الطبية تفك لغز العلاقة المشبوهة بين الأطباء وشركات الأدوية.. تفاصيل حصرية
mohammed alghobasi
-
– دراسة خاصة نفذها مركز الدراسات والإعلام الطبي: الأطباء يتعاملون مع شركات ووكالات أدوية معينة
وحدة التحقيقات
استضاف مندوب شركة الادوية مصطفى السلامي احد أطباء القلب المشهورين في العاصمة صنعاء على الغداء وقبل مغادرة الدكتور احد اشهر المطاعم حصل على تلفون آي فون الإصدار الأخير كهدية قدمها له مندوب الشركة.
قال مصطفى السلامي -26 عاما- للمحرر أن التلفون مقدم من الشركة التي يعمل بها هو كمندوب توزيع ,مكافأة بسيطة للدكتور على جهوده في الترويج للأدوية التي تبيعها الشركة.
التلفون غالي الثمن ليس كل شيء فهذا الطبيب يتقاضى مبالغ مالية كبيرة نظير وصف الادوية الخاصة بهذه الشركة لمرضاه ممن يعانون مشاكل في القلب، وبحسب السلامي فان معظم الأطباء خاصة المتخصصين في بعض الأعضاء المهمة كأمراض القلب و الكلى و الكبد و الأطباء الباطنيين يحصلون على مبالغ مالية و هدايا ثمينة تقدمها لهم شركات الادوية.
مرتبات شهرية
يحصل عدد من الأطباء والمتخصصين في الامراض المزمنة على مرتبات شهرية ثابته من شركات و وكالات ومصانع ادوية مقابل الترويج لأصناف هذه الشركات مهما كانت كفاءتها و يصفونها لمرضاهم مشددين عليهم الحرص على استخدام الأصناف المكتوبة في “الروشتة” وألا يرضوا بالبديل مهما كان نوعه.
وبحسب معلومات حصلت (المجلة الطبية )عليها من اكثر من مصدر فان متوسط المرتبات التي يتقاضاها بعض الأطباء من شركات ووكالات الادوية تتراوح من الف دولار الى 3 آلاف دولار في الشهر، وهذا يعد مبلغا باهظا مقارنة بمستوى دخل الفرد اليمني الذي لم يتجاوز في أحسن أحواله 100دولار شهريا.
وهذا يعكس حجم الترويج الذي يقدمه هؤلاء الأطباء لمنتجات واصناف الشركات التي يتعاملون معها.
يقول منصور الوصابي -42 عاما- : فقد الدكتور أعصابه و صرخ في وجهي منتقدا استخدامي لدواء الضغط غير الدواء الذي كتبه في الورقة، وعندما سالته هل الدواء الذي اشتريته سيؤثر على صحتي أجاب الطبيب لا وقال ان الذي وصفه لي افضل بكثير ، مع ان الدواء الذي اشتريته سويسري بينما الدواء الذي وصفه لي مصري.
ويضيف الوصابي في حديثه لـ المحرر: كنت اعتقد أن الدواء السويسري أفضل من المصري.
منصور وعد طبيبه بإعادة الدواء السويسري واستبداله بالمصري لكن الطبيب رفض وقال له يمكنك استخدام هذا الدواء هذه المرة باعتبارك قد اشتريته لكن في المرة القادمة يجب أن تلتزم بالتوجيهات و قد فعل منصور، منذ ذلك الحين اصبح يشتري الدواء المصري و يستخدم في الشهر ثلاثة “باكت” من الأقراص تقدر بـ5100 ريال شهريا.
عبدالسلام محمد -27- عاما قال: انه ظل يشتري لوالدته ادوية تصنع في الامارات لمدة اربع سنوات بناء على توصيه من طبيب باطني وعندما ذهب بها الى طبيب آخر اوصاه بتغيير الادوية لأن السابقة لا تتناسب مع مستوى درجة المرض عند والدته التي تعاني من مشاكل في الكبد، وقال لـ المحرر :أكاد اجزم بأن الطبيب له علاقة بالشركة المصنعة او الوكيل فقد لاحظت ان الطبيب يصف نفس الدواء لمعظم المرضى الذين يزورون عيادته فهل جميع مرضاه يعانون من نفس المرض و نفس مستوى المرض؟.
دراسة محلية
كشفت دراسة محلية نفذها مركز الدراسات و الإعلام الطبي أن الكثير من الأطباء يتعاملون مع شركات ووكالات ادوية معينة وأشارت الدراسة التي اعتمدت على استبيان ميداني تم توزيع على عينة عشوائية مكونة من 100 عامل وعاملة في 100 صيدلية في امانة العاصمة فان 75% من الصيادلة يعتقدون ان الاطباء يتعاملون مع شركات ووكالات ادوية معينة ويطلبون من المرضى شراء ادوية محددة حتى لو كانت كفاءتها اقل وسعرها اعلى.
وبحسب الاستبيان فان 24% من الصيادلة يرون ان الأطباء يفضلون استخدام مرضاهم لأدوية مستوردة لعدم ثقتهم بالأدوية المحلية، بينما قال 33% من العينة ان الأطباء نادرا ما يوصون المرضى باستخدام ادوية محلية وأجاب 1% ان الأطباء دائما ما يفعلون ذلك و قال 60% ان الأطباء في صنعاء أحيانا ما يوصون المرضى باستخدام الادوية المحلية.
وبحسب متخصصين تم اطلاعهم على بعض نتائج الاستبيان فان هذا التصرف دفع المواطنين الى فقدان الثقة بالمنتج المحلي وهذا ما اثبتته نتائج الاستبيان الذي تم تنفيذه في يوليو الماضي، حيث بلغ نسبة الصيادلة ممن قالوا بان ثقة المواطنين وتقبلهم للأدوية المحلية ممتازة واحد في المئة في الوقت الذي أجاب 35% ان ثقتهم بالمنتج المحلي ضعيفة بينما يرى 51% من العينة ان ثقة المواطن اليمني بالأدوية المصنعة محليا مقبولة.
هذه جزء من نتائج الدراسة، التي تناولت الصناعة مشاكل و احتياجات الصناعة المحلية ومدى ثقة الناس واقبالهم عليها وأسباب اختيار وتفضيل منتجاتها عن البعض، بالإضافة الى الطرق والأساليب التي يمكن للصناعة المحلية ان تقوم بها من اجل تحسين مركزها في السوق و كسب ثقة العملاء والمرضى.
نسب و رحلات سياحية
لن تنحصر الهدايا التي تقدمها الشركات لبعض الأطباء على الهدايا العينية والمرتبات المنتظمة، لقد تعدت العلاقة بين الطرفين الى تمويل الشركات لرحلات سياحية للأطباء و عوائلهم الى الخارج تستمر من عشرة أيام الى شهر.
كمال عامر “اسم مستعار” لمندوب في احدى اهم شركات الادوية في اليمن قال لـلمحرر ان شركته مولت رحلات سياحية لعدد من كبار الأطباء الى دول مثل ماليزيا و مصر ولبنان والأردن”، وأضاف بعد ان طلب عدم ذكر اسمه “هذا يحدث باستمرار، “هذه احدى الطرق والأساليب التي من خلالها تحافظ الشركة على مستوى مبيعاتها في السوق” .
وقال عامر لـ (الطبية): إن معظم الشركات الدوائية الكبيرة تقوم بمثل هذا الاجراء وانه غير مستغرب من قبل احد، وأشار الى ان هناك أطباء اصبح “من المعروف” انهم يتعاملون مع شركات معينة و هناك احترام بين الشركات لهذا الاجراء، ما يعني انه عندما يتعامل الطبيب الفلاني مع الشركة الفلانية فان باقي الشركات تحترم هذا التعامل ولا تحاول التدخل لإفساد العلاقة، واردف قائلا “لكن هناك شركات وخاصة الجديدة تفعل ذلك من باب المنافسة والحصول على حصتها في السوق”.
بالإضافة الى الرحلات الترفيهية يحصل بعض الأطباء على عينات مجانية من الشركات ومن ثم بيعها للصيدليات و الحصول على اثمانها.
يقول الصيدلي سمير البراق ان هناك أطباء يأتون إلى صيدليته ليبيعون له كميات من الادوية حصلوا عليها من الشركات كعينات وأضاف “تتجاوز العينة أحيانا خمسين علبة أو باكت ” بالتأكيد عندما تمنح الشركة هذه الكمية من الدواء لطبيب فهي تعلم تماما انه لن يستخدمها وإنما سيبيعها وهذا ما يحدث دائما.
ثراء مشبوه
“البونص” أو النسبة أو الراتب هو ما يتقاضاه بعض الأطباء من شركات و وكالات دواء ساعدهم على تحقيق ثروات كبيرة في وقت قياسي لم يكونوا لينجحوا في جمع هذه الأموال في هذه الفترة الزمنية الا بالتعامل مع شركات ادوية بنظام النسبة او الراتب.
الدكتور راجح عوبل ،طبيب باطني، أكد في حديثه لـ(الطبية) أن هناك الكثير من الأطباء يحصلون على مبالغ مالية من شركات الادوية لكنه قال “أحيانا يكون الدواء ممتازا ولا مشكلة في وصفه للمريض” لكن هذا يعني أحيانا لا يكون الدواء ممتازا او مناسبا للمريض لكن الطبيب يفعل ذلك مفضلا مصلحته الشخصية على صحة وسلامة مرضاه وهذا يعد خطرا يتعرض له المرضى دون ان يكون مجال للاعتراض او الشكوى.
ميثاق شرف
“لا قانون يمكن ان يمنع طبيبا من الحصول على هدية تقدمها شركة او شخص او مؤسسة”، هكذا قال المحامي فيصل الشميري المتخصص في قضايا الأخطاء الطبية، وأضاف في حديثة لـ(الطبية) “لم اسمع بقانون يمنع هذا التعامل” موضحا انه حتى في حالة كان هناك قانون يمنع او يحرم حصول الأطباء على هدايا و معونات من قبل شركات ادوية فانه من المستحيل تطبيقه.
وأضاف الشميري بأن مثل هذه القضايا يجب أن ينظمها ميثاق شرف طبي، ورغم ان مواثيق الشرف غير ملزمة بتطبيقها الا ان وجودها مهم لتنظيم مثل هذه القضايا.
وفي ظل عدم وجود قانون أو ميثاق شرف ينظم هذه العلاقة يظل تعامل الأطباء مع الشركات والوكالات خارج عن أي رقابة ما عدا الرقابة الداخلية للطبيب والشركة وهي رقابة أخلاقية تتفاوت من شخص الى آخر بحسب مستوى الأخلاق و مراعاة صحة الناس وعدم إلحاق الضرر بالمرضى، بالإضافة الى مستوى الوازع الديني عند الشخص.