بلا شك ان العالم يعيش حالة صراع وتحد لم يسبق أن شهده من قبل وهو يواجه كائنا مجهريا دقيقا لا يرى بالعين المجردة ولكن الجميع يدرك آثاره وعواقبه الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.
وغني عن القول تكرار ما قد قيل عن المواجهة غير العادلة بين جيوش الصحة وهذا الفيروس الخطير والذي ينصب مصائده بعدة طرق بما فيها الملامسة للأسطح ثم ملامسة العين أو الأنف أو عن طريق استنشاق افرازات شخص مصاب.
وبسرعة مخيفة تتضاعف أعداد الحالات لينتهي المطاف بحالة من العجز والانهيار للأنظمة الصحية في التعامل مع الحالات المصابة ومنع انتقال العدوى منها للآخرين.
في اليمن وحتى ما قبل كورونا كان النظام الصحي في حالة شبه انهيار وبالتالي فان التعويل عليه او على عمليات تجميله وتعزيز قدرته من أجل مواجهة حالات كورونا كخيار أمر واقع لم يكن حكيما إذ أن منع دخول الفيروس من أساسه من خلال ضبط منافذ الدخول ومنع دخول الحالات المصابة الى البلاد واستغلال كثير من العوامل الإيجابية التي أبقت اليمن ولفترة طويلة خالية من الإصابات كان أكثر اهمية وفي مقدمة الاولويات بدلا من ترقيع نظام لا تجدي معه أي عملية ترقيع خصوصا وقد انهارت العديد من الانظمة الصحية الكبيرة في كثير من البلدان !!
والآن ..وقد صار ما صار …وبعد أن وقع الفأس في الرأس …تبدو الاستجابة الوطنية في مواجهة الفيروس كاستجابة الأصنج في زفة خصوصا وان الشائعات تنتشر انتشار النار في الهشيم في ظل تشكيك بما يصدر عن البيانات والارقام حول الوضع من قبل السلطات الرسمية.
ومن الناحية المجتمعية يبدو المشهد كارثيا في ظل اللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية من كثير من ابناء المجتمع وعدم الالتزام بالاحترازات الوقائية فضلا عن الغياب التام للمبادرات المجتمعية والقطاع الخاص في تعزيز وتقوية الاستجابة الوطنية حماية للصحة في المقام الأول والتي بدورها تلعب دورا حيويا في حماية وانقاذ الاقتصاد من مخاطر الانهيار.
وعلى العكس نشهد حالة من الجشع والاستغلال من قبل القطاع الخاص ولا نكاد نسمع أو نرى أي مساهمات أو مبادرات لمد يد العون للجيوش البيضاء في مواجهة أشد الحروب فتكا وتدميرا عبر فيروس لا يرحم أحدا ويصنع الكثير من المعاناة والبؤس والشقاء.
وهنا وحيث ان العالم ما يزال يبحث عن الدواء فإن من الأهمية بمكان الاعتماد على الوقاية وفي المقدمة وقاية الجنود في الصفوف الأمامية للمواجهة بأدوات السلامة والوقاية الكافية …ليس ذلك فحسب بل إن من الواجب مساندتهم ودعمهم نفسيا ومعنويا وماديا.. فهم بعد الله وسائل الرعاية والحماية والاتقاء.
وعلى غرار حملة دوائي التي اعتدنا على إطلاقها سنويا خلال ايام الشهر الفضيل من قبل شركة يمن موبايل ولم نسمع عنها هذا العام نتمنى ان تتبنى شركات الاتصالات وغيرها من الشركات الوطنية حملة وطنية مجتمعية لمساندة الجيوش البيضاء من خلال تخصيص نسبة محددة من عمليات الشحن والتسديد وتعبئة الأرصدة لصالح جهود مكافحة فيروس كورونا وبدلا من ان تكون حملة دوائي يمكن إطلاق اسم وقائي لهذه الحملة.
ومن المخجل ان تظل تلك الشركات في حالة إحجام برغم ما يصلها من الأخبار حول المبادرات في عدد من أقطار العالم برغم أفضلية تلك الاقطار في قدرات أنظمتها وكوادرها الصحية في مواجهة الوباء.
لن تكفي شعبنا تخصيص نغمة او عدد من الرسائل النصية من أجل التصدي للفيروس …بل إن كل مكونات المجتمع وأطيافه وفي مقدمتها شركاته وبنوكه وأسواقه ورواد اقتصاده للتسابق والتنافس من أجل إنقاذ اليمن من هذا الفيروس وعواقبه وتبعاته …. لن نطالب من أحد الاقتداء بما فعلته ملكة ماليزيا التي اعلنت ان أقل واجب يقدم للأطباء والكوادر الصحية هو ان تشارك بنفسها من أجل الطباخة لهم …كلا ولكن إن لم يكن هكذا فشيئا ما.
كم ما مات :
للكمامات واستخدامها حكايات وبعض الممارسات الخاطئة التي قد تؤدي إلى مزيد من الانتشار للحالات بدلا من الوقاية منها وهنا بعض الأمثلة:
1-نسبة الوقاية باستخدام أفضل أنواع الكمامات لا تصل إلى 100% وبالتالي يخطئ من يتصرف بثقة زائدة كونه يلبس الكمامة ولا يتخذ باقي الاحتياطات وقد يكون عرضة لالتقاط الفيروس وربما أكثر من غيره.
2-بعض المحاكم في أمانة العاصمة منعت دخول الزوار إلا بلبس الكمامة …البعض ممن تستهويم لذة المخالفة والتحايل كانوا ينتظرون خروج زوار من بوابة المحكمة لطلب كماماتهم واستخدامها للدخول من جديد دون اعتبار لما قد تحمله من مخاطر على صحتهم وصحة أهاليهم.
3-لوحظ البعض في محلات بيع الكمامات او البسطات التي تقوم ببيع كمامات من الصنع المحلي بتجريب الكمامة ثم إعادتها لعدم ملاءمتها له من ناحية الحجم أو المتانة أو غيرها .. لتصبح بذلك سببا من أسباب انتقال الفيروس بدلا من الوقاية منه .
4-الكمامات تؤدي غرضا مزدوجا حماية صاحبها من انتقال الفيروس اليه من الآخرين والعكس صحيح.. البعض لا يدرك ذلك ويمارس بعض الممارسات التي تتسم بالغباء على سبيل ذلك المشهد الذي يقوم أحدهم فيه بنزع كماماته جانبا ليقوم بالبصق في الشارع وأمام عامة الناس وبصورة مقرفة ومقززة.
5-حالات وفاة يتم الحديث عنها وتبادل اخبارها في أوساط برامج التواصل …هل هي نتيجة التشارك بأخبار لم تكن في أولويات التواصل ..أم أن هناك ظاهرة تستدعي التشخيص والبحث عن اسبابها …سؤال ينتظر اجابات عملية بعيدا عن التعتيم او التضخيم.
6-ختام الختام دعوة من جديد للاهتمام ونصائح وارشادات نود التذكير بها وقمنا بنشرها في مقال سابق تحت عنوان سباعيات من أجل الوقاية من كورونا …. نتمنى العودة إليها وقراءتها والعمل على تطبيقها والالتزام بها قدر الإمكان ، وشاركوها مع غيركم فالوقاية للجميع ولكنها لا تتحقق إلا بالجميع !! وقانا الله واياكم وجميع خلقه من هذا البلاء …وكتب لنا ولكم العفو والعافية والمعافاة الدائمة …ودمتم بخير