباني مع الشهاري في أن اعفاء مدخلات الصناعة الدوائية من الرسوم سينعكس إيجابياً على تطوير الصناعة المحلية وكذلك على اقتصاد البلد وسعر الدواء للمرضى.
يعلق الرباحي على قرار الإعفاء بقوله: ” سيحقق للصناعة المحلية المساواة مع العلاج الأجنبي المستورد وهي من ابسط حقوق المنتج الوطني”. مشيراً إلى أن الصناعة الدوائية الوطنية لم ترفع سعر الدواء رغم ارتفاع الدولار وهذا يتطلب من الجهات الرسمية دعما أكبر لهذا القطاع الذي يراعي ظروف المجتمع اليمني.
ويدعو الرباحي مجلس النواب لسرعة إقرار الاعفاء الخاص بكافة الرسوم الجمركية بمدخلات الصناعة الدوائية بعد أن استكملت اللجان المختصة بالمجلس مناقشته وأقرت باستحقاق الدواء المحلي للإعفاء، مشيراً إلى أن عدم إقرار المجلس الإعفاء سيظل حبرا على ورق
تبلغ نسبة تغطية الدواء المحلي في السوق اليمنية من 30 _ 35% وتسعى إلى رفع تلك النسبة إلى 60% مع نهاية 2025 كما يقول الدكتور الرباحي.
خميس: نتمنى أن نلمس قرار الإعفاء على أرض الواقع
مدير عام مصنع فريسيا فارما الدكتورامين يحيى خميس يشيد بدور الجهات الرسمية في دعم الصناعة المحلية للدواء الوطني مطالبا لهم في ذات الوقت بسرعة ترجمة تلك التوجيهات على ارض الواقع خدمة للوطن والمواطن.
وأكد خميس ان الدواء المحلي ذو فعالية عالية ومضمونة حيث تم تصنيعه وفق المتطلبات والمعايير العالمية للتصنيع الدوائي وتحت رقابة دائمة من الجهات المختصة في الجمهورية اليمنية.
واضاف ان الصناعة الدوائية في اليمن تشهد تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة حيث ان اغلب المصانع الدوائية اليمنية اضافت خطوط انتاج دوائية جديدة وعززت من طاقتها الانتاجية سعيا لتغطية احتياجات السوق المحلية في الظروف الراهنة.
مدعما تأكيده ” الدواء المحلي والوطني يوفر للمريض الدواء الآمن والفعال بشكل مستمر دون انقطاع كما يحصل مع الأدوية المستوردة بسبب الحصار الراهن.
وفي هذه الجزئية يضيف الدكتور محمد المداني :”قطعت الجهات المختصة خطوات كبيرة في طريق الألف ميل، من خلال الإستراتيجية الدوائية الوطنية وقرارات منع استيراد عشرة أصناف من الأدوية الأساسية وإعفاء مدخلات الصناعة الدوائية،.. ولازلنا نعمل على تحقيق نهضة حقيقية في هذا القطاع الهام”.
وفي ظل التوجهات الرسمية بمختلف قطاعتها وجاهزية القطاع الخاص الدوائي لرفع نسبة تغطيته للسوق الدوائية يؤكد الأستاذ أحمد الشهاري بأن من يتوكل على الصناعة الدوائية فهي حسبه.
* ملف العدد الـ 25 من الإصدار الورقي للمجلة الطبية لشهر يناير 2019م
Source : https://alttebiah.net/?p=5372