المجلة الطبية

تحقيق صحفي يكشف استغلال مستشفيات العاصمة للنساء الحوامل

-

العمليات القيصرية .. موضة أم ضرورة

* 18 حالة ولادة قيصرية يوميا في مستشفى واحد

* أكثر من 8 آلاف عملية قيصرية بمستشفى السبعين خلال 2018

كانت تتحدث إلى صديقاتها عن الآثار التي تركتها عملية الحمل والولادة على جسدها، وما اذا خلفت فترة الحمل ترهلات او تشققات جلدية.

سامية صالح القحطاني -21 عاماً- لم تكن قد استعدت بشكل جيد للحمل لكنه حدث بعد حفلة زواجها بثلاثة اشهر، وكانت قلقة من آثار الحمل ، ورغم تطمينات صديقاتها إلا أنها استسلمت لرغبتها وقررت ان تكون ولادتها عبر عملية قيصرية لتجنب آلام الولادة والحفاظ على جسمها، حد قولها.

سامية ليست الوحيدة التي قررت خوض تجربة العملية القيصرية بدلا عن الولادة الطبيعية، الكثير من الفتيات حديثات العهد بالزواج يخضن هذه التجربة دون مراعاة الأضرار التي تخلفها العملية القيصرية, وهذا أدى الى ارتفاع عدد العمليات القيصرية التي أجرتها نساء يمنيات عن الحد الطبيعي والنسبة العالمية التي تحددها بين  الـ10- و15% من إجمالي الولادة الطبيعية، ما أثار استغراب وزارة الصحة في صنعاء ..

تحقيق/  محمد العزيزي

مدراء المستشفيات والمتخصصون في إجراء العمليات القيصرية لا يرغبون في الحديث عن تضاعف أعداد العمليات القيصرية وتجاوزها للنسبة العالمية خوفا من العواقب والإجراءات التي قد تفرضها عليهم وزارة الصحة العامة .. لكننا حصلنا على إجابة توضح حقيقة ارتفاع عدد العمليات القيصرية باليمن، فهناك دائما من يود قول الحقيقة وقد وجدنا أحدهم في أحد المستشفيات .

طبيبة متخصصة في النساء و التوليد- وطلبت عدم ذكر أسمها تجنباً لمشاكل قد تتعرض لها  قالت ” العمليات القيصرية ارتفعت لأنها تتم في الغالب في بعض المستشفيات التي تعمل فيها طبيبات أو أطباء أجانب, حيث تغري المستشفيات هؤلاء الأطباء بالراتب وعمولات أو النسب المالية من العمليات وبالتالي مجرد أن تزور النساء الحوامل الأطباء يهولون عليهن الأمر ويوهمونهن بصعوبة الولادة كقلة المياه حول الجنين وضيق الحوض وأشياء اخرى ” .

وتضيف في حديثها لـ”المجلة الطبية”أن أحد أسباب ارتفاع عدد العمليات القيصرية تزايد عدد النساء الشابات اللائي يخشين آلام الولادة وعدم رغبتهن بالولادة الطبيعية  وأشياء أخرى هي خصوصية تعلمها النساء خاصة الشابات لها علاقة بالجانب الأنثوي ، وتؤكد أن هؤلاء الشابات يخضعن للعمليات قبل موعد الولادة بأسبوع أو أسبوعين.

الطبيبة المتخصصة حذرت من خطورة هذا الإجراء لأن الولادة بالعملية القيصرية تكون لثلاثة ولادات فقط وبعدها لا تستطيع المرأة أن تنجب مجددا بالإضافة إلى ما تتركه تكرار العمليات من  تشوهات في بطن وجسد المرأة  وتسبب لها مضاعفات وعواقب صحية وخيمة .

موضة و لكن نادرة

أما الدكتورة لمياء الشرجبي -أخصائية نساء وولادة- بمستشفى الأم لا تعتقد ان الأمر قد أصبح أشبه بالموضة عند الشابات إلا انها تستدرك بالقول “هناك طلبات من بعض النساء لإجراء عملية قيصرية قبل موعد الولادة و لكنها نادرة و لم تكن ظاهرة حتى الآن” مؤكدة انهم في مستشفى الأم لا يوافقون على هذه الطلبات ، ومع هذا فإن إدارة المستشفى رفضت ان تمدنا بإحصائيات عن  عدد العمليات القيصرية التي أجريت خلال العام الماضي بحجة إن الإدارة هي مكلفة من المحكمة ” الحارس القضائي ” لإدارة المستشفى .

18 ولادة قيصرية يوميا

برغم أن مستشفى السبعين للأمومة والطفولة بأمانة العاصمة لم يعلن عن مجانية خدمة الولادة الطبيعية والعمليات القيصرية مع الفحوصات إلا من فبراير العام الماضي إلا أن الإحصائية صادرة عن المستشفى تشير إلى أن إجمالي الولادات التي تمت بقسم الولادة بالمستشفى خلال العام الماضي ثمانية آلاف و986 ولادة طبيعية وقيصرية بمعدل 24 حالة ولادة في اليوم الواحد، وبينت أن معدل الولادة الطبيعية والقيصرية ارتفع منذ بداية الشهر الجاري بنحو 50 حالة ولادة طبيعية و18 حالة ولادة قيصرية في اليوم الواحد.

وتشير الأرقام  إلى أن المستشفى يقدم خدمات طبية لأكثر من ثلاثة ملايين نسمة بالعاصمة صنعاء بالإضافة الى المواطنين الوافدين من المناطق المجاورة باعتباره المستشفى التخصصي الأول على مستوى الجمهورية .

تجاوز النسبة العالمية

حول هذا الموضوع أكد الدكتور مطهر المؤيد -مدير عام مكتب الصحة- بأمانة العاصمة ان الحد الطبيعي للعمليات القيصرية يكون من 10 إلى 15 % من إجمالي الولادة الطبيعية، وقياسا بهذه النسبة تعتبر العمليات القيصرية التي أجريت في مستشفى زايد والمستشفيات الأخرى خلال العام الماضي مرتفعة جدا وقد اتخذنا إجراءات حازمة للتقليل من العمليات وعدد الحالات في هذا الجانب.

واضاف المؤيد في حديثه لـ”المجلة الطبية” ان عدد حالات عمليات الولادة القيصرية مرتفع وقال ” في الفترة الماضية كانت العمليات في مستشفى زايد مجانية وهو أيضا يستقبل حالات من خارج أمانة العاصمة” ومع ذلك فقد كان العدد مبعثاً للتساؤل مما جعل وزير الصحة يوجه بالتحقيق مع مدير المستشفى والكادر الطبي وكشفت التحقيقات أن ملفات العمليات كان طبيعي وليس هناك مخالفة ..

ويعتقد الدكتور مطهر المؤيد  أن هناك عمليات أجريت لبعض الشابات المتزوجات حديثا تحت أعذار عدم القدرة على الولادة الطبيعية وأصبحت موضة عند بعضهن وأن بعض العمليات أجريت في مستشفيات خاصة وعامة برغبة ورضى الفتيات، لكنه عاد ليؤكد أن هذا النوع من العمليات قليل وربما نادر في اليمن.

الأرقام التي حصلنا عليها مخيفة ومفجعة مقارنة بعدد المستشفيات الحكومية و الخاصة التي تجري مثل هذا النوع من العمليات الجراحية .. والأخطر من ذلك أن يكون تحقيق المكسب المادي هو من يقف خلف ارتفاع أعداد العمليات القيصرية بالإضافة الى انتشار ثقافة الموضة بين المتزوجات الشابات وهذا ما دفع وزارة الصحة الى إغلاق مستشفيات وإجراء تحقيقات حول هذا الموضوع بعد ان بلغت نسبة الولادة عبر العمليات القيصرية 50% من أعداد النساء اللائي يلدن في المستشفيات

Exit mobile version