المجلة الطبية

نحن و الكورونا … ببساطة!

-
عبدالله الرعوي

– كورونا يغزو دول العالم الكبيرة دون رحمة كغزو المغول أو أشد غزواً، بينما الدول والمجتمعات الفقيرة إصاباتها لا تكاد تُذكر أو أنها لم تصاب بتاتاً،

– نتساءل كلنا!! إذا كانت دول ضخمه مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، تمتلك أنظمه صحية قوية وفريدة وحصل لها ما حصل!!

فما الذي سيحصل في مجتمعاتنا ودولنا الفقيرة!!

بل ذهب البعض إلى اتهام الحكومات بالتحفظ والإنكار عن وجود فيروس كورونا.

ببساطـة أقـول:

في أيام البرد القارس إن قمنا بالمقارنة على سبيل المثـال، يحدث أن تسكن أسرتين بنفس الحي أو الشارع أسـرة غنية وأُخرى فقيرة، الغني يأخذ احتياطاته من فرش وبطانيات وإغلاق النوافذ بإحكام وتشغيل الدفايات وسخانات المياه وارتداء ملابس الصوف والجاكيتات، وتغطية الرأس والقدمين، وشرب السوائل الدافئة وتناول الفواكه الطازجة والبرتقال والليمون ويذهب للدوام بسيارته بعد شروق الشمس بساعتين، ولا ينسى تشغيل مكيف السيارة لتدفئته وهو في طريقه إلى العمـل لمدة عشر دقائق، يستخدم الرجل الغني كل الوسائل المتاحة للتدفئة والوقاية من نزلات البرد، لكنه رغم هذا كله يصابُ بها عند وجود أدنى سبب،ويصاحبه الزكام واحتقان الأنف طيلة أيام البرد رغم أدوية الأطباء ووصفات الحكماء!!

– بينما في الكوخ المجاور يسكن رجلٌ فقير(كُل أيامه سواء) لا فرق بين صيفٍ أو شتاء، يخرج من بيته عند بزوغ الفجر حافيَ القدمــين مكشـوف الرأس باحثاً عن بقايا البلاستيك في مكب النفايات،

ليعود بعدها بساعة يمتطي صهوة دراجته النارية متجهاً صوب الجولة .. أي جولة..وأي سوق وأي مدخل حارة يغطي رأسه بشال خفيف – لا علاقة له بالصوف ولا بالقماش – منتظراً لأول راكب مستعجل ليوصله إلى وجهته بمبلغ 250 ريال، ثم يعود بعدها سريعاً إلى بوفية العم مهيوب في شارع الستين يفطر بخمس حبات خمير ويحتسي كوباً من الشاي منتظـراً راكباً آخـر يأخذه في مشوار أبو خمسمائة ريال، يشتري منها لتر بترول وما تبقى روتي لأولاده الصغار الذين ما أن تشرق الشمس حتى تتعالى أصواتهم في الحارة يلعبون بالتراب ويحتضنون الأحجار الباردة يكسوها طل الندى،يقذفها أحدهم في الهواء كالدُمية فترجع وتصيب أصابع قدميه،يقهقه الآخرون من حوله بسخرية، فيواصل اللعب..غير آبهاً بضحكاتهم التي تطغى على صوت الألم القادم من قدميه!!

– يعيش الفقير مع أولاده في الكوخ.. لا ليمون ولا زكام، ولا ألم ولا بكاء،

ولا فرش ولا برد،

ولا سعال ولا زنجبيل، ولا مرض ولا دواء.

ذلك ( أن الله يجعل لكل ضعف لطف، ويدي البرد على قدر الدفاء )

*قل لله الأمر من قبل ومن بعد

Exit mobile version