د. تركي القباني
التشخيص الصحيح للمشكلة يكشف لنا أن لدينا مشاكل مركبة أبعد من كورونا ، وأننا عاجزون عن مواجهة أبسط الأوبئة منذ زمن والموت يفتك بنا من كل جانب والأمر لدينا طبيعي جدا، والآن مع استنفار العالم لمواجهة كورونا نحاول أن نركب الموجة، ويرتفع لدينا الوعي ونهتم بمتابعة الأخبار اليومية وتبادلها حول كورونا.
واغلبها استهلاك إعلامي وسياسي فج، وحب بث الشائعات والإرهاب النفسي للناس فوق ما هم عليه من ظروف سيئة وعيشة ضنكا.
للعلم :
يبلغ معدل الوفيات في اليمن ٥.٩٨ حالة وفاة لكل الف من السكان كأعلى معدل وفيات في العالم
وهذا يعني أن متوسط عدد الوفيات في اليمن سنويا من عام ٢٠١٥ إلى عام ٢٠١٩ يصل إلى ١٨٠ ألف حالة وفاة سنويا، بمعنى أن المتوسط اليومي لعدد الوفيات ٥٠٠ حالة وفاة تقريبا .
تصور أن ٥٠٠ خبر وفاة وتعزية تصلك يوميا في صفحات التواصل الاجتماعي سيكون الأمر مزعجا جدا خاصة إذا كانت تلك الوفيات تنسب إلى مرض محدد جميعها.
وتتوزع تلك الحالات بين عدة مسببات منها:
الأطفال حديثي الولادة ، الأمهات الحوامل، كبار السن ، مرضى الملاريا السرطان الكوليرا الضغط السكر الفشل الكلوي الكبد الأمراض التنفسية و الأمراض الأخرى بمختلف أنواعها، الحوادث ، القتل، الغرق وغيرها، وهذه سنة طبيعية في الحياة.
الان ومع وجود التهويل الإعلامي والحالة النفسية التي تولدت لدى الناس من وباء كورونا أصبحت أي حالة وفاة في المهرة أو في عدن أو صنعاء أو سقطرى أو مأرب أو غيرها من محافظات ومدن ومديريات وقرى الجمهورية يتم تداولها. على صفحات التواصل على أنها بسبب كورونا.
ويتم استخدامها من قبل البعض لبث الرعب في الناس وإشاعة الخوف واستخدامها لأغراض سياسية لتحميل الخصوم السياسيين مسؤولية ذلك.
مع أننا ندرك الخلل الكبير في المنظومة الصحية في عموم الوطن.
والحقيقة أن مشكلتنا الصحية في اليمن ليس مع كورونا، فنحن نختلف عن بقية العالم، وعلينا أن نستغل جائحة كورونا لإصلاح الوضع الصحي في بلادنا.
قبل أن نتحدث عن مواجهة كورونا، علينا أن نواجه الأمراض الأخرى التي تفتك بنا يوميا والأسباب الأخرى التي تخطف أرواحنا، وعلى وزارة الصحة والقطاع الخاص والمجتمع بشكل عام الوقوف صفا واحدا للحد من الوفيات بالأسباب التالية:
الملاريا
الحميات بجميع أنواعها
السرطان
الكوليرا
الأمراض التنفسية
الأمراض المعدية
وفيات الأطفال
وفيات الأمهات أثناء الولادة
الضغط السكر الفشل الكلوي الكبد
الأخطاء الطبية القاتلة
الوفيات بسبب الحوادث
بسبب المشاكل والثارات
هذه الأمراض التي نجحت اغلب دول العالم في مواجهتها منذ وقت مبكر.
لا بد من تبني استراتيجية صحية لمواجهة كل ذلك وإحداث ثورة حقيقية في المجال الصحي إذا كانت حياة اليمنيين تمثل أهمية بالنسبة لنا.
لا تشغلوا انفسكم بكورونا ، لا يزال الوقت مبكرا أن نتحدث عن قدراتنا في مواجهة هذا الوباء العالمي.
مستشفياتنا ليست الا بؤر للوباء،غرف العناية المركزة ليست الا غرف للانعاش ،ومراكز تجارية لجني الارباح، والمراكز الصحية تفتقر إلى أبسط المقومات.
المنظمات ليست إلا تجارة بآلام الناس وأرواحهم مقابل خدمات شكلية لا أثر حقيقي لها في حياة من تتسول بإسمهم.
مواجهة كورونا تعتمد على الوعي المجتمعي والفردي بالاحترازات الوقائية ولا علاج أو لقاح إلى الان .
ركزوا على ما يمكن فعله:
إذا نجحنا في تقليل اعداد الوفيات بسبب ما تم ذكره أعلاه.
فمن يموت بكورونا نحتسبه شهيد عند الله إلى أن يكشف الله عنا هذا الوباء ويصرفه ويجد العالم دواء ناجع له.
قد نكون أخطر على بعضنا البعض من الأوبئة والأمراض ومن الوحوش.
من نقتلهم منا بأيدينا سنويا يمثلون نسبة أعلى من أي مرض قاتل آخر.
أكثر من عشرة الف مريض سنويا يتعالجون في الخارج ، تكلفة العلاج في الخارج سنويا تزيد عن ٤٠ مليار ريال.
الخلاصة أنه ليس كل من يموت بسبب كورونا.
وختاما :
(( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون# فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون))
نتضرع إلى الله العلي القدير اللطيف الخبير الرؤوف الرحيم
أن يرفع عنا البأس ويكشف عنا الغمة ويصلح أحوالنا
هو حسبنا ونعم الوكيل
* نائب رئيس جامعه الرازي
المصدر : https://alttebiah.net/?p=8097