د. إحسان الرباحي
عندما ترتفع أمواج الأوبئة وتوشك اليمن على الغرق في بحر الأمراض والمعاناة بسبب غياب الدواء أو منعه من الوصول إلينا من قبل قوى العدوان، يتحتم علينا أن نجد وسائل إنقاذ مناسبة. وتغدو الصناعة الوطنية المحلية في واجهة الحلول لتكون قارب نجاة ليس لي أو لك أو له أو لها.. وإنما لشعب بأكمله بشماله وجنوبه وغربه وشرقه.
ومن الطبيعي أن تتحرك العجلة إذا كان من يدفع بها من هم على رأس هرم البلد، وستكون الحركة وبلوغ الجدوى أسرع وأنجع وأكثر إنجازاً عندما يساهم ويشارك المجتمع بمختلف شرائحه ونخبه في دفع هذه العجلة .
بدأت عجلة الصناعة الدوائية الوطنية بالدوران نحو تحقيق الأمن الدوائي الذي لا يقل أهمية عن الأمن الغذائي والعسكري أوربما يكون في كثير من الأحيان أهم من أي أمن آخر، فإذا كان المجتمع بلا دواء كيف سيحقق الأمن..؟ ومنها كيف سيوفر الغذاء..؟!
نعم تحركت العجلة وانطلقت بقوة لا عودة فيها إلى الوراء ولا توقف لوهلة، وذلك منذ أن أصدر رئيس المجلس السياسي الأعلى الأخ مهدي المشاط قراراً مطلع يناير الجاري بإعفاء مدخلات الصناعة الدوائية المحلية من الرسوم، وأتبعه وزير الصحة بقرار بإيقاف استيراد عشرة أصناف دوائية أساسية واستبدالها بقرار توريد الأدوية لوزارة الصحة من عشرة مصانع بواقع 100 صنف يتكفل كل مصنع بتوريد 10 منها.
كما سيزيد من تحرك العجلة نحو تحقيق الأمن الدوائي قرار الإعفاء من قبل مجلس النواب الذي نتمنى أن يتم خلال الأيام القريبة..
هذه الخطوة الهامة جاءت بعد عدة خطوات قامت بها وزارة الصحة ممثلة بالهيئة العليا للأدوية ووزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار..
ومن المسلم به أن كل تلك القرارات وما سار في مسارها سيسهم في نقل هذا القطاع الهام إلى مرحلة متقدمة وبفارق زمني قياسي.. وهو ما يحتم على شركات التصنيع الدوائي المحلي أن تكون على مستوى عال في الجاهزية للإنجاز والالتزام بمعايير التصنيع الجيد، وأن يعمل الجميع نحو هدف تحقيق الأمن الدوائي وتوفير أدوية الأمراض المزمنة وأدوية الأوبئة التي تظهر فجأة ويذهب بسببها المئات من الضحايا.
إن التوسع في استراتيجية التصنيع من قبل الشركات ضرورة، ومنافسة المستورد في الجودة والسعر شيء مهم لكسب وتعزيز ثقة المجتمع اليمني بالدواء المحلي، فعندما يلمس المجتمع ذلك من الصناعة الوطنية سواء في سعر الدواء أو المسؤولية المجتمعية سيكونون بلا شك جنداً لهذا القطاع.
منذ تعيين الدكتور محمد المداني رئيسا للهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، كان أكثر ما يؤرقه هو كيفية تحقيق الأمن الدوائي لبلد محاصر ويتعرض لأبشع الجرائم الإنسانية والتي من أبرزها حجز الدواء ومنعه من الدخول.
وتعالت تلك التنبيهات لدينا كصناعة محلية من واقع عدد من الدراسات والتقارير التي تشير إلى أن قطاع الصحة يعاني من مشاكل متعددة، وهو الأمر الذي حتم علينا مضاعفة الجهود في التخطيط والتنفيذ ووضع
الاستراتيجيات على المدى القريب لتحقيق الأمن الدوائي، وتحقيق ما أمكن وقد مضينا في تحقيق الكثير وبقي القليل.
وقفات:
* قبل أن أختتم مقالي هذا لا بد من وقفات أوضح فيها للمجتمع أهمية الصناعة الدوائية المحلية التي تقف دوما إلى جانب المجتمع، فعندما اجتاح الكوليرا البلد أنتجت شركة (سبأ فارما) دواء في الوقت المناسب لهذا الوباء الذي راح ضحاياه المئات ولم تكتف الشركة بتصنيع العلاج للبالغين وإنما أيضا للأطفال والرضع ذوي الشهرين وما فوق. وكان للشركة أثر فاعل في انحسار الوباء .
* كذلك عندما داهمت انفلونزا الخنازير البلد، شرعت شركة (شفاكو) للصناعات الدوائية بتحمل مهمة ليست بهينة، إلا على منشأة ناجحة وكادر مؤهل يمتلك أحدث الإمكانيات للعمل في تحت مختلف الضغوط.. (شفاكو) أنتجت دواء الخنازير ومنحت وزارة الصحة في 13 من يناير الجاري 5 آلاف باكت مجانا.. وهذا ما يدفعنا إلى أن ندعو المجتمع إلى دعم الصناعة المحلية.
* (المجلة الطبية) كان لها دور كبير في دعم الصناعة المحلية الدوائية من خلال المواد الصحفية التي ناقشتها وطرحتها وحثت الجهات الرسمية والخاصة بالتحرك نحو تحقيق الأمن الدوائي، الذي يعد أهم ركائزه الصناعة المحلية.. وهذا يدل على أن كادر المجلة يعمل تحت أهداف عامة وطنية لحشد الرأي العام والتأثير في الجهات الرسمية، وصولاً إلى إصدار قرارات أو توجيهات بالمعالجة، وهو يعد من أبرز وأسمى أهداف وسائل الإعلام.
* في النهاية هناك أشخاص يعملون بتفانٍ على تشجيع ودعم الصناعة المحلية، ولا بد أن أقدّم لهم الشكر نيابة عن الصناعة المحلية ،وفي مقدمة أولئك رئيس المجلس السياسي الأعلي الاخ مهدي المشاط، ورئيسا مجلسي النواب والوزراء الدكتور يحيى الراعي والدكتور عبد العزيز بن حبتور، ونائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد والتنمية الدكتور حسين مقبولي، ووزيرا الصحة والصناعة والتجارة الدكتور طه المتوكل والاخ عبدالوهاب الدرة، ورئيس الهيئة العليا للأدوية الدكتور محمد المداني ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار الاستاذ خالد شرف الدين، وفريق (المجلة الطبية) التي كتبت لها مقالي هذا على المساحات التي تخصصها للصناعة المحلية الدوائية.. وليعذرونا من نسيناهم فشكرهم في قلوبنا قبل أن تكتبه الحروف.
رئيس الإتحاد اليمني لمنتجي الأدويةـ رئيس مجلس إدارة شركة سبأ فارما
المصدر : https://alttebiah.net/?p=5704